Saturday 23/11/2013 Issue 15031 السبت 19 محرم 1435 العدد
23-11-2013

يوتوبيا وليد السناني 1-2

هكذا يتدرج الشاب في صعود سلم الغلو؛ يبدأ في الصعود درجة درجة، كان وليد السناني -وهو نموذج لفئة غير قليلة من الشباب- متديناً معتدلاً، محباً للعلماء وموالياً للدولة وفي عنقه بيعة؛ وحين بدأ ينحو إلى الغلو بتأثير من أحداث سياسية مرت كأزمة غزو الكويت ومجئ القوات الدولية، وبتأثير أيضاً من بعض مخالطيه وبتحريض من رؤوس تكفيرية كبيرة انقلب على ما كان يؤمن به من ولاء للدولة وتقدير والتزام بآراء العلماء الثقات؛ مثل العالمين التقيين الزاهدين ؛ الشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ محمدبن عثيمين -رحمهما الله- وسماحة مفتى المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ الذي كان على صلة جيدة به؛ حيث أولم له السناني -كما يقول- في منزله أكثر من مرة، وهكذا تصاعدت درجة الغلو عند وليد السناني وتهيأت الظروف لإثارة احتقانه نحو الدولة والعلماء والمجتمع بتأثير المحرضين وأصحاب الأهداف الخاصة وحاملي الأفكار التكفيرية الذين وجدوا في الأحداث السياسية الصاخبة التي صاحبت تحرير دولة الكويت من الغزو العراقي -آنذاك- فرصة لإيقاد الفتنة ضد الدولة واتجاهها الإسلامي المعتدل المتوازن.

نزع وليد بيعته لولي الأمر من عنقه وأعلن على رؤوس الأشهاد باندفاع فورة الشباب قبل أربعة وعشرين عاماً؛ أي في عام 1412هـ والسنوات الأربع التي تلته إلى أن دخل السجن عام 1416هـ، ثم واصل إصراره على ذلك في سجنه؛ تبرأ من سنيه الأولى؛ تلك التي كان فيها متديناً معتدلاً؛ بل إنه نعت نفسه بأنه في تلك السنين التي كان فيها موالياً كان من «الفئة الضالة»!.. ويزعم أنه قد اهتدى إلى طريق الحق والرشاد حين تنكر لمنهج الاعتدال والروية والحكمة ولزوم جماعة المسلمين وعدم الخروج على إمامهم.

لقد سجن وليد نفسه بنفسه معنوياً قبل أن يدخل إلى السجن واقعيا قبل ثمانية عشر عاماً وستة أشهر؛ فهو من حكم على نفسه بالعزلة والهروب من المجتمع؛ بل معاداته ومواجهته بالأحكام القاسية وبالحرب الجهادية -كما يزعم- فلم يتوان عن تكفير الحكام والدعوة إلى خلع البيعة لهم ومواجهة رجال الأمن وقتلهم باعتبارهم مرتدين، وشمل الحكم بالردة جميع من ناصر السلطان «الكافر» في نظره من علماء، ويسميهم «مشايخ السلاطين» وهيئة كبار العملاء! وسماحة المفتي «كما لم يستثن من الحكم بالردة كل من يعمل لخدمة السلطان «الكافر» من جنود وموظفين وكتّاب ورجال إعلام وغيرهم، وأيد ما كانت تقوم به الجماعات الإرهابية من استباحة للأبرياء من معاهدين وغيرهم من المسلمين رجالاً ونساءً وأطفالاً؛ حيث أفتى بجواز قتلهم باعتبارهم مترساً بهم، وسمى من ارتكب تلك الجرائم بالمجاهدين، وكان على صلة وثيقة بكثير منهم، وأبدى إعجابه الشديد وثناءه وصلته العميقة بناصر الفهد وبفارس الزهراني اللذين كتبا رسائل في تكفير الدولة، وأبدى إعجابه بما ارتكبه عبدالعزيز المقرن من آثام في حق أبناء وطنه، وأثنى على ابن لادن ودعا إلى الأخذ بمنهج القاعدة وتطبيقه على بلادنا؛ وهو كما يعلم المطلعون منهج تكفيري خالص؛ بحيث لن يبقى في جزيرة العرب -كما تسميها القاعدة- إلا من يستسلم لمنهجها التكفيري ويؤمن به.

ونتيجة لما اعتنقه وليد من رؤى تكفيرية فقد شنع على منهج التعليم وحرم أبناءه من فرص التعلم حتى في مدارس تحفيظ القرآن التي أبدى ملحوظاته عليها، وانقطع عن دراسته بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية؛ لأن لديه عليها مآخذ، وحرم إدخال وسائل الإعلام من تلفزيون وإذاعة وصحافة، والتعامل مع البنوك، ومزق شيكا وصل إليه؛ لأنه يصرف من بنك، ودعا إلى قطع الصلات مع دول العالم؛ لأنها كافرة، ولم يتوقف عند القطيعة والعزلة عنها فحسب؛ بل دعا إلى حربها ومواجهتها، وأنكر الانتساب إلى المؤسسات الطاغوتية العالمية مثل هيئة الأمم المتحدة وإلى جامعة الدول العربية، ورفض حمل البطاقة الشخصية أو الجواز، وشنع على تدريس الوطنية باعتبارها تتناقض مع مفهوم «الأمة»، وهنا تتسرب إليه على علم أو خفاء الفكرة الإخوانية الراسخة في منهجهم بهدم الحدود والقيود بين الدول الإسلامية.

... يتبع

moh.alowain@gmail.com

mALowein@

مقالات أخرى للكاتب