Saturday 09/11/2013 Issue 15017 السبت 05 محرم 1435 العدد
09-11-2013

زوجة.. ولكن ناقصة!

قبل سنوات قرأت رواية قصيرة لكاتب بريطاني تتحدث عن علاقة زوجين، دخلا للتو قفص الزوجية، لكنهما - ورغم الحب الكبير بينهما - فشلا في الاستمرار معاً وتكوين علاقة زوجية طبيعية بينهما؛ ذلك بسبب الزوجة التي تعاني من الخوف، وربما الهلع، من العلاقة نفسها؛ ما جعل العلاقة الحميمة بينهما شبه مستحيلة، إن لم تكن مستحيلة فعلاً.

كنت وقتها أقول لنفسي: هل يمكن فعلاً أن يحدث مثل هذا المرض النفسي لدى المرأة؟ ولأنني فضولي بطبعي، فتشت في مواقع أجنبية؛ لأتقصى عن هذا المرض الغامض بالنسبة لي، حتى توقفت عليه، وأدركت بعض حقيقته!

وتضاعفت دهشتي حينما غامر المذيع المميز ياسر العمرو، وخصص حلقة من برنامج قضية رأي عام، في قناة روتانا، لهذا الموضوع الغريب، وقد استضاف فيه طبيباً نفسياً وطبيبة نساء وولادة، وإحدى الحالات التي تعاني من هذا المرض. ورغم أن معظم الحديث كان مفهوماً بالنسبة لي إلا أن الغرابة، والخصوصية طبعاً في مجتمعنا، أن الحالات يتم التعامل معها بشكل ساخر، لا يخلو من نهر المريضة وتعنيفها، من أنها تمارس (دلعاً) وتدللاً مع الزوج، بادعاء الخوف من المعاشرة، مع أن الأمر ليس كذلك، بل هو مرض نفسي؛ يحتاج إلى علاج ومراقبة للحالة، وقد تتعرض بسببه بعض النساء إلى علاج خاطئ؛ يساهم في مضاعفة الخوف والرعب لدى المرأة؛ لأن بعض الأطباء يعتقد أن المرض عضوي، وليس مرضاً نفسياً كما هو فعلاً.

ومن أكثر الأمور بشاعة أن يتم التخلص من عذرية المرأة بعملية جراحية، رغم أن ذلك ضد الأعراف المهنية الطبية، لكنه يزداد حدوثه في الدول المتخلفة، وهو - للأسف - لا يزيد الأمور إلا سوءاً وتعقيداً، ويضاعف الخوف والقلق والألم.

وكانت من بين المشاركين في البرنامج الدكتورة طرفة المعمر، وقد تحدثت بشكل متميز، بطريقة تكشف فَهمها العميق لهذا النوع من الأمراض، بل لعل الغرابة أن هناك ما يزيد على أربعمائة حالة تتواصل مع العيادة، أي أنه ليس نادر الحدوث، والحالات التي تعاني منه تتواصل في المنتديات بشكل مستمر، تتبادل الهموم والنصائح، ولكن لماذا يحدث ذلك؟ وما أسبابه؟ وهل يمكن تجاوزها؟

كثير من الحالات يعانين من ضعف الثقافة الجنسية؛ الأمر الذي يجعلهن يستقين معلوماتهن من الصديقات، وتجاربهن التي تكون أحياناً فاشلة، وغير دقيقة، وتنعكس بالتالي على هؤلاء الفتيات؛ فيدخلن تجربة الزواج محمَّلات بمعلومات خاطئة، تنعكس على أيامهن الأولى؛ وبالتالي تتحول حياتهن إلى جحيم، حينما لا يستطعن معاشرة أزواجهن بشكل فطري وطبيعي!

هذا الأمر، وما قدَّمه برنامج ياسر العمرو، يطرح مسألة الثقافة الجنسية من جديد، وهل يمكن أن تدخل في التعليم الأولي، بدلاً من أن تقع هؤلاء الفتيات ضحايا معتقدات وأفكار خاطئة؟ هل يمكن تقديم برامج توعوية للشباب والفتيات، من شأنها طرح هذه الموضوعات الحساسة بشكل علمي؟

أكاد أجزم بأن معظم الحالات تخبطت كثيراً في العلاج، دون أن تدرك هل العلاج لهذه الحالات علاج نفسي أم عضوي؟ فلا مصدر علمياً لهؤلاء؛ ما يجعلهن عرضة لاجتهادات المريضات في المنتديات، وتخبُّط الأطباء الذين لا يفهمون طبيعة هذا المرض.

مقالات أخرى للكاتب