Tuesday 01/10/2013 Issue 14978 الثلاثاء 25 ذو القعدة 1434 العدد
01-10-2013

(وَأَمَّا السائل فَلاَ تَنْهَرْ)

يخطئ المرء حينما يحصر تفسير هذه الآية الكريمة على طالب الصدقة والإحسان والعطاء، بينما يتعدى الفعل (سأل) ذلك ويتجاوزه إلى معنى الاستفهام وطلب الاستزادة المعرفية، بما يعني شمول كل سائل سواء عن مال، أو عن علم.

فقد جاءت هذه الآية وجهاً مقابلاً للآية الأولى (ووجدك ضالاً فهدى) وكما أننا قد هديناك بعد حيرة، فاشكر نعمنا وافتح صدرك للسائل الذي يسألك العون أو معرفة ما يجهله. ومن الضلال قلة المعرفة وضياع المعلومة. ويؤكد ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الناس لكم تبع، وإن رجالاً يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيراً).

وفي حوار شيِّق دار بين الله عز وجل ونبيه إبراهيم عليه السلام وهو يسأل الله تعالى كيف يحيي الموتى؟ يشير إلى مدى الشوق للمزيد من التعرف على قدرة الله البالغة، وهو فطرة تتحرك في قلوب وعقول عباده المتفكرين، لا على سبيل الشك؛ بل رغبة عارمة في المزيد من الاقتناع الحسي‏,‏ وهو ما يزيد المرء معرفة واطلاعاً واسعاً.

وطالما كان حب المعرفة والشوق للكشف عن المجهول غريزة أودعها الله في قلوب خلقه النابهين؛ فإن المرء يسعى للتعرف على المزيد لاسيما الأطفال الذين يغرقون في بحر من التساؤلات، وتنبعث منهم استفهامات فوق التوقعات، فإن لم يجدوا لها إجابة شافية تشبع نهمهم؛ فإن ثمة صدمة تقابلهم يعيشون على إثرها في حالة إحباط دائم وكراهية للواقع!

والحق أننا نعتب على كل مربٍ ومعلم لا يروي ظمأ أبنائه المعرفي، فيظل السؤال جامداً على شفة طفل، وقلبه ذائباً وراء الحقيقة التي يتشوق لمعرفتها ثم لا يجد من يروي عطشه المعرفي ولا يبرِّد قلبه الشقي خلفها.

وسعيدٌ من يوجه له طفل سؤالاً معقداً دافعه الشغف وحب الاستكشاف، لأنه في الواقع قد نال ثقته وأصبح أميناً عنده، فلا ينهره ولا يسفهه لأنه سيكسر نفسه ويحطم ذاته. فالطفل الشغوف بالمعرفة كثير الأسئلة يشير لصحة نفسية وجسدية كاملة، ويعكس نباهة مبكرة، ويُظهر حرية فكرية تامة، فهو بسرور دائم لحصوله على معلومة جديدة.

rogaia143@hotmail.com

Twitter @rogaia_hwoiriny

 
مقالات أخرى للكاتب