Thursday  13/10/2011/2011 Issue 14259

الخميس 15 ذو القعدة 1432  العدد  14259

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الثقافية

 

عكاظ والعهد الجديد
عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف

رجوع

 

عادت عكاظ وعدنا في مرابعها

وأشرقت شمسها من بعد مهجعها

سوق لها في قديم العهد منزلة

وملتقى لوفود الضاد أجمعها

فبدعوة كريمة من أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل لحضور حفل افتتاح المهرجان السنوي بسوق عكاظ الذي رعاه نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مساء يوم الثلاثاء 22-10-1432هـ الساعة 8 فقد حضرنا بصحبة كوكبة من العلماء والأدباء، وبعض رجال الأعمال حيث بدأ الحفل بآيات من الذكر الحكيم، ثم استهل بكلمة ضافية لراعي الحفل الأمير خالد الفيصل رحب فيها بالحضور من أصحاب السمو الأمراء والعلماء والأدباء، وبالضيوف خارج البلاد وداخلها منوهاً بأهمية السياحة والعناية بالآثار التاريخية مسايرة للركب الحضاري، وقد ألمح في كلمته: - يحفظه الله - إلى عدم المبالغة في الإطراء والمديح، وإن كان الشاعر يقول:

يهوى الثناء مبرز ومقصر

حب الثناء طبيعة الإنسان

ثم كلمة صاحب السمو الملكي الأمير المحبوب سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العليا للسياحة والآثار التي أفاض فيها مذكراً بأهمية التنشيط السياحي، والحفاظ على الآثار في جميع نواحي المملكة، فدعمه السخي لمواكبة الدول المتقدمة سياحياً لا ينكر..، كما شكر جميع العاملين المخلصين في الميدان السياحي عموماً، ثم ألقيت بعض الكلمات الجزلة، والقصائد الرائعة التي جددت ذكر عكاظ بعدما أطال الدهر سباته قروناً، فأيقظ ذكره وجسد موقعه بسخاء باذخ جداً (أبو متعب) خادم الحرمين الشريفين ملك القلوب ملك البلاد السعودية عبدالله بن عبدالعزيز - أمد الله في عمره على أحسن حال - وأسعد رجاله المخلصين في كل المجالات البناءة والتنموية لمسايرة عصر الحضارة والرقي، فأصبح وأمسى موقع عكاظ الآن معلماً سياحياً بارزاً في المنطقة الغربية منطقة الحجاز ومكة المشرفة، تؤم بكثافة عالية:

جاءت إليها وفود الأرض قاطبة

تسعى اشتياقاً إلى ما ((جدد الباني))

وقد تخلل ذاك المنتدى بعض المداخلات من الأدباء والمثقفات، ثم جاء عرض لمسرحية الشاعر الكبير شاعر الحكمة زهير بن أبي سلمى، وقد شد الحضور ما شاهدوه من عروض مميزة لمحاكاة أولئك القوم في ألبستهم وحركاتهم الذين كان لهم إجتوال وتموجات في هاتيك الميادين، ثم بادوا كما بادت قبلهم أمم، وكان سوق عكاظ في تلك الحقبة الزمنية الموغلة في القدم ملتقى للقبائل والشعراء، والتجار في مواسم الربيع واعتدال الأجواء من كل عام..، حيث يحدوهم الشوق إلى الحضور من كل جانب من أنحاء الجزيرة العربية وبعض البلدان المجاورة لعرض منتجاتهم الحيوانية من أقط وسمن وأصواف وأوبار، بل وبتبادل البضائع بينهم وبين الحواضر بمختلف أنواعها وأشكالها ومصادرها..، فصلب الموضوع في تلك الحشود والتجمعات أن البعض منهم يتبارون ويتمارون بإنتاجهم الشعري مزهوين ومفاخرين بجودة أشعارهم، ومتانة أسلوبهم، وروعة أخيلتهم في سبك تلك القصائد الخالدة الآن، مثل المعلقات العشر، وغيرها من القصائد النادرة التي حفظت للغة العربية جوهرها وأصالتها، ويحضر في ذاك السوق محكمون أمثال النابغة الذبياني رئيس المحكمين في أبرز وأفضل القصائد ومعلقاتها، فهو من فحول شعراء الجاهلية:

وقد تربع للتحكيم نابغة

ينفي الهزيل ويعطي القوس صانعها

وهكذا أورد الشاعر المجيد: سعود بن عبدالله بن نغيمش السهلي هذا البيت رمزاً للشاعر النابغة الذبياني لمكانته العالية والحقيقة أن السياحة والعمل على إنجاحها لا يتم إلا بتوفر الخدمات في مواقعها حسب حجمها وأهميتها بإيجاد مصليات ومرافق صحية تعنى بالنظافة التامة، كذلك وجود الفنادق والشقق المفروشة، والمساكن بأحجام متنوعة غير مبالغ في إيجاراتها، مع توفر ملاعب للأطفال وحدائق متنفس لمن يقصدها، فالمملكة الآن تخطو بخطوات متسارعة، فكل منطقة وكل بلد تحرص على إبراز نشاطها، وعلى جلب السياح، وأكثرها اهتماما المطلة على البحار وشواطئها، كذلك المناطق الجبلية المعروفة بطيب أجوائها، ومعلوم أن منطقة عكاظ قد رصد لتطويرها المبالغ الباهظة طيرت عنها غبار الليالي الماضيات، فقد كانت أجواؤها مظلمة يسودها السكون والوحشة، وقد تُسمع في حافاتها أصوات بعض الطيور المسائية في عالي قلاعها وبقايا شراذم أسوارها،..! وكنا معشر طلاب دار التوحيد عامي 71- 1372هـ نقوم ببعض الرحلات في جوانب مدينة الطائف، وكانت الرحلات في تلك الأزمان لها مذاق خاص يحلو في ليليها السمر والمساجلات الشعرية، والتمثيليات الهادفة الترفيهية، فذات مرة قمنا برحلة حول أطلال عكاظ، وحينما أرخى الليل سدوله وأستاره على هاتيك الأجواء أمسينا في ظلام دامس حيث نفد الحطب الذي نستعمله في الطبخ وفي الإنارة المحدودة لعدم وجود سرج متنقلة أو (أتاريك) فزادت وحشتنا ورهبتنا في ذلك المكان الخالي الذي لا نسمع فيه سوى صفير الرياح الهوج ونعيب طيور البوم المزعجة التي لا تستيقظ إلا ليلاً..، ولسان حال الجميع يود سماع الأصوات الجميلة لا الأصوات الرهيبة، ولقد أجاد الشاعر الأستاذ علي الجندي حيث يقول:

وكن بلبلا تحلو الحياة بسجعه

ولا تكن مثل البوم ينعب بالردى !

وبهذه المناسبة السعيدة لا يسع جميع الحضور والضيوف إلا الشكر الجزيل للأمير الفاضل خالد الفيصل على حفاوته البالغة المتناهية في إكرام ضيوفه، وإهدائهم نسخة من كتابه الذي يعتبر سفراً مميزاً من الأسفار، ومعه طيب من ورد الطائف، والشكر الجزيل موصول للأستاذ الكريم فهد بن عبدالعزيز المعمر على كرم الضيافة السنوية مقرونة بهداياه العطرة التي يعبق أريجها، فالشكر لله ثم للكريمين:

فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله

ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب

والواقع أن هذه المناسبة من الذكريات التي لا تنسى أبد الأيام والليالي، مُختتماً هذه العجالة بصادق الدعاء لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين والنائب الثاني، وأن يحفظ هذه البلاد من كل مكروه في ظل ولاة الأمر مُمتعين بالصحة والسعادة. وفق الله جميع العاملين المخلصين في خدمة وطنهم ومحضنهم الأمن الدافئ.

حريملاء

فاكس - 015260802

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة