Sunday 13/10/2013 Issue 14990 الأحد 08 ذو الحجة 1434 العدد
13-10-2013

بين رسالة المسجد .. ورسالة الجامعة

قد يتساءل البعض عن المفهوم الفلسفي لرسالة المسجد واختلافها عن رسالة الجامعة، فنقول ليس هناك فارقٌ فأهداف المسجد تعليمية وبحثية وخدمة الأمة (المجتمع)، بل إن هذه الأهداف كانت حاضرة في أروقة المسجد وبقوة، فالمبادرة حاضرة وليست مبنية على مصالح ذاتية، فالإيثار والتعاون والعمل من خلال الفريق الواحد هو سمة لرسالة المسجد الجامعية، فتعلُّم أهداب الدين الإسلامي الحنيف يُقصد منه إعداد المسلم الصالح النافع لمجتمعه وأمته، أما بالنسبة للبحثية فالعلماء حاضرون ينقلون إلى مرتادي هذه المساجد التأصيل والتحقيق العلمي كما ورد في الكتاب والسنّة، بالإضافة إلى الاجتهاد الذي لم يغفله رسول هذه الأمة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - ونتذكَّر سؤاله لمعاذ لما أرسله إلى اليمن، وقال له ماذا تحكم؟ قال: بكتاب الله قال: وإن لم تجد؟.. بسنة رسول الله قال: وإن لم تجد؟ قال أجتهد.. أما بالنسبة لخدمة الأمة لقد كان المسجد يقوم بأعمال لا تخطر على بال جيل هذا العصر، فقتال المشركين وأعداء هذا الدين كانت تنطلق من المساجد التي يتم فيها رسمٌ لخطط وتبادل المشورة والرأي، كذلك التطبيب يتم معالجة الجرحى داخله وقد ورد في الأثر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجّه بنصب خيمة داخل المسجد لمعالجة المرضى (الجرحى).. أيضاً من وظائف المسجد الاجتماعية الفصل بين الخصوم، كذلك من غاب سألوا عنه وواسوه، الاستضافة حاضرة عند المسلمين في أروقة المسجد فتجدهم يكرمون ويطعمون من يجدونه غريباً، وعانى من أثر السفر.. الفقراء لهم نصيب في المساعدة والتفاعل مع أحوالهم ومواساتهم.. هذه الكلمات التي أوردتها عن المسجد في الإسلام ما هي إلا جزء يسير، وهنا أتساءل عن رسالة المسجد الآن وتقهقر دوره عن ذي قبل بالرغم من توفر جميع عناصر نجاحه؟.. لأن المسجد الآن لم يكن يؤدي دوره ولم يفعّل رسالته الجامعية، فأصبح فقط مكاناً لأداء الصلاة والعبادات الأخرى مثل صلاة الخوف والكسوف والعيدين والتراويح فقط، أما ما كان يقوم به في القرون المفضلة فلا نجد له أثراً إلا مبادرات بسيطة من البعض، وهذا يعود إلى قصور وزارات الشؤون الإسلامية في العالم الإسلامي التي لم تهتم بدور المسجد التربوي من خلال منهجية علمية، فالمساجد في حاجة إلى الأئمة المتخصصين في علوم الشريعة وما يرتبط بمنظومة المعرفة الأخرى التي تجعل من هؤلاء الأئمة روح المبادرة حاضرة عندهم في توظيف مقاصد الشريعة وقه الواقع والتعامل مع المستجدات والمتغيرات، وخصوصاً ما يواجه المسلمين من ظواهر مثل الفقر والمخدرات وتفشي المعاصي والتطرف والتكفير وحالات الطلاق والعنف الأسري والقبلية والعنصرية.. أيضاً المساجد في حاجة إلى الأئمة المتفرغين وليس كما هو الحاصل الآن تجد معظم الأئمة غير متفرغين ولا يتقيدون بوظيفة الإمامة كما ينبغي لارتباطهم بوظيفة أخرى، وهذا ما هو حاصل في معظم مساجد المملكة، مما يجعل العبء الأكبر على مؤذن المسجد الذي أحياناً يقع في مواقف محرجة مع جماعة المسجد، وخصوصاً عندما يتأخر الإمام عن الحضور للمسجد فتجده في حرج بين إقامة الصلاة أو الانتظار لعل وعسى أن يأتي الإمام، فلهذا قبل أن أختم لا بد من وزارات الشؤون الإسلامية في العالم الإسلامي، ولا سيما المملكة العربية السعودية أن تعيد للمسجد رسالته لكي يقوم بدوره التربوي والإنساني والاجتماعي، وهذا لا يتم من خلال إيجاد الكادر المتخصص المسلح بسلاح العلم والإيمان المبني على الوسطية والاعتدال والمتفرغ لأداء هذه الرسالة. .والله من وراء القصد.

mid@abegs.org

 
مقالات أخرى للكاتب