Monday 04/11/2013 Issue 15012 الأثنين 01 محرم 1435 العدد
04-11-2013

قطار التحريض على الجهاد!

يقف سماحة مفتي عام المملكة - الشيخ - عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، موقفاً حازماً تجاه ذهاب الشباب إلى أماكن الجهاد، - وخصوصاً - تجاه من يغرر بهم في محرقة الحرب السورية، لكنهم - مع الأسف - لا يدفعون أبناءهم إلى تلك الأماكن، لتتناقض أقوالهم مع أفعالهم.. وانتقاده - قبل أيام -: «الدعاة الذين يحرّضون الشباب على الذهاب إلى الجهاد، بينما يمنعون أبناءهم عنه»، مؤكداً: «أنهم يزجّون بهؤلاء الشباب في الهاوية»، يُمثّل وقفة تاريخية تحسب لمصلحة المسلمين، وتعمل على تجنيبهم الكوارث اللا محسوبة. اختلطت الأوراق في هكذا قضايا، وانتشر كثيرٌ من الفتاوى غير المؤصلة تأصيلاً شرعياً، لجعل هؤلاء الشباب أدوات في أيدٍ مجهولة، وحطباً لمحرقة حرب مجهولة العواقب، ودون تقدير لمآلاتها، ونتائجها، بعد أن اختطفوا مفهوم الجهاد، ليحولوه إلى مشروع دموي.. وهذا ما يجعلنا نؤكد على أن ملف الجهاد، لا بد أن يكون بيد العلماء - الراسخين في العلم -، وبعيداً عن أولئك المحرضين، الداعين إلى الجهاد في دول تشهد حروباً طاحنة، واضطرابات ساخنة، حفاظاً على بقاء المجتمعات، واستقرارها.

الفئة المستهدفة، هي فئة الشباب، - وبالتالي - فإنَّ جذبها سيكون سهلاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تحرّض الشباب على الذهاب إلى أماكن الجهاد، من خلال فتاوى لا تستقيم مع منهج كبار العلماء في المملكة، فدفعوا تلك الفتاوى كأحد أهم أدوات الاستقطاب في مواجهة السياقات الضاغطة، التي تمر بها الأمتان - العربية والإسلامية -.

إن مواقع التواصل الاجتماعي لا تُعتبر مرجعاً للفتوى الشرعية، ولأن الأمة مستهدفة من ثمار الإفتاء غير المسؤول، ونتائجه ستكون كارثية، نتيجة الاندفاع دون تأسيس شرعي منضبط، ودون معرفة بأسباب النصر، وعوامل الهزيمة، كونه لم يمتلك أدوات التحليل المنطقي لقراءة التاريخ، وفهم السنن الكونية الجارية.. - ولذا - سيكون مقياس النظر في قضية الحال - اليوم -، هو حماية شبابنا من الاندفاع إلى تلك المواقع المشبوهة، التي تتبنى أطروحاتهم. وهي مسؤولية مشتركة بين مؤسسات المجتمع المدني.. ولا يكون ذلك إلا بفتح قنوات الحوار معهم، لمناقشة شبهاتهم على وجه الإجمال، أو التفصيل بالحجة، والبرهان، وإيراد الحقائق.

drsasq@gmail.com

باحث في السياسة الشرعية

مقالات أخرى للكاتب