Monday 18/11/2013 Issue 15026 الأثنين 14 محرم 1435 العدد
18-11-2013

ثم ترحيل المخالف السعودي إلى السجن

يبدو أن الحكومة السعودية عازمة على ترحيل كل الأجانب المخالفين لأنظمة الإقامة والعمل ، وأرجو أن أكون محقا ً في توقعاتي المتفائلة.

ورطة المجتمع السعودي مع هذا القطاع المجهول والضخم والخطر من العمالة كبيرة جدا وسوف تطول وتحتاج إلى صبر وإصرار حتى النهاية.

هذه الحملة الوطنية تستند إلى حق وطني شرعي تضمنه قوانين الهجرة والإقامة والعمل في كل دولة، ويجب أن تنجح وإلا أصبحت العواقب أسوأ بكثير من الوضع الحالي.

سوف يترتب على الحملة نتائج داخلية وخارجية ودس وتشويه وحملات إعلامية وسياسية مضادة يجب الاستعداد لها والتعامل معها باحترافية أفضل مما يقدمه الإعلام الرسمي بمواصفاته الحالية.

بشكل موازٍ لهذه الحملة للتعامل مع الأجنبي المتخلف ، يجب وبنفس التصميم والاهتمام أن تكون لنا وقفة مع السعودي المتخلف عن احترام قوانين بلده في التعامل مع العمالة المخالفة.

هذا العنصر السعودي المتخلف عن احترام مصالح بلاده هو الذي أدخلنا في هذه الورطة مع الملايين من البشر الذين تغلغلوا في كل مفاصلنا الاقتصادية الاجتماعية والأخلاقية، وهو الذي ورطنا أيضا ً مع دولهم التي هربوا منها ومع العالم كله، وعرضنا للإبتزاز الإعلامي والسياسي من هذا المدخل اللئيم الذي اختاره للتكسب غير المشروع.

السلسلة المترابطة لأفراد هذا العنصر السعودي المخالف طويلة، تبدأ على حدودنا الدولية مع الدول المجاورة وتتفرع في كل المناطق والمدن والقرى والهجر، لكنها حتما ً لابد أن تقود في النهاية إلى أفراد محدودين ، يعتقدون بامتلاك الحصانة ضد الملاحقة والمساءلة.

إحساس هؤلاء بامتلاك الحصانة بدأ يتكون منذ أيام الطفرة الأولى نتيجة لغض النظر الطويل عن الانتهاكات الواضحة للأنظمة واللوائح في التعامل مع قوانين العمل والعمالة على وجه العموم ، وذلك لأسباب كثيرة.

من هذه الأسباب الارتباط الطفيلي النفعي بين بعض كبار رجال الأعمال والأثرياء السعوديين مع بعض النافذين المتنفذين في مراكز المسؤولية.

على سبيل المثال شركات المقاولات الأكبر في السعودية ، والكل يعرفها بالاسم، كانت (وربما ما زالت) تشغل عشرات الآلاف من العمالة السائبة بالمكشوف، لأنها وبطرقها الخاصة تستطيع الإلتفاف على الأنظمة والتملص من المساءلة التي يخضع لها الصغار من المقاولين والأفراد.

من الأسباب الإضافية وجود الثغرات والفجوات وإمكانيات التكسب الشخصي على الحدود مع الدول المجاورة، ليس للتسلل فقط وإنما للعبور المسكوت عنه بطريقة أو بأخرى.

هذا الوضع يفسر أيضا ً إغراق الداخل السعودي بالمخدرات والبضائع المقلدة.

من الأسباب كذلك الضعف الواضح والفوضوي في أداء الدوائر الحكومية المختصة بالإقامات وتجديدها، وغياب المتابعة والرقابة على المقيمين في الأراضي السعودية، وهذا يعني استحالة التعرف على الملايين منهم بالاسم والجنسية والجنس والعنوان وكأنهم لا وجود لهم.

بعد كل ذلك وأهم منه يبقى السبب الأساس، وهو وجود نوعية المواطن المستعد للتمصلح مع الأجنبي ضد مصالح بلده والتستر عليه، ولذلك ليس كثيرا ً عليه أن يقال إنه مصاب بآفة التخلف الفكري والأخلاقي والوطني والأمني.

المصاب بهذه الأنواع من التخلف لا يريد التفكير أبعد من جيبه وبطنه وغرائزه. احتمالات الأخطار التي سوف تلحق بعائلته ومجتمعه، وماهي أنواعها وآثارها التدميرية، كل ذلك مما لا يخطر له على البال.

هو إما متخلف فكرياً وأخلاقياً أو يعتقد بحصانته الاجتماعية ضد المساءلة والعقاب زيادة على ذلك.

من أمن العقوبة أساء الأدب.

بمثل ما ينطبق ذلك على الأفراد وصغار المقاولين المشغلين للعمالة غير النظامية ، ينطبق أيضاً على المتترس خلف الوجاهة الاجتماعية والثروة الفاحشة، متفرجاً على مصائب الدولة والمجتمع من أبراج ثرواته العالية.

إن كانت السلطات الأمنية تنوي التعامل باحترافية إزاء ورطة المجتمع السعودي ، شعبا ً وحكومة ً، مع العمالة المخالفة المتغلغلة بالملايين بداخله، عندها يتوجب عليها المبادرة إلى ترحيل كل المخالفين السعوديين أيضاً، أولا إلى المحاكم الشرعية، ثم منها إلى السجون.

التعرف على هؤلاء لن يكون أصعب من التعرف على الأجنبي الشبح الذي لا هوية له وهو يعيش بداخلنا.

- الرياض

مقالات أخرى للكاتب