Friday 17/01/2014 Issue 15086 الجمعة 16 ربيع الأول 1435 العدد
17-01-2014

الشعب المصري ينتصر وجماعة الإخوان إلى المجهول!

يقول العرب: (على نفسها جنت براقش)؛ ولم تكن براقش الإخوانية في مصر إلا الوريث الشرعي لبراقش التي جنت على قومها ذات ليلة سوداء. الشعب المصري قال في اليومين الماضيين بأغلبيته الكاسحة: (نعم للدستور)؛ أما المسكوت عنه في الجملة فقد كان (لا.. لجماعة الإخوان).

كان الإخوان يستمدون مقاومتهم للتغيير الشعبي الذي سانده الجيش والقضاة والأزهر والكنيسة القبطية والإعلام من (شرعية) الصناديق الديمقراطية كما هي حجتهم؛ بالأمس قال الصندوق كلمته (النهائية) وأنهى الخلاف بالضربة القاضية الموجعة.

ولم يعد في يد الإخوان إلا التشكيك بسلامة إجراءات الاستفتاء وعدالتها، وهي الحجة التي دائماً ما يرددها المنهزمون في دول العالم الثالث؛ غير أن المنطق يقول: إذا شككتم بسلامة استفتاء صناديق الأمس وقبلتم نتيجة الصناديق التي فزتم فيها بالأغلبية في الماضي فأنتم ببساطة تكيلون بمكيالين؛ إذا كانت النتيجة معكم قبلتموها وإذا كانت ضدكم فلن تجد إلا الرفض منكم.

مثل هذا الموقف لن يُعيره العالم اهتماماً؛ وصدقوني أن (نضالكم) أو بلغة أدق (جعجعتكم) لن تَجِدَ بعد الأمس آذاناً صاغية؛ حتى وإن كان التغيير انقلاباً كما تصفونه؛ فالانقلاب الذي يحظى بكل هذه المساندة الشعبية الكاسحة يحق له عن جدارة واستحقاق أن يبقى ويصبح (شرعية) جديدة يستمد منها القادمون الجدد لحكم مصر قوتهم وسلطاتهم.

يقولون: في السياسة تستطيع أن تكذب بعض الوقت، وربما يصدقك الناس في البداية، لكن أن تستمر بالكذب والافتراء وتطلب من الناس في كل مرة أن يصدقوك، فأنت هنا وببساطة تطلب مستحيلاً.

كان بإمكان الإخوان أن يتراجعوا، ويقبلوا بحقيقة مؤداها أن تلك الجماهير الرافضة لهم التي طلبت من الجيش أن يتدخل ليقصيهم لم تكن فبركة ولا مؤامرة من (الجيش) كما كانوا يرددون، بل هي حقيقة تشير إلى الفشل الذريع لسياساتهم عندما تولوا السلطة؛ وأن (الخارج) مهما وقف معهم وساندهم كما كانوا يتصورون لن يستطيع أن يُغير المعادلة؛ لو أنهم أدركوا هذه الحقيقة وكانوا موضوعيين لما تمادوا في التحدي وتدرّعوا بالبسطاء والنساء والأطفال في (مسجد رابعة)، ثم امتطوا (العنف) والتفجيرات والقتل والإرهاب لفرض أنفسهم بالقوة على الساحة السياسية المصرية.

ما حصل في الأمس والذي قبله لم يكن فقط استفتاء على الدستور بنعم أو لا، لكنه - أيضاً - كان استفتاء على مدى شعبية جماعة الإخوان وقبول الشعب لتصعيدهم؛ وكذلك على قبول قرار السلطات المصرية الحاكمة باعتبارهم (جماعة إرهابية محظورة)؛ فكانت النتائج وخيمة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.

وليس لدي أدنى شك أن عقلاء جماعة الإخوان يعضون الآن أصابع الندم على التصعيد والعنف في مواجهة الانتفاضة الشعبية في نهاية يونيو من العام الماضي، وهم يرون ما آل إليه تحديهم وإصرارهم على إيقاف عقارب الساعة بالقوة؛ ففي السياسة من لا يقرأ الواقع، ويتعامل مع الاحتمالات بدقة وعقلانية و(حذر) فسينتهي - كما يقول التاريخ - إلى الخروج من اللعبة.

ولعل من المفارقات هنا أن عبدالناصر لم يستطع أن يقضي على الإخوان طوال 18 سنة من محاولاته القمعية لإقصائهم، وحاول السادات في نهايات حكمه وعجز.

وحاول مبارك طوال سنوات حكمه وعجز أيضاً.

في حين أن مرسي المنتمي لجماعة الإخوان قضى عليهم تماماً ونسف شرعيتهم في عام واحد فقط؛ والسبب هو القانون الأزلي الذي يقول: (التجربة خير برهان)؛ جرّبهم الناس فكشفوهم.

إلى اللقاء

مقالات أخرى للكاتب