Sunday 20/10/2013 Issue 14997 الأحد 15 ذو الحجة 1434 العدد
20-10-2013

نحن و الآخر: هل نفهمهم ويفهموننا؟

سؤال مهم ظل يتبادر في بالي وأنا أتنقل في بلاد الله لغرض أو لآخر: ما هو الأهم للإنسان للتواصل الحيوي: التفاهم الفعال عبر اللغة؟ أم الانتماء الى إثنية واحدة؟ أم دين واحد؟

في لندن، حيث تصبح الشوارع روافد تحمل إلى السائر فيها شتى أصداء اللغات، ليس من الصعب أن تجد من يفهم لغتك ويتفاهم بها وقد يترجمها إن كنت لا تتقن الإنجليزية.

في ماليزيا وتركيا لا يفهمون لغتك ولا تفهم لغتهم.

يرحبون بك، بعضهم بصدق أخوي، وبعضهم بانتهازية يستغل نقطة ضعفك اللغوي ليستغلك.

في البلدان التي خضعت لاستعمار أي من القوى العظمى معظمهم يتقن لغة المستعمر إضافة الى لغته، وبالتالي سيتواصل معك عبر جسرها إن كنت تتقنها. أما إذا كنت زائراً في الشرق الأقصى الصين واليابان البعيدتين، وحتى دول وسط أوروبا وشرقها لن تجد الكثير من بني جلدتك أو من يتقن لغتك وقد لا تجد من يترجم لك، إلا إذا كنت مسؤولاً يزورهم رسمياً.

وأن تكون مسؤولاً رسمياً يقتضي أن تفهم جيداً ويفهمك من تحاور رسمياً بلغته ولغتك .. لا مجال للالتباسات في فهم أي منكما للآخر لغوياً وعاطفياً، وإلا منيت بنهاية «صدامية» نسبة للحوار بين السفيرة جيلسبي والرئيس العراقي الراحل.

*

في الحج تسمع كل اللغات التي يتكلمها المسلمون في بلدانهم وتسمع كل ما يحتاجه المسلم بلغة القرآن، وتقرأ أيضاً كل التوجيهات الموجهة إليهم بلغاتهم الأم، وأهمها تعليمات الحفاظ على السلامة في احتشاد الملايين.

الحج ليس برج بابل.. واستمرار اهتمام المسؤولين والمشرفين سيبقي حجاج الله في أمان من نتائج البلبلة.

*

الخميس 16 أكتوبر 2013: «شدد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على أهمية التعايش السلمي وتبادل المصالح المشتركة ونبذ الكراهية والتطرف، وقال في كلمة ألقاها نيابة عنه ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز، خلال استقباله في الديوان الملكي بمنى، رؤساء دول إسلامية ورؤساء بعثات الحج وكبار المسؤولين وضيوف خادم الحرمين: «أيها الإخوة المسلمون، من أرض الرسالة ومهبط الوحي، نقول للعالم أجمع إننا أمة لا تقبل المساومة على دينها أو أخلاقها أو قيمها، ولا تسمح لكائن من كان أن يمس سيادة أوطانها، أو التدخل في شؤونها الداخلية أو الخارجية».

وأضاف: «ليعي العالم أجمع بأننا نحترمه، ونقدر مساهمته الإنسانية عبر التاريخ، ولكن لا خيار أمام من يحاول أن يستبد، وفق نظرته الضيقة، أو مصالحه، فنحن أمة سلامتها من سلامة دينها وأوطانها، وتعاملها مع الآخر الند للند، ولذلك نأمل أن يكون الاحترام في ما بين الأمم والدول مدخلاً واسعاً للصداقة بينها وفق المصالح والمنافع المشتركة، إدراكاً منا بأن هذا العالم وحدة متجانسة في عصر تنبذ فيه الكراهية، وترفض سطوة التسلط والغرور، فمن أدرك ذلك، فقلوبنا تتسع لكل مفاهيم ومعايير الصداقة، ومن رأى غير ذلك فهذا شأنه، ولنا شأن نحفظ فيه عزتنا وكرامة شعوبنا الأبية».

وكان خادم الحرمين شدد في مستهل كلمته على أهمية وحدة الصف الإسلامي، داعياً أن يعين الله الأمة الإسلامية «على تحمل مسؤولياتها التاريخية تجاه دينها وعزة أوطانها، وتعزيز وحدة الصف، والتعامل مع الغير بإنسانية متسامحة لا غلو فيها، ولا تجبر، ولا رفض للآخر لمجرد اختلاف الدين»، وزاد: «فما اتفقنا عليه مع الآخر فله المنزلة توافقاً مع نوازع القيم والأخلاق وفهم مدارك الحوار الإنساني وفق مبادئ عقيدتنا، وما اختلفنا عليه فديننا الإسلامي والقول للحق تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}.»

رسالة واضحة لا التباس فيها ولا تقصد إيهام.

أرجو أننا جميعاً بكل فئاتنا فهمناها، وأن كل من وجهت إليهم بكل فئاتهم فهموها، مباشرة ومترجمة.

 
مقالات أخرى للكاتب