Monday 04/11/2013 Issue 15012 الأثنين 01 محرم 1435 العدد
04-11-2013

لماذا فشلنا في القضاء على الفوضى والحوادث المرورية؟

صرح معالي مدير جامعة الدمام ورئيس اللجنة العليا لملتقى السلامة المرورية الثاني الدكتور عبدالله الربيش بأن خسائر الدولة نتيجة الحوادث المرورية بلغت (13) بليون ريال سنوياً، وأن عدد الحوادث المرورية في المملكة وصل إلى أكثر من (300) ألف حادث سنوياً وأن أكثر من (30%) من أسرة المستشفيات مشغولة بإصابات الحوادث المرورية.

ولذا أشار معاليه إلى أهمية إقامة ملتقى السلامة المروري الثاني في شهر محرم المقبل، موضحاً معاليه بأن الملتقى سيغطي عدداً من المحاور الرئيسية وكاشفاً عن مشاركة (43) متحدثاً من داخل وخارج المملكة.

وأنه قد تم دعوة أكثر من (50) جهة لها علاقة بالسلامة المرورية، وأنه قد تم تقديم (120) بحثاً للمشاركة في المؤتمر قبلت منها (54) بحثاً.

ومع تقديري لما أدلى به معاليه، وتقديري لكافة الجهود المبذولة لهذا الملتقى، إلا أنني غير متفائل مطلقاً بأنه سيكون هناك أي توصيات أو حلول لهذا الملتقى يمكن أن تحل ظاهرة الفوضى المرورية العارمة في كافة مناطق ومحافظات المملكة التي تمخض عنها تلك الأرقام المفجعة من الوفيات والمصابين من الحوادث المرورية.

ناهيك عن الخسائر الاقتصادية الفادحة التي يتكبدها اقتصادنا الوطني من جراء ذلك والتي أشار إليها معالي الدكتور الربيش، بل إنني أجزم بأن كافة التوصيات والحلول التي سيتوصل إليها هذا الملتقى ستكون معروفة لدى الجميع، وسبق أن توصلت إليها عشرات الندوات والمؤتمرات وورش العمل التي عقدت في مجال الحوادث والسلامة المرورية.

إذاً ما هي المشكلة؟ وكيف سيتم القضاء على تلك الفوضى المرورية والتي أدت إلى ارتكاب الآلاف من الحوادث المرورية سنوياً؟

المشكلة باختصار هي أن الحلول معروفة ولكنها لا تطبق من قبل رجال المرور، والمشكلة أن أنظمة المرور مليئة بالعقوبات ولكنها غير رادعة، ناهيك عن عدم تطبيقها على غالبية المخالفين.

فلماذا تحترم تلك الأنظمة المرورية طالما أن ما تتضمنه من عقوبات لا يعدو كونها حبراً على ورق.

المشكلة أن أعداد رجال المرور قليلين جداً في كافة شوارع وطرق المناطق والمحافظات، وهو ما شجع المتهورين إلى التمادي في تلك الفوضى المرورية التي خلفت الآلاف من القتلى والجرحى.

المشكلة أن كاميرات (ساهر) لا تغطي أكثر من (5 %) فقط من الطرق والتقاطعات المرورية التي يفترض أن يوضع فيها مثل تلك الكاميرات.

المشكلة أن (15%) من إجمالي الحوادث المرورية القاتلة هو بسبب انفجار الإطارات، والجميع يعلم أن غالبية محلات بيع إطارات السيارات تبيع إطارات تالفة ومنتهية الصلاحية في ظل سبات عميق من قبل كافة الجهات ذات العلاقة.

فكيف لا تطبق عقوبات رادعة بحق من يتاجر بأرواح البشر ولمجرد المعلومية، فإن عقوبة من يبيع إطارات منتهية الصلاحية في الصين هي الإعدام.

المشكلة أن طرقنا تعج بمختلف السائقين المتهورين والفوضويين والمستهترين والجاهلين بأنظمة السير والذين يرتكبون مختلف أنواع المخالفات المرورية التي أودت بحياة الكثير من الأبرياء، والتي لا يمكن أن ترى مثيلاً لها في أي دولة أخرى، في ظل عجز فاضح من كافة الإدارات المرورية في الحد من ذلك.

المشكلة أن كافة الإدارات المرورية تعلم كيف تحد من الفوضى المرورية وكيف تحد من الحوادث المرورية ولكنها ومنذ سنوات عاجزة عن فعل ذلك، ففاقد الشيء لا يعطيه.

المشكلة أن الدراسات المرورية قد كشفت بأن استخدام الهاتف الجوال أثناء القيادة يمثل (50%) من أسباب الحوادث المميتة.

وأن استخدام الجوال أثناء القيادة يضاعف نسبة وقوع الحادث بنسبة (400%)، الكارثة أنه على الرغم من ذلك نجد أن مخالفة استخدام الهاتف الجوال أثناء القيادة قدرها (150) ريالاً فقط. علماً بأن تلك الغرامة لا تطبق أصلاً إلا على نسبة قليلة ممن يستخدمون الجوال أثناء القيادة، بسبب ندرة تواجد رجال المرور في معظم الطرق والشوارع.

خلاصة الحديث، أن الأوضاع المرورية لدينا ومنذ سنوات لا تزال محبطة وتحتاج إلى انتشال، وأعداد جرحى وضحايا الحوادث المرورية لا تزال ضخمة، والخسائر الاقتصادية بمليارات الريالات، ولن تتعدل تلك الأوضاع ما لم يتم إقرار عقوبات رادعة.

وما لم يتم تنفيذ تلك العقوبات على الجميع، وما لم يتم تكثيف تواجد رجال المرور وتثقيفهم، وما لم يتم القيام بذلك، فلتفتح المقابر أبوابها لاستقبال المزيد من الضحايا الأبرياء، ولنفتح قبل ذلك قلوبنا للحزن واللوعة على فراق أحبابنا وأقاربنا.

dralsaleh@yahoo.com

الأمين العام لمجلس التعليم العالي

مقالات أخرى للكاتب