Monday 21/10/2013 Issue 14998 الأثنين 16 ذو الحجة 1434 العدد
21-10-2013

هيئة الأمم كونها الحلفاء المنتصرون!

يبدو أن العالم لا بد أن يمر بحروب كبرى مدمرة - لا أتمنى ذلك - كالحرب العالمية الأولى أو الثانية لكي يستعيد شعوره بضرورة إحلال السلام في العالم، ورفض مبدأ التسلط وفرض النفوذ بالقوة والاستهانة بحقوق الإنسان وتأكيد احترام حقه في الحياة والعيش بكرامة.

هذا هو الشعور الإنساني الذي أيقظ قادة الدول الكبرى، ومن دار في فلكها، التي عانت آلام الحرب العالمية الأولى؛ فاجتمع قادتها في مؤتمر باريس للسلام 1919م بعد انتهاء الحرب الأولى، واستقر رأي المجتمعين على ضرورة إنشاء هيئة دولية تمنع الحروب وتقر السلام؛ وكان الرئيس الأمريكي «ويلسون» قد فكر في إنشاء هيئة دولية تحفظ السلم في العالم، وكون أفكارها من مجمل ما كان يدور من حديث على مستوى العالم آنذاك؛ فعرض مشروعه الذي تكون من أربع عشرة نقطة تحت مسمى «عصبة الأمم المتحدة»، وصادق عليه المجتمعون وقرروا عقد مؤتمر آخر في فرساي، يضم الدول التي ترغب في المصادقة على هذا المشروع؛ فتم اجتماع قادة أربع وأربعين دولة، منها إحدى وثلاثون دولة مشتركة في الحرب العالمية الأولى.

كان شعورا حيا يقظا عند محبي السلام والقلقين على حياة البشر وما أنجزته الإنسانية، وخوفا من تكرار مأساة الحرب الأولى؛ وعلى الأخص من جانب الحلفاء الذين يرون أن الحرب دمرت القارة الأوروبية؛ بينما لم تكن دول المحور «ألمانيا وإيطاليا» ومن دار في فلكهما متحمسة لميثاق العصبة ولا لبنودها؛ كانت دول المحور ترى أن «عصبة الأمم» وسيلة من وسائل الحلفاء لتقاسم غنائم الحرب بينهم، ولبسط مزيد من النفوذ على العالم؛ فلم تلق القرارات المتصلة بمشكلات النزاع في مناطق مختلفة من العالم ترحيبا أو تأييدا من ألمانيا أو إيطاليا؛ بل تم الاستهزاء والسخرية بكثير منها واختراقها عنوة، وهو ما ساعد على اشتعال الحرب العالمية الثانية من جديد بعد أن لم تستطع «عصبة الأمم» ببنود ميثاقها الأربعة عشر إيقاف سعير الرغبة في النفوذ والسيطرة على العالم عند المحور والحلفاء على السواء!

أعلنت الحرب العالمية الثانية فشل «عصبة الأمم المتحدة» وأكلت الحرب الأخضر واليابس؛ فإذا كانت الحرب الأولى 1914م- 1918م قد قتلت ما يقرب من عشرين مليونا بين عسكري ومدني، وأصابت مثل هذا العدد؛ فإن الحرب العالمية الثانية 1939م- 1945م التي شارك فيها ما يقرب من 100 مليون جندي، قد تسببت في مقتل ما بين 50 و85 مليون شخص، ما بين مدنيين وعسكريين، أي ما يعادل 2.5% من سكان العالم في تلك الفترة؛ ولهذا تنادى العقلاء من قادة ومفكرين إلى وضع ميثاق جديد لدول العالم يحميها من التورط في حرب مدمرة جديدة، ويحفظ الأمن والسلم الدوليين.

يرجع فضل تأسيس هيئة الأمم المتحدة التي جاءت على أنقاض فشل عصبة الأمم المتحدة إلى «سمنر ويلز» وكيل وزارة الخارجية الأمريكية الذي قدم مشروعه «الميثاق» المكون من عشر نقاط لإنشاء هذه الهيئة إلى وزارة الخارجية الأمريكية وتبناه الرئيس فرانكلين روزفلت في بداية ولايته الرابعة وفي سنوات مرضه؛ فعقد مؤتمر دومباتون أوكس بالقرب من واشنطن ووافق الحلفاء على المشروع بعد تعديلات يسيرة، وتم إعلان تأسيس منظمة الأمم المتحدة عام 1945م في مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا في عهد الرئيس «هاري ترومان» الذي أمر بإلقاء القنبلتين النوويتين على هيروشيما ونجازاكي اليابانيتين ليعلن بعد تلك المأساة الإنسانية المروعة التي راح ضحيتها أكثر من ثلاثمائة ألف ياباني انتهاء الحرب العالمية الثانية.

بني نظام الأمم المتحدة على سبعة أجهزة رئيسة؛ ليس مجلس الأمن أو محكمة العدل الدولية إلا إحداها وعلى ثماني عشرة وكالة ليس البنك الدولي أو اليونسكو إلا إحداها.

والفارق بين العصبة المنحلة وهيئة الأمم البديلة أن الثانية -وفق ميثاقها- تملك جيوشا تستطيع بها قمع المعتدي وفق البند السابع؛ فهل فعلت؟!

moh.alowain@gmail.com

mALowein@

 
مقالات أخرى للكاتب