Tuesday 01/10/2013 Issue 14978 الثلاثاء 25 ذو القعدة 1434 العدد
01-10-2013

عن الإعلام والثقافة وأشياء أخرى!

علينا أن نعترف بأن ثمة فجوة هائلة بين وسائل الإعلام وبين المواطنين. ومن الطبيعي أن تكون هذه الفجوة موجودة حتى في الدول التي تُدعى بالديمقراطية. ولكنها في حالتنا لا ينبغي السكوت عليها لأن نتيجة هذا السكوت تؤدي إلى المزيد من تردّي القيم الأخلاقية واهتزاز الوعي لدى البسطاء الذين يتابعون وسائل الإعلام وخاصة (الصحافة) و(الإذاعة) وذلك باعتبار التلفزيون صار مفتوحا بحيث صار بإمكان المشاهد بضغطة زِرّ أن يغيّر القناة التي لا تعجبه إلى قناة أخرى ومهما كان اعتراضنا على تصرفه إنْ كانت القناة التي لم تعجبه جادّة ورصينة وو...

أو كانت القناة التي غيّر إليها (تافهة ومنحطّة!) فإننا لا نستطيع أن نلقي اللوم على أحد!. لأن المسئول الأول والأخير هو (العلم) وتقنياته المتعددة. فمن ذا سيحاكم العِلْم؟!. الذي تحث عليه الأديان والموروث الثقافي لكل أمم الخلق. علاوة على أنه (جَماد) بالتعبير اللغوي العربي أي أنه مثل الظاهرات الطبيعية التي منها الجبال والشجر والآلات وقِسْ على ذلك! ثم إن الله كرّم العلم بقوله تعالى (إنما يخشى الله من عباده العلماء)، ولذلك نخرج من التأويلات الميتافيزيقية. ونعود إلى الإشكالية المتعلقة بعدم تمكّن أيّ دولة من إعادة برمجة القمر الصناعي! هل يجري المسئولون في التلفزيون (حوارات) فيما بينهم لقراءة الإحصائيات الإعلامية النزيهة ليعرفوا كم هو الطريق طويل؟ أم أنه يطول - على رأي شاعر الشعراء المتنبي؟! بينهم وبين أقاليم ودول شديدة الفقر! أم هل إن أولئك المسئولين يرسلون رسائل بريدية أو على الجوّال النادر من لا يقتنيه، يسألونهم بشكل أخويّ وإنساني عن رأيهم في مجمل الخارطة البرامجية في التلفزيون أو الإذاعة؟! كيف يستقون الرأي الآخر؟! ومن أية زاوية يتلّقونه؟! إذا كان هذا ظنا خائبا - وما أكثر ظنوني الخائبة! - فإنني لم أزل أحسن الظن بالمسئولين في وزارة الثقافة والإعلام، بسبب أنهم لم يخيّبوا لي حسنَ الظنِّ كثيرا!!. نحن لسنا بحاجة إلى إنتاج (الدراما) لأسبابٍ تتعلّق بالمرأة والأغنيات وقصص الحب الذي يعتبر خطيئة ها هنا.

يحيلنا هذا عن البديل للمادة الدرامية. وهذا بدوره يحيلنا إلى عددٍ من الخيارات. هل نحن نعمل من أجل محو الأمية الثقافية بإخلاص؟! إذن علينا أن نستبدل شكل الثقافة التي تُقْرأ فقط بشكل للثقافة يجيء غالبا في المجلات الجيدة والمنوّعة والتي تنحو نحوَ صحافة غير مثيرة ولا غرائزية. بل هي تلخص لك أهم ما يحدث في العالم ثقافيا، باعتبار الثقافة كائنا حيّا متجددا، وشاملا كل جوانب المكان. المسحوقين والأثرياء، الذين يحبون حَبْوا على أرصفة الدنيا التي هي كبيرة وأكبر مما نتصور! ألا يستحقّ هذا وقفة متريثة من جهات رسمية وشعبية عارضت مرة بث برنامج ما فوقع في مصيدة الجماهيرية الزائفة ورفضَ الاعتراض شكلا ومضمونا!! لا يكتب برامج سياسية للجماهير إلا إنسان يتنفس السياسة لحدّ أنه يصبح من الذين يفسّرون التاريخ تفسيرا سياسيا ما هو ينطوي على تغييرات ومؤامرات وكومسيونات.. وربما كان الإعلام وخاصة الصحافة عاملا مؤثرا جدا في القرارات الجماعية مثلا. إذن سنظلّ نرجو -بظهر الغيب- أن تتحول شاشتنا الرسمية إلى قناة يضطر إلى متابعتها المواطنون العرب وهذا يعتبر مكسبا كبيرا للقناة ومردودا طيبا للمجتهدين في عملهم الواعي والذي ينبغي أن يتمتع به الإنسان في هذا العصر الثقافي بامتياز. فالجهل بالواقع السياسي والاقتصادي للوطن يتبعه جهل أكبر بإمكانيات الثقافة في منافساتها المهمة مع الاقتصاد والخدمات العامة والحال الذي يكون عليه الإبداع الذي حين يكون حرّا إنسانيا وملتزما بعروبته ودينه وهما أهم نقطتين في التلاقي الثقافي العالمي لأن التراث الحضاري هو فخر لأية أمة من الأمم التي لا غنى للعالم عنها. ولذا فإن خلاصة الموضوع أن قناة (الثقافية) السعودية بحاجة إلى أن تعتمد على الشباب المشتغلين بالثقافة بالصحف والذين يحيون أمسيات أكثر من غيرهم كما أنهم مطالَبون بالبحث عن المثقفين والكتاب المختفين أو (المعتكفين) لتعيد لهم الأمل في الحياة الذي يفتقدونه بشكل قاسٍ ومرير بسبب أن التركيبة النفسية والوجدانية للكاتب وللمثقف عموما معقّدة ومزدحمة بتفاصيل كثيرة ولكنّ المثقف يشعر بالغبطة حين يسأل الناس عنه. وتلك هي وظيفته: الكتابة للناس ومن أجل الناس. وهنالك الضرورة التي فرضت نفسها على الواقع الثقافي وهي المرأة. نحن نرى أن تكريس حضور المرأة المواطنة شاعرة كانت أم روائية أم كاتبة قصص هو أجمل ما تقدمه وزارة الثقافة والإعلام للمجتمع الثقافي الذتستمد منه مبررّ وجودها وهي لن تخالف القوانين ولن تخرق التقاليد ولدينا اعتراض على من يمارسون عملية (خلط) الدين بـ (العادات والتقاليد) فهذه عملية احتيال القصد منها أن يحافظ التقليديون على مكانهم بحجة أنهم حرّاس التقاليد ويضيفون من لديهم ذريعة علاقة الدّين بالعادات والتقاليد.

هنالك كثير مما نوّد قوله لوزارة الثقافة ولكننا نضطر للرضوخ لشروط الواقع فالوزارة كان مجرد تأسيسها حدثا كبيرا ومطلبا تمّ تحقيقه بلا دعايات ولا إعلانات بل بهدوء الواثق من نفسه وربما نعود لقولها في فرص أخرى.

hjarallah@yahoo.com - alhomaidjarallah@gmail.com

حائل

 
مقالات أخرى للكاتب