Saturday 12/10/2013 Issue 14989 السبت 07 ذو الحجة 1434 العدد
12-10-2013

مدينة الملك عبدالله والتكامل الوزاري

لم تبخل الحكومة في رصد الميزانيات الكافية لإنجاز مشروع «مدينة الملك عبدالله الاقتصادية في رابغ»؛ مجمل الاستثمارات الضخمة المنفقة فيها كانت كافية لبناء أكثر من مدينة اقتصادية تضم بين جنباتها جميع المناشط الاقتصادية والمجمعات الصناعية المحققة لأهداف التنمية؛ ولرؤية ولي الأمر. كنت، وما زلت من أكثر المتحمسين، والمؤيدين لإقامة المدن المتخصصة واستكمال بنيتها التحتية باستثمارات حكومية خالصة؛ فهي السبيل الأمثل لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية؛ وهي الوسيلة الناجعة لتطوير المجتمعات؛ وتنميتها؛ وهي الأداة الفاعلة والقادرة على دعم الاقتصاد، وتنمية دخل الفرد والأسرة والمجتمع؛ وخلق الوظائف وتوفير البيئة المثالية للعيش الكريم.

برغم الرؤية الإستراتيجية؛ والهدف التنموي الطموح؛ واجه المشروع بعض المعوقات التي أبطأت من حركته؛ وتسببت في رفع تكاليفه وإنحرافه عن خطه المرسوم. الاعتراف بالخطأ يقود نحو الإصلاح ومعالجة القصور. نشهد اليوم متابعة مستمرة؛ ومراجعة لسير العمل في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية؛ وإصرار على المضي قدماً في المشروع وبما يحقق الأهداف المرسومة. التشغيل التجريبي للميناء سينقل المدينة إلى مرحلة متقدمة من الإنجاز؛ فحركة الميناء المستقبلية كفيلة بتسريع وتيرة البناء والإنشاءات والاستثمارات داخل المدينة. تشكل المصانع الحالية نواة القطاع الصناعي الذي يفترض أن يسيطر على الجزء الأهم من نشاط المدينة؛ وإن كنت أعتقد أننا أكثر حاجة للتوسع في قطاع الصناعات على أسس إستراتيجية تعتمد الحاجة أساسا لها. التكامل الصناعي سيحقق للمدينة بعداً إستراتيجياً مهماً؛ وسيساعدها على النمو السريع؛ وسيضمن لها النجاح.

لم تكن زيارة صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز؛ النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء المستشار والمبعوث الخاص لخادم الحرمين الشريفين؛ زيارة تفقدية بقدر ما كانت زيارة داعمة للإنجاز؛ ومحفزة لاستكمال المشروع وفق رؤية خادم الحرمين الشريفين التنموية، يؤكد ذلك فريق العمل الحكومي المرافق والذي يمثل الوزارات ذات العلاقة بمشروع المدينة الاقتصادية. أعتقد أن الإدارة الكفؤة قادرة بإذن الله على الإنجاز واستكمال المشروع؛ ومعالجة الأخطاء السابقة.

أثق كثيراً بإدارة محافظ ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار المهندس عبداللطيف العثمان؛ الرئيس التنفيذي للمدينة؛ فهو من الكفاءات العملية المتميزة والقادرة على إحداث التطوير المطلوب وفق رؤية إستراتيجية شاملة. يؤمن المهندس العثمان بأهمية التكامل بين الوزارات لتحقيق أهداف البناء والتطوير؛ وجذب الاستثمارات النوعية التي يحتاجها الاقتصاد؛ ويعتقد أن الهيئة؛ أو الوزارة لا يمكنها تحقيق أهدافها بمعزلٍ عن الوزارات الأخرى التي تؤثر وتتأثر بالمشروع الحكومي المراد تنفيذه. وهو اعتقاد متوافق مع نظريات العمل الحديثة؛ وآلية تنفيذ البرامج الشاملة. أحسب أن المهنس العثمان يمتلك رؤية شاملة قادرة؛ بإذن الله؛ على إحداث التغيير الأمثل في الاقتصاد؛ وتحفيز الاستثمارات؛ وتنويعها؛ بالتعاون مع الوزارات والهيئات الحكومية الأخرى.

الأمير مقرن بن عبدالعزيز؛ أشار بوضوح إلى ضرورة تحقيق «التكامل والتواصل بين الوزارات للإسهام في رقي وتطوير المدينة وسرعة إنجاز العمل فيها». أعتقد أن التكامل بين الوزارات هو ما يحتاجه الوطن بشكل عام؛ وليس المدينة الاقتصادية فحسب؛ فنقص التكامل يؤدي دائماً إلى عرقلة المشروعات التنموية الطموحة؛ ويتسبب في تأخير عمليات البناء والتطوير؛ ويضعف من قيمة القرارات المهمة لأسباب مرتبطة بعدم التنفيذ. يفترض أن تتحول المشروعات الإستراتيجية إلى برنامج عمل حكومي مشترك؛ يمثل فيه الوزراء فريق عمل متكامل يقوم على إنجاح المشروع وتذليل العقبات من أمامه لا عرقلته.

نجاح الهيئة الملكية للجبيل وينبع في إنشاء مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين يُعزى إلى الاستقلالية والصلاحيات الواسعة التي أعطيت لها؛ بعيداً عن تدخل الوزارات وعرقلتها العمل؛ وهو أنموذج إداري تنموي لم يسبق تطبيقه في المملكة؛ ومن المفترض أن يعاد استنساخه في جميع المدن الاقتصادية والصناعية الحديثة.

ربما نحن في حاجة أكبر إلى إطلاق يد محافظ الاستثمار؛ الرئيس التنفيذي لمدينة الملك عبدالله؛ للعمل باستقلالية مع توفير وسائل الدعم المطلوبة لتحقيق النجاح. نجاح المدينة يعتمد على ثلاث أسس رئيسة؛ وهي: إستكمال البنى التحتية بكفاءة؛ وجذب الاستثمارات النوعية؛ وجعل المدينة من المدن الجاذبة للسكان. ضمان تحقيق تلك المقومات يعني تحقيق النجاح والهدف الإستراتيجي الذي وضعه خادم الحرمين الشريفين حين إطلاق مشروعه التنموي الطموح.

f.albuainain@hotmail.com

 
مقالات أخرى للكاتب