Saturday 01/02/2014 Issue 15101 السبت 01 ربيع الثاني 1435 العدد
01-02-2014

غرفة لكل مريض!

سياسة تدوير الأسرة أسلوب جديد بدأت وزارة الصحة تطبيقه في مستشفياتها لمعالجة مشكلة النقص الشديد في أعداد الأسرة، وهو نقص ليس وليد اليوم وإنما يعيش الناس معاناته منذ أمد طويل. أيضاً هناك ما يسمى بتدوير اللاعبين سمعنا عنه في مباريات كرة القدم وهو إجراء حسب تبريرات المدربين هادف لمواجهة ضغط المباريات ولتجنيب اللاعبين الإرهاق، ومنح البدلاء فرصة المشاركة.

التدوير في المستشفيات بالتأكيد يختلف، وهو يعني إنزال مرضى من أسرتهم وإحلال مرضى آخرين أماكنهم، وهكذا إلى أن تفرج، أو تدبير أسرة للمرضى في المستشفيات بالمدن الأخرى، ومع هذا ولأن التدوير لم يحل الأزمة لأن حال مستشفياتنا من بعضه، وأعداد المرضى في تزايد مستمر نتيجة الضغط السكاني فقد لجأت الوزارة لتطبيق أفكار أخرى غير التدوير لمعالجة هذا الهم المزمن مثل استحداث مستشفيات، واستئجار أسرة من القطاع الخاص للحالات الطارئة والمزمنة، والعمل في برنامج الرعاية المنزلية، والإحالة بين المستشفيات.

تصوروا كل هذه الاجراءات الكثيرة لمحاولة توفير أسرة اضافية، وهو ما يدل على حجم المشكلة في جانبها الكمي، ولن نخوض في الجوانب النوعية كي لا نتشعب. وبمعنى أدق فمن شدة المعاناة قد تضطر الوزارة لوضع عشرين سريراً في كل غرفة، ومع ذلك سيبقى عدد كبير من المسجلين في قوائم الانتظار.

حاولت أن أربط بين هذه الإجراءات بما فيها من تدوير وتحوير وتحويل، والتي صرح بها الدكتور ياسر بن سعيد الغامدي المشرف على برنامج الأسرة بالوزارة، وبين تصريح نائب الوزير الدكتور محمد بن خشيم وزفه لبشارة مفرحة بأن الصحة بصدد دراسة تخصيص غرفة لكل مريض داخل المستشفيات حسب المواصفات العالمية، فلم أفلح في الربط بسبب البون الشاسع بين الواقع المتمثل في أزمة الأسرة، وبين هذا الحلم الجميل بتخصيص غرفة منفردة لكل مريض كي يأخذ راحته وينال عناية مكثفة ويستأثر بخدمات مميزة.

قد يتحول الحلم إلى واقع، وما ذلك على الله بعزيز لكن متى وكيف؟ الغريب أن النائب لم يحدد المدى الزمني لتحقيق هذه الرؤية الجميلة، فهل ستكون خلال الخمس أو العشر سنوات القادمة؟ أم أن الوقت سيطول لثلاثين أو خمسين سنة؟ بصراحة لا أدري على أي أساس بنت الوزارة رؤيتها، والتي أعتقد بأنها قد تتحقق ببناء أكثر من خمسمائة مستشفى مع زيادة الطاقة الاستيعابية للمستشفيات القائمة، وإيجاد آلية ميسرة تمكن كل السكان من الاستفادة من أنظمة التأمين الطبي، والتوسع في تحويل المرضى للمستشفيات الأهلية للعلاج على حساب الدولة، وتطوير مراكز الرعاية في الأحياء لتتحول إلى مستشفيات مصغرة تباشر الحالات المستعجلة، وإنشاء مستشفيات متنقلة في القرى والهجر البعيدة. لو عمدت الوزارة لتطبيق مثل هذه الخطة فقد تختصر الزمن لتحقيق حلمها الوردي بتأمين غرفة لكل مريض.

يقولون إن الأعمال العظيمة تبدأ بأحلام وأفكار صغيرة ثم تكبر، لكنها لا تكبر هكذا من تلقاء نفسها، أو بالكلام وإطلاق الوعود التي قد تتحول إلى وعود للنسيان في حال الاكتفاء بالكلام دون العمل، وقد تتحول إلى نكتة يتداولها السمار وهم يتحلقون حول النار طلباً للدفء في ليالٍ شتائية قارسة البرودة.

Shlash2010@hotmail.com

تويتر @abdulrahman_15

مقالات أخرى للكاتب