Saturday 26/10/2013 Issue 15003 السبت 21 ذو الحجة 1434 العدد
26-10-2013

المسؤولية الأسرية ونظام الحماية من الإيذاء ؟!

أولاً من المهم معرفة مفهوم “الأسرة” كما ورد في لسان العرب وهو بمعنى: أسرة الرجل بمعنى: عشيرته ورهطه الأدنون لأنه يتقوى بهم .والأسرة في اللغة مشتقة من “الأسر” يعني القيد، يقال أسر أسراً، وأسره أخذه أسيراً. ومن حيث كانت الأسرة أهل الرجل وعشيرته، فإن “الأسر” والقيد هنا يفهم منه العبء الملقى على الإنسان أي “المسئولية” Responsibility . وهذه الجزئية المهمة التي أريد التوصل لها ألا وهي “أن المفهوم اللغوي للأسرة ينبيء عن المسئولية، وحتى في معاجم اللغة الإنجليزية “الأسرة” العائلة family بمعنى الناس الذين يعيشون في نفس المنزل وبينهم رابطة الدم والقرابة، وفي عالم الغرب تعني المعايشة Living والمعايشة من شأنها ارتباط المصلحة. وجميع ما سبق يؤكد بأن الأسرة هي النواة الأساسية لتشكيل الشخصية من واقع مسئوليتها الاجتماعية، ومن واقع نظرة الإسلام لها التي لا تنظر للأسرة قيداً أو عبئاً بقدر ما هي حتمية نفسية، بل تنبعث منها الراحة والطمأنينة، ولكن قد لا ينجح كل زوج بأن يكون مصدراً للحب والراحة لزوجته، وقد لا ينجح كل أب بأن يكون صدراً حنوناً وراعياً مؤهلاً لأبنائه، لاختلاف المؤهلات النفسية والعقلية والاجتماعية ما بين أولياء الأمور في تأدية مهامهم التربوية الصعبة، لكن لا يعني هذا إلقاء المسؤوليات كاملة على المؤسسات الحكومية الاجتماعية البديلة في المجتمع عند الفشل في تربية الأبناء والإصرار على اللجوء للجهات الأمنية والقضائية لمعاقبة الأبناء، أو طلب إيداعهم المؤسسات الإصلاحية لتأديبهم بحجة العقوق! فالمسئولية الأسرية التي أكدّها ديننا الإسلامي والسنة النبوية الشريفة لقول رسولنا الكريم “ألا كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته” والتي منها مسئولية الأبوين عن بيتهما، وعن رعيتهما التي هي “أفراد الأسرة” أتمنى أن لا تتقلص وتبدأ في الضمور عندما يتم استغلال الموافقة على نظام الحماية من الإيذاء للمرأة والطفل بشكل علني من الكثير من الآباء والأمهات الذين يتخلون عن دورهم الفعلي مع الجهات الحكومية لمعالجة سلوكيات أبنائهم المضطربة، والتي ما هي إلا نتاجاً للفشل في تربيتهم واحتوائهم، مما يتسبب ذلك في دفعهم للهروب من أسرهم، والتورط في سلوكيات انحرافية وقضايا أخلاقية، وبعد ذلك يتم اللجوء للجهات الأمنية بالمطالبة بالحماية، أو بالمطالبة بتسليمهم لوحدات الحماية لأنها المسئولة عن تعديل سلوكياتهم، أو المطالبة بتحويلهمللعقاب وسجنهم لشهور تأديباً على تمردهم وعقوقهم لأسرهم! والمؤلم أيضاً أن بعض الآباء يرفضون استلام بناتهم بعد هذه المواقف التي مررن بها خوفاً من تكرار هروبهن، واعترافاً منهم بعدم قدرتهم على ضبط سلوكياتهن الانحرافية. لكن ولله الحمد الدولة حريصة كل الحرص على التماسك الأسري وإعادة التكيف لكثير من الحالات من خلال الجهود المبذولة من المؤسسات الإصلاحية بوزارة الشؤون الاجتماعية ومن خلال لجان ووحدات الحماية الاجتماعية وبحرص مستمر من معالي الوزير الدكتور يوسف العثيمين الذي يؤكد بأن دور الحماية بالذات” ممر للحلول المناسبة لكل حالة وليس مقراً دائماً “لكل من تنازلت أسرتها عن مسئوليتها تجاهها ! لكن مع صدور نظام الحماية فإن المسئولية الأسرية لا بد من تحديدها كمساند وداعم للوزارة لمعالجة القضايا الأسرية، وهذا لن ينجح إلا بتكثيف وزارة التربية والتعليم والجهات الحقوقية وبرنامج الأمان الأسري للبرامج التوعوية لمختلف فئات المجتمع على أهمية النظام الأسري الآمن الذي يتفوق على أي نظام خارجي لن تنجح إجراءاته التنفيذية إذا تم تخلي أولياء الأمور عن مسئوليتهم التربوية تجاه أبنائهم !

moudyahrani@ تويتر

مقالات أخرى للكاتب