Saturday 26/10/2013 Issue 15003 السبت 21 ذو الحجة 1434 العدد
26-10-2013

غول التهور يلتهم البشر!

لا شيء يشغل الناس هذه الأيام أكثر من الحوادث المرورية القاتلة بوتيرتها المتزايدة إلى حدود أعلى من المعدلات الطبيعية بكثير. عشرات الأسر في عدد من مناطق المملكة عاشت الأسبوعين الماضيين حالات حزن ثقيلة لفقد عدد من أبنائها وبناتها في حوادث كوارثية نتيجة التهور الذي تحول إلى غول مخيف يلتهم الأبرياء دون ذنب ولا خطيئة. هذا الغول الشرس للأسف لم يجد حتى الآن من المرور أي طريقة عملية ناجعة للتعامل معه وترويضه، أو الحد منه على أقل تقدير، وكل تصريحات المسئولين في المرور غير مبشرة لأنها لازالت تتعامل مع الأسباب بشكل مقلوب بتحميل جهات مسئولية الحوادث، ثم التملص دون أي معالجة للجروح النازفة.

قبل أيام قليلة أثناء عيد الأضحى قضى شاب وشقيقاته الأربع نحبهم في حي الياسمين بالرياض قرابة الساعة الثانية صباحا عندما اصطدم مخمور أربعيني بالرصيف قبل أن يصطدم بالسيارة، ما أدى إلى انقلابها ووفاة الخمسة في الحال. هذا الحادث هو نوع آخر مختلف من الحوادث التي بدأت بالازدياد بسبب تعاطي الخمور والمخدرات مع غياب الرقابة المرورية خاصة قرب الاستراحات التي يرتادها المدمنون.

في مدينة بريدة تحديدا لا يكاد يمر يوم دون أن تسمع أخباراً سيئة عن حوادث جديدة بسبب غياب المتابعة المرورية وعدم تطبيق الأنظمة، ففي اليوم الخامس من شهر ذي الحجة وقع حاث شنيع عند إشارة الغرفة التجارية بسبب سوء تنفيذ الطريق راح ضحيته شابتان في مقتبل العمر وإصابة اثنتين حالة إحداهما خطيرة، والملاحظ هنا عدم تواجد أي دورية من سيارات المرور رغم حيوية الموقع وازدحامه بالمركبات.

لن أتمكن في هذه المساحة من استعراض كل الحوادث التي وقعت في مناطق أخرى مثل الشرقية والمدينة المنورة وينبع، لكن مشكلة الحوادث القاتلة باتت معروفة عند كل الناس، ويكفي أن أستعرض لمحات من تصريح سابق للعقيد زهير عبدالرحمن شرف مدير إدارة الأنظمة في مرور منطقة المدينة المنورة، حيث يؤكد أن السعودية تأتي في المرتبة الأولى عالمياً في حوادث الطرق إذ يتوفى 17 شخصاً يومياً، وفي العقدين الماضيين بلغ عدد ضحايا الحوادث 86 ألف شخص، وهو رقم تجاوز حسب وصفه ضحايا حروب الأرجنتين والصحراء الغربية ونيبال وحرب الهند وباكستان، وفي عام 2011 فقط بلغ عدد الضحايا 7153، أما الخسائر المادية فتقدر بثلاثة عشر ملياراً في السنة.

هذا التصريح يلخص نتائج الحوادث بالأرقام، وإذا كانت أسباب تلك الحوادث التهور في القيادة من قبل السائقين بالسرعة الجنونية وقطع الإشارات والتفحيط من صغار السن الذي أصبح امتلاكهم للسيارات سهلا ميسورا فإن المرور يتحمل الجزء الأكبر بضعفه في التعامل مع المتهورين وعدم تجريم مثل تلك الحوادث، إذ لا يقل السائق الأهوج درجة عن السفاح الذي يستبيح الدماء، فتطبيق النظام الرادع غائب في ظل رقابة نائمة.

سهولة الحصول على الرخصة أحد الأسباب فيما يحدث، فهل فكر المرور في فرض دورة توعوية مكثفة لمن يرغب في الحصول على الرخصة؟ وهل حاول فرض غرامة لا تقل عن خمسة آلاف ريال على من لا يحمل رخصة سير؟. والمرور مطالب بالتنسيق مع الجهات المعنية لإزالة دوارات الموت، وتعميم كاميرات الرصد على جميع الإشارات الضوئية لما لها من مردودات إيجابية، وتغليظ مخالفات قطع الإشارات لعل هذه الإجراءات لو طبقت تؤدي إلى حركة مرورية أكثر أماناً للناس.

Shlash2010@hotmail.com

تويتر @abdulrahman_15

مقالات أخرى للكاتب