Saturday 26/10/2013 Issue 15003 السبت 21 ذو الحجة 1434 العدد
26-10-2013

عندما تتحدث روسيا عن حقوق الإنسان!

لم تنس ذاكرتي بعد، عندما أعلنت منظمة العفو الدولية إطلاق حملة عالمية؛ لتسليط الضوء على سجل روسيا الحقوقي الذي وصفته: «بالبائس على نحو متزايد»، وذلك حين شهدت انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في عام 2012 م. فما تمارسه روسيا في مجال حقوق الإنسان، دليل واقعي على موت الضمير الإنساني لديها، والذي تمثل في البراجماتية السياسية، القائمة - مع الأسف - على ازدواجيتها المتناقضة في مواقفها الدولية حسب مصالحها.

إن الحديث عن حقوق الإنسان ليست رفاهية، بل إن عبء حمايتها يجب أن يكون مشتركا بين دول العالم. وعندما تصف روسيا قرار المملكة العربية السعودية، برفض عضويتها في مجلس الأمن، بأنها: «أخرجت نفسها من الجهود المشتركة في إطار مجلس الأمن؛ للحفاظ على السلام، والأمن الدوليين»، فهي تعلم أن حديثها مجرد كلام - إعلامي سياسي -، باعتبار أن مواقفها التاريخية تتسم بالعهر السياسي، والبعيد كل البعد عن الإنسانية، وأخلاقياتها، وقيمها، كما أنه لا يمت إلى مبادئ العدالة، والقانون، والحق بصلة.

كان الأولى بروسيا أن تحدثنا: عما جرى في بلادها من قمع الأقليات المسلمة في القوقاز، والتركستان، وآسيا الوسطى. وعن فظائع الاستعمار الروسي في القرم، وشمالي القفقاس، وما أوقعته من قتل، وفتك، وسلب، ونهب. بل لا زلنا نذكر، ما حدث في عهد « غورباتشوف «، وذلك بعد اندلاع الحروب الطائفية في القوقاز، وجورجيا، وأرمينيا، وأذربيجان ، حين تمت عملية تهجير جديدة في سرية تامة، بحيث جرى نقل أكثر من مليوني شخص من هذه المناطق إلى آسيا الوسطى، - إضافة - إلى ما فعله جنودها ضد الشعبين - الأفغاني والشيشاني -.

كما كان الأولى بها أن تحدثنا: عن النهج الذي اتبعه « بوتين «، وكيف كان هذا النهج مهددا للديمقراطية، بل وزعزع استقرار البلاد، وأدى إلى تأليب نظام البطريكية في موسكو ضد 25 مليون مواطن مسلم مقيمين داخل روسيا. الأمر الذي يجعلنا نطالب؛ من أجل الحرية، والاستقرار ، بأن الوقت قد حان؛ لتذكير « بوتين « بأن حقوق الإنسان تمثل أهمية كبرى لدى القيمة الإنسانية، والبشرية ، وأن الوقت قد حان؛ لإدانة ما تتعرض له تلك الحقوق من انتهاكات بشعة في ظل حكم « بوتين «.

واليوم، تقف روسيا حجر عثرة في وجه العدالة الدولية، لكونها شريكة مع النظام السوري في جرائمه، وممارساته الوحشية، وفق المعنى - القانوني والإنساني -، والتي بلغت حد الجرائم ضد الإنسانية، بل وجرائم الحرب. وهي التي تصر على بقاء النظام البائس، وتقف عقبة في تسجيل موقف حاسم تجاه ما يجري في حق الشعب السوري، وذلك فيما يتعلق بالاحتجاز السياسي للقضية، وتقييد القانون لصالح المجرمين على أرض الواقع.

الانتهاك الروسي المتزامن لحقوق الإنسان، تجاوزكافة الحدود في كافة المجالات، بدءا من التناقضات الداخلية في مساري القضايا - الاجتماعية والحقوقية -، ومرورا بغياب الديمقراطية الحقيقية التي تدعيها - زورا وعدوانا -، وانتهاء بدورها العالمي المنحسر. وهذا ما يجعلنا نؤكد: بأن الحديث عن انتهاك حقوق الإنسان لدى الروسيين، لا يُترجم مطلقا إلى أفعال لها تأثير إيجابي. وسنبقى إلى وقت طويل نعاني قبل أن نتمكن من الخروج من هذه الأزمة الأخلاقية.

drsasq@gmail.com

باحث في السياسة الشرعية

مقالات أخرى للكاتب