Monday 28/10/2013 Issue 15005 الأثنين 23 ذو الحجة 1434 العدد
28-10-2013

بَثُّ برنامج قراءات القرآن الكريم

نِعَم الله على عباده لا تُحصَى، ومِننه لا تُعَد. ومن هذه النِّعَم والمنن أن هداهم الله إلى الإسلام وإلى صراطه المستقيم. ومن نعمه ومننه أن وفَّق هذا الوطن العزيز.. مهد العروبة ومهبط الوحي..

بقيادة جعلت الاهتمام بالحرمين الشريفين في طليعة أولوياتها. فكانت الإصلاحات العمرانية فيهما متوالية؛ إصلاحاً وراء إصلاح. وهي تعمل كل ما تعمل في هذا المجال، إدراكاً منها بالمسؤولية التي تَعهَّدت بالقيام بها لتيسير أداء مناسك العمرة والحج للمعتمرين والحجاج.. ضيوف الرحمن.. زادها الله توفيقاً وسداداً.

وفي هذا العام بالذات تَجلَّت معونة الله وتوفيقه لقيادة هذا الوطن في موسم الحج؛ تخطيطاً واعياً وتنفيذاً جميلاً حازماً. تقبَّل الله ما بُذِل من أعمال صالحة، من قَدَّم الخدمة الجليلة للمعتمرين والحجاج، ومن قُدِّمت لهم تلك الخدمة.

ومما تزامن حدوثه مع موسم الحج، موقف قيادة وطننا العزيز الشجاع الذي اتَّخذته تجاه عضويّتها في مجلس الأمن. وكانت قيادة هذا الوطن قد عَبَّرت عند إنشاء مجلس الأمن عن معارضتها لأن تعطى دول مُعيَّنة حق النقض ( الفيتو ) في ذلك المجلس؛ وذلك على لسان الملك فيصل بن عبد العزيز - رحمه الله - الذي كان حينذاك وزيراً للخارجية. ولقد برهن مرور الأيام على أنّ تلك كان لها ما يُبرِّرها؛ وبخاصة ما يتعلَّق بقضايا أُمَّتنا؛ عربية وإسلامية.

أما بعد:

فلوزارة الثقافة والإعلام جهود مشكورة و مُقدَّرة في مجالات مُتعدِّدة. ومن هذه المجالات مجال الإذاعة. ولإذاعة القرآن الكريم بالذات مكانة رفيعة في نفسي بين فروع إذاعة وطننا العزيز. وأعتقد أنّ كثيراً من المواطنين؛ ذكوراً وإناثاً، لديهم المشاعر نفسها تجاه هذا الفرع المبارك. ذلك أنّ الفائدة المكتسبة منه لا تضاهيها فائدة مكتسبة من فروع الإذاعة الأخرى؛ لا بالنسبة لعامة الناس من المواطنين، ولا بالنسبة لكثير من المسلمين في وطننا العزيز. والأثر الطيب، الذي يلمسه المرء المتابع لمسيرة إذاعة القرآن الكريم في أقطار أُمَّتنا أكبر دليل على مكانتها الرفيعة المُقدَّرة، والدور الإيجابي الذي تقوم به. زاد الله القائمين عليها توفيقاً وسداداً.

وفي طليعة برامج إذاعة القرآن الكريم برنامج نور على الدرب، الذي تَتَّضح فائدته من تأمُّل اتِّساع دائرة المتابعين له؛ شرقاً وغرباً، داخل الوطن وخارجه. ومن البرامج التي تُبثُّ فيها برنامج كيف تقرأ القرآن الكريم؛ وهو برنامج تعليمي جيد مفيد. وكم بِوُدِّي أن يكون هناك حرص على تكثيف تلاوات القُرَّاء الكرام الذين يراعون أحكام التجويد ومَوَاطن الوقوف في الآيات، من أمثال عبد الباسط عبد الصمد وعبد الله خياط رحمهما الله رحمة واسعة. ذلك أنّ بعض القُرَّاء يهملون بعض الأحكام. فبعض القُرَّاء - وكثير منهم من المواطنين - لهم أصوات جميلة، لكنهم لا يراعون المَدَّ الواجب إذا كان من كلمتين؛ مثل “ إنَّا أَعطينَاك الكَوْثر”.

على أنّ من برامج إذاعة القرآن الكريم برنامج قراءة القرآن الكريم حسب قراءات مُتعدِّدة. بل إنه يُطلَب من القارئ أن يتلو الآية حسب رواية أحد القُرَّاء الأوائل المشهورين الأولى ثم حسب روايته الثانية. ومن المعلوم ما تَعجُّ به وسائل الإعلام والاتِّصالات الآن من اختلاف تَوجُّهات فكرية؛ منها ما قد يدخل الشكوك في نفوس غير المتمكِّنين من المعرفة الشرعية الكافية. وإذاعة هذا البرنامج تتطلَّب - في نظري - دراسة عميقة لمعرفة أثر إذاعته في إذاعة أكثر المستمعين إليها عامة؛ منهم من لا يعرفون القراءة والكتابة. إنّ إذاعة ذلك تحدث بلبلة لدى بعض هؤلاء المستمعين. فقد يخطر ببال بعضهم أسئلة عما إذا كان القرآن الذي هو مطبوع ومتداول بين أيديهم في مصاحف طبعتها جهات رسمية كمجمع الملك فهد فيه ما ترد حوله تلك الأسئلة.

الناس في مشرقنا العربي بالذات يتلون القرآن حسب المطبوع المتداول في تلك المصاحف؛ وهي موثوقة وصحيحة. وهم يستمعون إلى القُرَّاء المشهورين أمثال عبد الباسط عبد الصمد. وتلاواتهم صحيحة ومألوفة. فالاكتفاء بإذاعتها أسلم وأبعد عن كل ما قد يدخل البلبلة والشكوك. جيد أن يَتعلَّم المتخصصون القراءات المختلفة؛ إذ القراءات فرع من فروع العلوم الشرعية. لكن تَعلُّمها من قِبَل المتخصصين شيء وإذاعتها للعامة شيء آخر.

ومن درس التاريخ الإسلامي دراسة واعية يجد أنّ الصحابة - رضي الله عنهم - أَيَّدوا أمير المؤمنين الخليفة عثمان بن عفان - رضي الله عنه وأرضاه - بجمع الناس على نَصٍّ واحد لئلا يحدث بينهم اضطراب وتَفرُّق.

ولكلِّ ما سبق فإني أرجو وآمل أن يَتأمَّل ذوو الشأن مسألة إذاعة برنامج تلاوة القرآن حسب القراءات المختلفة تأمُّلاً دقيقاً، ليروا إنْ كان من الأصلح استمرار إذاعة هذا البرنامج، أو أنّ من الأصلح والأسلم إيقاف إذاعته، ابتعاداً عن كلِّ ما قد يحدث البلبلة والشكوك .. وَفَّق الله الجميع للسّداد.

مقالات أخرى للكاتب