Monday 20/01/2014 Issue 15089 الأثنين 19 ربيع الأول 1435 العدد
20-01-2014

نحن وأبو الفنون

للكاتب المسرحي والصحافي المصري علي سالم قلم رشيق لذا تأتي كتاباته سهلة الهضم بطابعها الكوميدي الساخر، لكنها في الوقت نفسه معبرة وعميقة المعنى.

لقد كتب في زاويته في الزميلة (الشرق الأوسط) حين أتى للمملكة للعلاج عن المسرح وكيف أنه وسيلة تنوير وتثقيف كما هو معروف. لكنك تشعر بأنه يلمح إلى غياب أبي الفنون - وهي التسمية الثانية للمسرح -

عن الساحة السعودية وله الحق فيما لمح إليه. ألم يقل شكسبير بأن الحياة مسرح وكل إنسان يؤدي دوره فيه. إن الفنون الحديثة من سينما وتلفاز هي امتداد وشكل من أشكال المسرح لكنها بإضافات تقنية وفنية ولذا سمي المسرح أبو الفنون. إلا أنه يتميز عليها باللقاء المباشر بين الممثلين على خشبة المسرح والجمهور دون حدود أو حواجز، لذا فالتأثير أعمق. ثم إن خشبة المسرح ترفع الوعي الاجتماعي والثقافي وحتى السياسي بنصوص من كتاب متمكنين يسلطون الأضواء على هموم وآمال المجتمع فيخرج الجمهور بعد العرض أكثر وعيا وإحساسا بكيانه وأهميته ويتعامل مع حراك مجتمعه بعقلية أكثر دون تشنج أو عاطفة محضة.

ومما يجدر ذكره أن المسرح والدراما السعودية عموما كانت نشطة في السبعينات الميلادية أو لنقل منذ أواخر الستينات حتى خبت ووهنت أوائل الثمانينات لأسباب ليس هنا مقام شرحها. حتى دور السينما كذلك كانت نشطة في المدن الصغيرة كما الرئيسية. وليس بجديد القول إن هناك تناقضا صارخا بين طوفان القنوات الفضائية التي تمتلئ بها البيوت لدينا وبين خلو مدننا من دور المسارح والسينما وهي التي يمكننا أن نوجهها لرفع الوعي الاجتماعي والذائقة الثقافية والفنية. مسرح وطني يخدم قضايانا ويقدم كذلك الترفيه والكوميديا غير الهزلية، وسينما نختار عرض الأفلام التي لاتصطدم مع ديننا وقيمنا وما أفلام الرسالة وعمر المختار وصلاح الدين إلا أمثلة.

بالأمس قدم ممثلون سعوديون مسرحية جادة باللغة العربية الفصيحة في مقر النادي الأدبي بالرياض امتلأت قاعته بالحضور الذي تفاعل مع الممثلين، هذا الحضور المتعطش للمسرح على وجه الخصوص، أذهل حضوره حتى الممثلين أنفسهم والذي يكشف أن الجمهور لدينا يحترم من يحترمه ويبحث عن الفن الراقي والمتعة التي تضيف إليه وتقويه في مواجهة أعباء الحياة كما تصقل وعيه الجمعي وليس مكان يقدم له هذه الوجبة الحضارية بعد المسجد إلا المسرح. وإنك لتعجب من الأمريكيين والغرب عامة إنهم بالرغم من أن وسائل وأماكن الترفيه لديهم لاحصر لها، إلا أن المسرح مازال يشكل هناك صرحا حضاريا وواجهة فنية وثقافية، بل إن القطاع الخاص يرعى المسارح مما جعله مجال استثمار اقتصادي كما اجتماعي وثقافي وفني.

إن الجهد أو لنقل هذه الهزة الإيجابية التي أحدثها النادي الأدبي بالرياض ونفض الغبار عن خشبة المسرح حركة طالما انتظرها الجمهور، وللحق فإن جمعية الفنون في المنطقة الشرقية هي الأنشط في المملكة منذ سنوات وخصوصا في منطقة الأحساء فتحية إكبار لهم على هذا الجهد الكبير برغم الصعاب.

وحتى نكون واقعيين في طرحنا نسأل، لو كان لدينا مسرح فاعل ونشط بكتاب وممثلين وفنيين مدعومين، فهل ياترى نرى من الظواهر والسلوكيات السلبية والضارة وغير الحضارية من قبل فئة من الشباب وأحيانا حتى الكبار؟. كما ولو أن لدينا سينما نظيفة راقية هل سنرى هذا المد والطوفان من المواد الهابطة والثقافة الاستهلاكية والبرامج المعلبة المستوردة التي تقدمها هذه الفضائيات؟!.

مسرحية ( هاملت ) شمعة أمل أوقدها هؤلاء الممثلون في ردهات المسرح السعودي، فوقفة احترام مع التصفيق لهم. ودمتم في رعاية المولى الكريم.

romanticmind@outlook.com

تويتر @romanticmind1

مقالات أخرى للكاتب