Friday 08/11/2013 Issue 15016 الجمعة 04 محرم 1435 العدد
08-11-2013

لغتنا العربية وموروثنا الثقافي

أثناء كتابتي هذه المقالة أحدِّث نفسي عن هذه اللغة الحية التي تقدمني للقارئ من خلال استخدامي لعباراتها وألفاظها ألا أكون عاقاً لها، وأقول لنفسي لعل وعسى ألا أقع في عقوقها عند كتابة هذه المقالة؛ لأنها لغة عظيمة شرفها الله أن نزل القرآن بها، والسنة النبوية تم تأصيلها ورصدها بهذه اللغة، فمن هنا يحق لنا أن نتباهى بها في الأروقة العلمية والمحافل الدولية، وليس كما يحصل الآن عند الكثير ممن ينتسبون لهذه اللغة التي قدمتهم في حقول المعرفة المختلفة تجدهم يشعرون بالنقص والحرج عندما يوجدون في أحد المؤتمرات والندوات وهم لا يتقنون إلا اللغة العربية ونسوا أن لغتهم العربية من اللغات المجازة عالميا في جميع المحافل الدولية الذي يؤكد مكانة هذه اللغة من الناحيتين الدينية والعلمية، إضافة إلى مخزونها الوافر الذي أثرى منظوماتها الأخرى مثل النحو والبلاغة والأدب، مما جعلها لغة راقية يتوافر فيها الذوق الأدبي الرفيع الذي يجعل الإنسان يشعر بالمتعة ويتفاعل مع مذاهبها الكلاسيكية والرومانسية، وموروثنا الثقافي الإسلامي قدم لنا لغتنا العربية بشكل حضاري فالقرآن الكريم نزل بهذه اللغة وجعل كل من يقرأ القرآن أو يستمع إليه يجد الإعجاز العلمي فيها واضحاً يحتاج إلى تأمل والذي ابهر حتى غير المسلمين من النصارى العرب الذين قدموا أنفسهم إلى الأمة من خلال القواميس والمعاجم التي ألفوها عن اللغة العربية، فتجد الواحد منهم ضليعا بجميع فنونها وآدابها، والمكتبة العربية تزخر بالكثير من مؤلفاتهم حتى عصرنا الحاضر على الرغم من التهميش الذي تواجهه اللغة العربية ممن يتحدثون بها، وهذه رسالة واضحة توجه للمؤسسات التربوية والأكاديمية أن اللغة العربية شامخة وتفرض نفسها من خلال معطيات مشاهدة في حضارة العرب في بلاد الأندلس آخر معقل للحضارة العربية الإسلامية في تلك البلاد، كذلك العلماء المسلمون مثل ابن سينا وجابر بن حيان وابن نفيس وغيرهم مؤلفاتهم وتجاربهم كتبت باللغة العربية وترجمت إلى اللغات الأخرى، نظراً لأهميتها وما تتضمنه من علوم ونظريات وهذا يسجل للغة العربية لأنها المصدر الذي تم الاعتماد عليه في الترجمة.

وهنا أتساءل عن المحاربة الشرسة التي تتعرض لها اللغة في بلادنا العربية دون استثناء، فالمملكة العربية السعودية حاضنة الحرمين الشريفين لازالت اللغة العربية تتعرض إلى الإقصاء بالذات من القطاع الخاص، فالأسواق التجارية الكبرى تجد الاسم البارز الذي يحمل اسمها مكتوباً باللغة الأجنبية وبجانبه الاسم العربي بخط صغير، وما ينطبق على هذه الأسواق ينطبق على المحلات التجارية الصغيرة والمطاعم والأكشاك المتنوعة، أيضاً لم يتوقف الأمر عند هذا الحد فالفنادق والشقف الفندقية المفروشة معظمها تحمل أسماء غير عربية، إضافة إلى البروشورات واللوحات الإرشادية تجد اللغة الأجنبية تأخذ نصيباً أكبر.

هنا يتساءل المرء من هو المسؤول عن التهميش الذي تتعرض له اللغة العربية على الرغم من الكثير من القرارات التي صدرت من مجلس الوزراء بقدسية اللغة العربية وضرورة الاهتمام بها سواء كان في المؤسسات التعليمية أو الأكاديمية؟ ولم تتوقف هذه القرارات عند هذا الحد بل شملت مؤسسات لأفراد والقطاع الخاص التي ترتبط بحياة الناس ولاسيما في القطاع التجاري، علماً بأن هذه القرارات صارمة ولكن للأسف نجد هذه القرارات غير مفعلة في الميدان وما زال القطاع الخاص يتمادى في المسميات التي يختارها لمحلاته التجارية التي تحمل أسماء غير عربية.

لهذا أطالب وزارة التجارة والصناعة ووزارة الثقافة والإعلام والبلديات ان يكون لديها مبادرة وغيره للمحافظة على لغتنا العربية بتفعيل القرارات الصادرة من المقام السامي عن التجاوزات التي تحصل في الساحة المحلية التي تضر بنشر اللغة العربية والمحافظة عليها.

mid@abegs.org

مقالات أخرى للكاتب