Saturday 14/12/2013 Issue 15052 السبت 11 صفر 1435 العدد
14-12-2013

النساء المفرج عنهن مابين ولاية الأب والمجتمع..!

في مناسبة أسبوع النزيل الخليجي الموحد الثاني لدول مجلس التعاون والذي نظمته يوم الأحد الماضي المديرية العامة للسجون وبرعاية كريمة من سمو وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف، أنطلقت فعاليات الأسبوع تحت شعار “خذ بيدي نحو غدٍ أفضل” بمركز الملك فهد الثقافي، لم يكن الجمع العسكري مهيباً ويدعو للفخر والاعتزاز بوجود هذه الكوادر الأمنية في بلادنا فقط، بل كان المشهد التمثيلي الذي قام بأدائه أحد المساجين عن عدم تقبل المجتمع للمفرج عنهم هو الأكثر مهابة وتأثراً وتفاعلاً من الحضور! وهنا تبدأ المعاناة الحقيقية للمفرج عنهم والتي لابد أن تركز إدارات السجون كل جهودها على إعداد الخطط والبرامج الفعلية لمواجهة عدم تقبل الأسرة والمجتمع للسجناء ما بعد الإفراج خاصة أن تأهيلهم وتدريبهم ومتابعتهم داخل السجن قد تضيع هباءً منثوراً عند الاصطدام بالرفض الأسري والاجتماعي بعد انتهاء محكومية السجن.

وحيث إن حملة الأسبوع تنطلق بشعار “خذ بيدي نحو غدٍ أفضل” والذي لن يتحقق إلا من خلال تفعيل مفهوم الشراكة المجتمعية لاحتواء هذه الفئة بعد الإفراج نساء ورجالاً، وكذلك تفعيل دور الأسرة التي قد تكون هي الدافع الأول لدخول أبناءهم أو بناتهم للسجن لأسباب عديدة، لكن للأسف الشديد يتخلون عنهم ويعلنون براءتهم منهم! ويرفضون تقبلهم بسهولة ولايعطونهم مجالاً للتغير للأصلح لحياتهم، وإن كان ديننا الحنيف يحثنا على الرحمة والعفو عن المخطئ ومنحه فرصة لإثبات توبته لقوله عليه الصلاة والسلام “التائب من الذنب كمن لاذنب له” إلا هناك الكثير من الأسر لا ترحم ولاتعطي فرصة لبناتها بالذات أن يبدأن حياة جديدة بعيدة عن الماضي، خاصة الأسر ذات البيئة المناسبة للإصلاح!.. لذلك كان لوزارة الشئون الاجتماعية السبق والريادة في استضافة النساء المفرج عنهن بعد انتهاء محكوميتهن لرفض أسرهن استلامهن، وعدم بقائهن في السجون أو المؤسسات الإصلاحية لفترات طويلة وذلك بافتتاحها دوراً للضيافة في المناطق الرئيسية بهدف منحهن فرصة للتكيف الاجتماعي والنفسي بعيداً عن البيئة العقابية من خلال تقديم خدمات مختلفة تحقق لهن العيش الكريم، إلا أن هذه المبادرة الإنسانية التي لا تتكرر على أي مستوى خليجي أو عربي للنساء للمفرج عنهن وإن كانت لها أثاراً إصلاحية عظيمة، إلا أنها أعطت الكثير من الأسر فرصة للتخلي عن دورها التربوي في احتواء بناتها والستر عليهن ومساعدة الجهات المسؤولة في رسم الخطط العلاجية لمستقبلهن!.. فهناك بعض أولياء الأمور مثلاً يرفض استلام ابنته المفرج عنها ويطلب تحويلها لدار الضيافة، ويرفض التواصل مع الجهات المسؤولة لمعالجة وضعها، وبالرغم من ذلك القضاة يقدسّون هذا الأب القاسي والذي لم يراعِ الأمانة التي بين يديه؟.. ولا يهتم بما آلت إليه حالتها بسبب رفضه لها، بل إنه لايتم خروجها أو تزويجها أو استخراج بطاقتها الوطنية إلا بموافقته هو فقط حتى لو بلغت من العمر ما يؤهلها لتكون مسؤولة عن نفسها! ومن واقع معايشتي اليومية لهذه الحالات أعتبره أكبر ظلم يواجه المفرج عنهن حيث لا مساندة أسرية ولا أبوية وتظل تحت سلطة ولاية الأب والمجتمع أيضاً طوال حياتها مما قد يدفعها للانحراف مرة أخرى لتلك الروح الانتقامية التي سيطرت عليها بسبب التشكيك في أخلاقياتها طوال العمر.

moudyahrani@ تويتر

مقالات أخرى للكاتب