Thursday 28/11/2013 Issue 15036 الخميس 24 محرم 1435 العدد
28-11-2013

أستاذي محمد بن أحمد الرشيد

رحم الله المربي الفاضل والعلم التربوي البارز محمد بن أحمد الرشيد وأسكنه فسيح جناته وأثابه على ما قدمه في حياته من خير لأبناء بلده، وما أثرى به الساحة التربوية من طرح فريد أفاد به الأجيال من بعده. أعزي نفسي وأسرته وكل محبيه بفقده. لم تحزن المملكة العربية السعودية لوحدها على فقده بل إن جميع دول الخليج ترى فيه رجل التربية الفذ إذ كان له الفضل بعد الله في تأسيس مكتب التربية لدول الخليج العربي وجامعة الخليج.

محمد بن أحمد الرشيد أكتبها هكذا دون أن تقترن بألقاب كما كان يحب في حياته، وإن كان يفضل أن ينادى “أبو أحمد”. عاش حياته متواضعا شعبيا لصيقا بالناس، حتى في سفره وفي المناسبات يفضل السكن مع مرافقيه، ويفضل الجلوس طويلا للحديث والتجاذب حول كثير من مشكلات العمل وقضايا التربية والمجتمع. أمضيت فترة من الزمن أتردد على مجلسه الذي يعقد بعد مغرب كل سبت،كان يحضره العشرات من أحباب أبي أحمد. لم يكن مجلسا مخمليا أو لشرائح محددة بل كان بوسع أي محب مهما كان وضعه الاجتماعي أن يشارك فيه. مجلس ودي بعيد عن الرسميات. في هذا المجلس تعلمت الكثير وسعدت بالتعرف على كثيرين من رموز المجتمع ومن أبنائه على اختلاف مشاربهم. الحس الإنساني عند أبي أحمد أكثر ما يميزه، كان في هذا الجانب مدرسة جديرة بالاقتداء. أذكر أنني انقطعت لفترة عن مجلسة لظروف الدراسة ولبعض المشاغل الخاصة وبعد أشهر التقيته في مناسبة عامة فقال لي معاتبا عتب المحب لماذا أنت منقطع منذ زمن حاول تمر علينا نشوفك، لهذه الدرجة يهتم رحمه الله بجميع من يعرفهم دون استثناء أو تفريق.

كان مجال الاهتمام لديه واسعا متشعبا ينظر إلى الإنسان لا بوصفه آلة صماء وإنما مشاعر وأحاسيس يجب أن تراعى عند التعامل فهي المفتاح الرئيس كما رأى لتفجير طاقاته وإبداعاته، يعتمد أسلوب التشجيع لأي أفكار جديدة يمكن مناقشتها وإذا كانت جديرة فما المانع من تطبيقها، وكان دائما يوجه القياديين معه بقوله إذا كان ثمة فكرة جديرة فاطرحوها في الميدان فهو كالمطبخ يتولى إنضاجها.

تشرفت بأن كان أستاذي في مرحلة الماجستير بجامعة الملك سعود كان يأتي عند أول دقيقة من المحاضرة و لا يحب أن يدخل بعده أي طالب بهدف تعويدنا على الالتزام والانضباط في الوقت المحدد، استفدت كثيرا من إضاءاته المشرقة عندما كان يدرسنا مادة التخطيط لم يكن يهتم كثيرا بالمعلومات قدر اهتمامه بالمبادئ والأسس والطرائق ولعل من أهمها الأولويات ودورها في الترشيد والإنجاز.

جاء محمد الرشيد إلى وزارة المعارف ولم يخرج منها إلا وقد حول مسماها إلى وزارة التربية والتعليم لإيمانه الدائم بدور التربية وأنه أهم من التعليم، ولأبي أحمد رحمه الله بصمات واضحة فكثير من الأفكار التي نفذت كانت بتوجيهاته في العشر سنوات الذهبية التي قضاها في سدة الوزارة. على سبيل المثال فصل بعض القطاعات عن الوزارة مثل الآثار بضمها لهيئة السياحة والمكتبات لوزارة الإعلام والصحة المدرسية لوزارة الصحة وضم القطاعات التعليمية في الحرس الوطني والدفاع لوزارة التربية وإدخال الحاسب الآلي والتربية الوطنية للمناهج.

من ميزاته رحمه الله تمتعه بروح المحبة والألفة والفكاهة في الاجتماعات الرسمية والعادية. أما قصة بره بوالدته فيجب أن تروى للأجيال. رحمك الله أستاذنا أبي أحمد وأسكنك فسيح جناته.

Shlash2010@hotmail.com

تويتر @abdulrahman_15

مقالات أخرى للكاتب