Thursday 14/11/2013 Issue 15022 الخميس 10 محرم 1435 العدد
14-11-2013

كيف أتمكن من استخدام نظام الحماية من الإيذاء لصالحي؟

نهلل فرحاً هذه الأيام للمرسوم الملكي الكريم الصادر في 15-11-1434هـ بشأن إقرار نظام الحماية من الإيذاء والذي يشمل تطبيقه كافة المؤسسات التعليمية والطبية والأمنية والعدلية وغيرها من ذوي العلاقة مثل وزارة الشؤون الاجتماعية وبعض المؤسسات الخيرية والمدنية كالجمعيات النسائية والحقوقية.

المهم في الموضوع الآن ليس الإقرار فقط، بل القدرة فعلاً على تفهم النظام ومحاولة استيعابه ضمن الآلية الإدارية للمؤسسات المعنية التي سينتابها الكثير من القلق واللبس، ولا بأس في ذلك حتى يبدأ النظام في فرض نفسه من خلال الممارسات البيروقراطية الاعتيادية لهذه المؤسسات، بل ربما نتعدى ذلك إلى تبادل الخبرات والمهارات في داخل هذه المؤسسات لمزيد من تجذير تطبيقات مواد النظام داخل أجنحة المؤسسات المعنية.

نشر الثقافة الحقوقية بين الأفراد من خلال التعريف بحقهم الذي كفله القانون اليوم أمرٌ أساس، فالناس وبحكم المفاهيم الثقافية والاجتماعية وربما بعض التفاسير الدينية المختلطة بالعادات والتقاليد تعودوا أن لا يدركوا أن لهم الحق فوق من يرعاهم من آباء وأزواج وكفلاء ومعلمين ومديرين وغيرهم ممن لهم سلطة على الأضعف كالزوجة أو الابنة أو العاملة المنزلية، ومن ثم فالتهيئة الذهنية هنا هي حجر الأساس في تطبيق مبادئ النظام يليها دراسة ووضع الخطوات الإجرائية التي تكفل تقليل (الزحام) البيروقراطي عند التطبيق! فماذا يُقصد بذلك؟

تتضمن آلية التطبيق للنظام متابعة خمس جهات حكومية للحالات المُبلَّغ عنها وهي: الصحة والتعليم والشرطة والجهات العدلية والشؤون الاجتماعية، ومن له خبرة ولو بسيطة بدهاليز الحكومة (من غير واسطات أو دف) وهو الأمر الذي لن يتوفر للمعنفين الذين أُصدر النظام أصلاً لخدمتهم، وسيدرك أن مثلنا الشعبي الذي يقول: (مت.. يا.. الين يجيك الربيع) صحيح على هذا الوضع الصعب.. فكيف ستسير المعاملات من جهة إلى جهة، وكم هي أرقام الصادر والوارد التي ستغلف المعاملة، وما هو حجم معرفة وتطبيق مواد النظام ما بين جهة إلى أخرى... إلخ من الإشكالات التي ترفع ضغط الدم عند كل مراجع للدوائر الحكومية.

إذن الدعوة مطروحة لتكوين لجنة تنسيقية بين هذه الجهات؟.. أهي لجنة دائمة.. أم موظفون تابعون لهذه اللجنة ومفرغون لمتابعة الحالات وضمان تطبيق مواد النظام عند معالجة كل حالة أو كلاهما؟

كيف ستكون آلية التبليغ؟.. وهل سنصل للمعنفين.. أم هي وضعت للمهنيين فقط؟ وهل كل بلاغ حقيقي؟ ربما هو مجرد اجتهاد وربما يطوي في داخله بعض المشكلات الشخصية أو حبائل انتقام ليتحول إلى تبليغ كيدي؟ مواد النظام تعاملت مع ذلك بوضوح وفرَّقت بين البلاغات الحقيقية أو الكيدية وحتى تلك البلاغات التي تنتهي بأنها لم تكن دقيقة ولكن حسن النية أو الحماس والرغبة في حماية المُبلغ كانت السبب في التبليغ.. لكن التطبيقات في كل ذلك ستتداخل مع البنية الاجتماعية والثقافية لمجتمع ينام ويصحو على مقولة: إن الابن لأبيه وإن الأب لا يمكن أن يُقتل لقتل أبنائه فكيف يمكن تبليغ السلطات والتدخل في شؤون الأسرة وغير ذلك من الالتزامات الاجتماعية والقبلية التي سينظر لها المنفذون لمواد النظام بعناية عند تناول كل حالة فهذا من أسرة كذا.. وهذا أبوه في منصب كذا، وهذا مدير في العمل، وهذا زوج شقيقتي... إلخ من الاعتبارات التي ستفرض نفسها شئنا أم أبينا عند تطبيق مواد النظام.

أين سنضع حالات دقيقة وتتداخل مع مشكلات التغيُّر والحراك الاجتماعي والثقافي الكبير الذي تمر به المملكة حالياً مثل زواج القاصرات والتحرش في بيئة العمل؟.. الآن ومع التوصل إلى أن رفع سن الطفولة في المملكة حتى سن الثامنة عشرة ربما يتطلب الخروج بنظام مستقل نُجرِّم فيه حالات زواج القاصرات، وكذا الأمر فيما يتعلق بالتحرش في بيئة العمل وهو الأمر الذي تضع له الدول كافة - شرقية وغربية - وزناً كبيراً لحماية بيئة العمل وضمان سلامة أفرادها - رجالاً ونساءً - في حين تقف الكثير من القوى التي تحاول دفن رؤوسها في الرمال لمنع إقرار قانون بحجة أن إصدار قوانين مثل هذه تشرع للاختلاط بين الرجال والنساء في بيئة العمل رغم أن التحرش قد يحدث حتى عبر التلفون أو الإيميل أو الرسائل النصية كما نرى اليوم في عالم الاتصالات المتنوع، إضافة إلى حقيقة أن جدار الفصل هذا شئنا أم أبينا بدأ ينهار بدخول المرأة موظفة وبائعة وكاشيرة وطبيبة وممارسة صحية وجندية في المطار ومطوعة مع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر... إلخ من الوظائف التي سيتساوى دخول الشباب إليها تدريجياً بغض النظر عن جنسهم.

كيف ستكون آليات حماية المعنّفين وأين؟.. وما هي آلية تطبيق العقوبات التي نصت عليها مواد النظام؟.. ومن المعني بها؟.. هل هي الجهات العدلية، ومن ثم سيكون هناك تطبيق لبعض العقوبات الشرعية؟ وهل ستتفاوت هذه العقوبات بين الحالات والأشخاص بسبب غياب التقنين للأحكام، وهو ما يسبب كل هذا التفاوت في الأحكام المصدرة بين قضية وأخرى، وهل سيتم (ربما) تطبيق مبدأ العقوبات البديلة وكيف؟

كما أقرأ النظام فأراه يطرح عشرات من الأسئلة قبل أن يتمكن من الإجابة عليها وحسناً فعل، فنحن أخيراً بدأنا نسأل الأسئلة الضرورية لحماية حقوقنا بدل تحييدنا عنها بحجة جهلنا الشرعي والقانوني لهذه الأنظمة؟

مقالات أخرى للكاتب