Friday 01/11/2013 Issue 15009 الجمعة 27 ذو الحجة 1434 العدد
01-11-2013

سر (دزرائيلي)

يروى أن فتاة قابلت رئيسي الوزارة البريطانية (ويليم غلادستون) و(بنيامين دزرائيلي) فسئلت عن انطباعها تجاه الشخصين، فقالت: أحسست عند لقاء جلادستون بأنني قابلت أعظم رجل في العالم، وشعرت بعد مقابلة دزرائيلي بأنني أعظم امرأة في العالم!

مدحت كلا الشخصين ولكن شتان بين المدحين! من البشر من لهم في روعة الشخصية قدحها المعلى؛ فسبقوا الناس فلا يُشق غبارهم ولا تُلحق أثارهم، أسروا القلوب واستوطنوا الأرواح، يغمرنا شعور جميل بالأهمية في حضرتهم، إضافة إلى أنهم يملئون المكان بطاقتهم الإيجابية بمجرد حضورهم ويلفتون الأنظار بشخصيتهم الجميلة، اذا تكلموا أسمعوا وإذا نصحوا أثروا وإذا غابوا فقدوا، يتدفق السرور من وجه جلسائهم، وتنطلق روح محدثهم بشرا، يجيدون فن بناء العلاقات جيدة وكذلك المحافظة عليها، جاذبية عجيبة وسحر أخاذ، وفي المقابل هناك الكثير من الناس بارد الكلمة باهت الأثر ضعيف الحضور، حضوره كعدمه إن غاب لم يسأل عنه وإن حضر لم يحتف به وإن تكلم لا رجع لحديثه ولا أثر!

ويقضى الأمر حين تغيب تيم

ولا يستأمرون وهم شهود!

فما هو السر في هذا التفاوت الكبير بين الفريقين؟ إنه سحر (الكاريزما)! فالسياسي الكبير (دزرائيلي) فات الأقران وتميز على الأكفاء بفضل( الكاريزما) التي كان يتحلى بها، و(الكاريزما) هي: الجاذبية الشخصية في أبسط تعاريفها، و(الكاريزما) ليست وسيلة لكسب الشهرة وليست دربا للتفاخر بل هي جمال وسحر وهي مصدر قوة للذات ودعم للشخصية ولا أظن أحدا من البشر لايتمنى امتلاك شخصية ساحرة مؤثرة، لذا لاغرابة أن يكون محور أكثر ما يُسئل عنه المستشارون من قبيل: كيف يكون لي حضور قوي؟ وكيف يشتاق لي أصدقائي؟ وكيف أستطيع التأثير عليهم؟ والإجابة هي: إن أردت هذا وأكثر ؛فقط اكتسب مهارات (الكاريزما)! ويعود هذا السؤال المهم لطبيعة (بشرية) يشترك فيها الكل ألا وهي الاحتياج الشديد والرغبة العارمة في أن نكون دوما محبوبين وأن نملك جاذبية شخصية قوية تؤثر في الآخرين بحيث تبقى صورتنا دوما جميلة في أذهانهم!

لماذا الكاريزما؟

من سمات صاحب (الكاريزما) أنه شديد التأثير، والواقع يقول: لن يؤثر خامد الطاقة جامد الشخصية على أحد إلا إذا شاب الغراب! فالتأثير على الآخرين والارتقاء بهم وقيادتهم يحتاج إلى شخصية (كاريزمية) فالخطيب والسياسي والمعلم والداعية بلا (كاريزما) في شخصيته سيكون ذا أثر محدود جدا, وفي مجال العمل فالترقيات والذكر الطيب والمناصب حكرا على أصحاب الجاذبية فهي وسيلة ناجحة نحو مزيد من الكفاءة والفعالية، يقول زيج زيجلار: إن 85% من أسباب الحصول على وظيفة ومن ثم الحفاظ عليها والتقدم فيها مرتبط بمهارات الأشخاص ومعرفتهم في الاتصال والتعامل مع الآخرين (وليس بقدراتهم التقنية).

وأصحاب (الكاريزما) لديهم قدرة كبيرة على حل المشكلات وتجاوز العقبات والتقريب بين وجهات النظر المختلفة نظرا لما يمتلكونه من قدرة على الاقناع وبث الطاقة الإيجابية، والجاذبية الشخصية ضرورية لتنمية جميع العلاقات زوجية كانت أم صداقة أم زمالة!

البشرى السارة:

والخبر السار لك أيها القارئ العزيز هو أنه على الرغم من أن عددا من سمات (الكاريزما) جبليا وطبعا فطريا إلا أن الدراسات أثبتت الإمكانية الكبيرة لاكتساب (الكاريزما) فهي ليست حكرا على سياسي أو شخص مشهور كما ذكرت خبيرة الاتصال فوكس اوليفا، و لحسن الحظ أننا بمقدورنا أن نكتسب صفات الكاريزما ؛ لأن الأمر يتعلق بما نفعله! والتحلي بالكاريزما ليس أمرا مستحيلا لايبلغ إلا بشق الأنفس! بل هو أمر ممكم ولكن من قوانين الحياة أن الإنسان لابد أن يدفع فاتورة لأي تغيير، و الإنسان إذا وضع هدفا مرمى بصره ،وقيد عيانه ،ثم أيقظ له روحه، وأسهر له قلبه تمكن منه، فمتى ما تشبعت روحك بالرغبة في أن تمتلك صفات (الكاريزما) وتعلمت وتدربت بصبر وجدية فستنضم لقائمة الأشخاص الكاريزميين.

وعلى الرغم من الغموض الذي يحيط بـ(الكاريزما) فلقد استطاع بعض المتخصصين بلورة مجموعة من السمات المكونة للشخصية (الكاريزمية) حيث أمكن تحديد بعض العادات والتي تقرب المرء أكثر من (الكاريزمية) كلما جمع عددا أكبر منها ثم تنفسها وعايشها بجدية واهتمام. فكن معي في الأسبوع القادم في مقال العادات العشر للكاريزما.

ومضة قلم

إذا كان ثمة ألماسة في الصدر فإنها تشع على الوجه!

khalid1020@gmail.com

مقالات أخرى للكاتب