Saturday 30/11/2013 Issue 15038 السبت 26 محرم 1435 العدد
30-11-2013

شباب الباحة

أبهرني ما رأيته في زيارتي إلى الباحة هذا الأسبوع، للمشاركة في ملتقى الباحة الإعلامي، الفريق الشبابي الذي يعمل كخلية نحل، مع حرص تام على نقل صورة إيجابية لمنطقتهم.. سألت الشاب الذي استقبلني في المطار عن الجهة التي يعمل لديها، فأبلغني أنه طالب في كلية الطب وهو متطوّع في (مجلس شباب الباحة) التابع لإمارة المنطقة.

وجدت أيضًا بقية الشباب مثله ممن كانوا يقفون لمساعدتنا والرد على أي استفسارات، أعجبتني فكرة المجلس، ونوعية هذا العمل التطوعي الذي نفتقد ثقافته إلى حدٍّ كبير في مجتمعنا، وما يدور حول هذا العمل من مفاهيم مغلوطة تعتقد أنّ العمل التطوعي هو نوع من مضيعة الوقت وهدر الجهد دون مقابل، وهنا يتضح المحك الرئيسي في ماهية التطوع، ونجاح فكرة بذل العطاء بدافع الحب بلا مردود مادي، لكن مردوده المعنوي أكثر عمقًا، فيكفي شعور الإنسان بالتقدير الذاتي، وانعكاس تقدير الآخرين وامتنانهم له على نظرته لنفسه، والشعور بالاعتزاز وعودة هذا على عطاء المتطوع في حياته العامة والخاصة، من خلال تنمية وتعزيز مشاعر العطاء لوطنه ومجتمعه، بما يرجع على تقوية الانتماء والولاء لهذا الوطن وأهله.

إنّ ما ألاحظه في مجتمعنا هو وجود الحس العالي في تقديم العمل التطوعي، ويتضح هذا من التصرفات الفردية التي نطالعها بشكل شبه يومي في تطوُّع الأفراد بتقديم خدمات بأشكال مختلفة للآخرين، إلاّ أنّ منهجية هذا العمل التي تتضح في عشوائيته، هو ما يجعل هذه الجهود لا تأخذ الشكل المنظّم الذي يطوّرها ويزيد من فعاليتها، لذا فإنّ فكرة مجلس شباب الباحة أتت بتأطير مجموعة من الأفكار والاحتياجات، وجمع الجهود الفردية في قالب جماعي يعي ويُدرك معنى التطوُّع بكل تفاصيله ومنطلقاته الدينية والثقافية والإنسانية.

في زيارتي للباحة توقّفت على أشياء كثيرة في هذه المدينة، التي أول ما ينبض فيها روح أهلها العامرة بالمحبة والترحيب والفرحة بالزائر القادم، وتوقُّفي عند مجلس شباب الباحة هو حاجة لنشر هذه الفكرة التي أطمح برؤيتها كثقافة منتشرة في جميع مناطق المملكة، وكعمل مؤسّساتي منظّم تحت مظلّة وطنية تتبنّى أفكاره وتعمِّمها، والأخذ بهذه التجربة الرائعة والمشتركة ما بين جامعة الباحة وإمارة المنطقة، وتطويرها بحيث تُحسب ساعات العمل التطوعي في الجامعات والكليات ضمن مواد اختيارية، كما هو معمول في بعض الجامعات العالمية.

إنّ استغلال الشباب في الأعمال التطوعية، هو توجيه لطاقة كبيرة لا ينبغي إهدارها، كما أنه لا ينبغي تجاهلها حتى لا تعود على المجتمع بهلاكه، وما نرى من انحرافات فكرية وسلوكية منتشرة في مجتمعاتنا، سببها الطاقة المهدرة التي لم يتم توجيهها بشكل إيجابي، واستغلالها بالطريقة الصحيحة، لأنّ الشباب من الجنسين هم في مرحلة امتلاك الطاقة التي سيتم صرفها بأي شكل من الأشكال، وتركها دون توجيه هو ما يجعلنا نرى انصرافها تجاه العنف والإرهاب، أو في الجهة المقابلة وهي المخدِّرات والانحرافات السلوكية والأخلاقية .. حمى الله أبناءنا من هذه وتلك!

www.salmogren.net

مقالات أخرى للكاتب