Saturday 12/10/2013 Issue 14989 السبت 07 ذو الحجة 1434 العدد
12-10-2013

ضرورة المستبد العادل!

فرق كبير بين الحرية المنضبطـة بشروطهـا وبتجربتهـا الحضارية الطويلة وبالحزم في تطبيق عقوبات من يخرج على مفهوماتها وبين الفوضى الضاربة الهادمة المعتدية المفرقة المدعية الغالية الشوفينية التي لا ترى حقا في الوجود إلا لها ولمن انضوى تحت لوائها!

فرق كبير!

فرغم التشابه في بعض الممارسات السطحية والالتقاء في الشعور بحرية العمل بين المعنيين: الحرية، والفوضى؛ إلا أن نتائج الحرية المنضبطة على المجتمع من تقدم وتطور وبناء، وبين معطيات الفوضى مهما كانت شعاراتها وبيارقها وادعاءاتها الإصلاحية من هدم وتخلف وتفريق أمران واضحان للعيان.

وفرق كبير بين الدكتاتور الظالم المتجبر المتكبر الذي يرى أنه هبة الله إلى خلقه، وأنه من أوتي الحكمة ومن ألهم الحق وأن من خالفه أو عصى أمره فهو ضال منحرف يستوجب أشد العقاب، وبين المستبد القوي العادل الحازم الذي يحسن قيادة الناس إلى الغايات النبيلة في السلم والتصالح والتلاقي على المنافع وتحقيق أعلى ما يمكن تحقيقه مما يسعد ويقدم ويرضي!

فرق كبير!

ونحن في عالمنا العربي المتكون من قبائل وعصبيات ومذاهب واتجاهات لا يمكن أن نصلح لا بالفوضى، ولا بالدكتاتورية!

فالفوضى الضاربة التي يرزح الآن تحت وطأتها بعض بلدان بني يعرب ليست حلا ولا مخرجا من سلبيات ومظالم وتخلف عهود سابقة!

والدكتاتورية - كما في سوريا - ليست حلا لإجبار الناس على الإذعان والخضوع لهيمنة «الدكتاتور» وقد ضاقوا بما خبروه أربعة عقود مرة ذاقوا خلالها ويلات الظلم والقهر؛ فلا مخرج لهم إلا السعي إلى التغيير مهما قدموا من ثمن باهظ!

والعلاج الممكن لعالمنا العربي لكي يخرج من دائرة الفوضى ولا يقع تحت تسلط الدكتاتور أن يوفق إلى الحاكم القوي «المستبد» العادل!

فمستبد عادل خير وأزكى من ضعيف عادل!

القوي العادل يسوس الناس إلى طريق الخير والصلاح بالحزم والقوة، والضعيف العادل يسوسهم بالعطف والليونة، وكثيرا ما يكون اللين مدعاة إلى الظلم، وسبيلا إلى الاعتداء على حقوق الناس، وطريقا إلى إشاعة الفوضى، وكثيرا أيضا ما تكون القوة والحزم سبيلا إلى الاستقرار، وإلى الأخذ على يد الظالم، وإلى إرجاع الحقوق إلى أصحابها!

ومن يريد أن يقلد الدول الغربية أو أمريكا في التجربة الديموقراطية ونقلها إلى عالمنا العربي بتطبيقاتها ثم يطمح في نجاح التجربة كما في الغرب؛ فهو واهم!

نعم هو واهم؛ لأن البيئات مختلفة كل الاختلاف، وتكوين المجتمعات مختلف، والتجارب الحضارية مختلفة، وأمامنا عدد من المحاولات البرلمانية البائسة في بعض دول الخليج المجاورة؛ لننظر كيف تستجلب الأصوات، وكيف تشترى، وكيف تتكتل القبائل وكيف تصل إلى البرلمان، ثم كيف يسقط هذا البرلمان حكومات لم يمض على تكوينها سوى أشهر؛ بسبب تقاطع المصالح، أو اختلاف الاتجاهات الأيدلوجية وغيرها، ويظل مراوحا البلد في نقطة البدء، ولا يتحقق له تقدم ولا إنجاز؛ بسبب هذه الديموقراطية العرجاء!

لكل مجتمع ثقافته ومعطياته وتكوينه، ومن لا ينظر إلى عمق هذه الأبعاد وقوة تأثيرها في سير حركة المجتمع فهو غير واقعي ومحلق في خيالات بعيدة، وسرعان ما يجره المجتمع عنوة إلى واقعه جراً!

تحتاج الديمواقراطية الغربية إلى بيئات شبيهة ببيئاتها، ونحن في عالمنا العربي لسنا كذلك؛ فلن تجد تلك «الشتلة» التي اقتلعناها من مناخ وتربة وأجواء مختلفة فرصة لكي تحيا وتنمو وتزهر في مناخ وتربة وأجواء لا تتواءم مع طبيعة تلك «الشتلة» الغريبة!

إن الاستقرار المنشود الذي يتطلع إليه العقلاء يكمن في تطوير نظام الحكم العربي الإسلامي، وتفعيل أدواته العادلة المنبثقة من قيم الدين والتقاليد الحسنة الموروثة، ويكمن أيضا في الحفاظ على وجود الزعيم «المستبد» العادل ذي الكريزما الخاصة الذي يورث خصائصه ومنهجه ليس بالضرورة لأبنائه؛ بل لمن يجمع عليه أصحاب الحل والعقد من حكماء الأمة وأصحاب الرأي فيها.

moh.alowain@gmail.com

mALowein@

 
مقالات أخرى للكاتب