Thursday 20/02/2014 Issue 15120 الخميس 20 ربيع الثاني 1435 العدد
20-02-2014

التهديد بالانتحار !!

في اعتقادي أن من أكثر مَنْ يعاني من تطورات التقنية وتسارع وتيرة الأحداث وانتقال المعلومات هما الوالدان، فإن كانت التربية في السابق صعبة فهي اليوم وفي ظل وجود وسائل التقنية الحديثة أصبحت أكثر صعوبة، بل أصبحنا بحاجة ماسة إلى أن نعيد تعريف مفهوم التربية من جديد،

فلن تنفع نفس الوسائل التي كان أباؤنا وأجدادنا يستخدمونها معنا فيجب علينا اليوم - كآباء وأمهات - أن نركز على محاولة استيعاب وسائل التقنية لتساعدنا في تربية أبنائنا، ولنحرص على أن نعرف كيف يفكرون وما هي اهتماماتهم.

قبل عدة سنوات نشرت إحدى الصحف خبراً عن انتحار طفل عمره 12 عاماً، والسبب هو أن الطفل طلب من الأب أن يشتري له إحدى الألعاب الإلكترونية مهدداً بأنه إن لم يقم بشرائها له فسيلجأ للانتحار، وعندما لم يلبي الأب رغبة ابنه نفذ الطفل تهديده ووجد منتحراً بالشنق بواسطة حبل في إحدى غرف المنزل.

إنها واحدة من القصص التي أصبحنا نفجع بها عن الأبناء؛ ففي السابق لم نكن نعرف ونحن أطفال ما معنى كلمة (انتحار) فضلا أن نعرف كيف يتم الشنق، واليوم، ومع هذا الهجوم الشرس من التقنية نجد أنفسنا أمام أمر واقع لا نملك إلا أن نتعامل معه وبشكل إيجابي، إذ لا يمكن للآباء أن يتجاهلوا ما يحدث اليوم مع الأبناء فهم محاصرون بالتقنية سواءً من خلال أجهزة الجوالات أو الألعاب اليدوية أو الألعاب التلفزونية أو الألعاب من خلال شبكة الإنترنت أو غيرها من الوسائل، وفي السابق لم يكن التواصل بين الأبناء مثل اليوم فالأطفال اليوم يملكون بريداً خاصاً بهم إن لم يملك البعض منهم مواقع وصفحات خاصة بهم، فلا يجب أن نتعامل مع أطفال اليوم بسطحية أو عفوية إذ يجب علينا أن نحسب حساب كل كلمة معهم وكل تصرف تجاههم إذ إننا أصبحنا لا نملك السيطرة على ما يصل إليهم من معلومات، وذلك من خلال الكم الهائل المتوافر من المعلومات وفي نفس الوقت لا نملك التوقع بردات الفعل التي قد نجدها منهم، إذ تختلف من طفل إلى آخر؛ فقد تجد ردة الفعل من خلال كلمة سمعها في إحدى القنوات أو حركة رآها أو تصرف أو غيرها من الأمور التي قد لا يعرفها الأبوان.

إن على الأباء والأمهات أن يسعوا إلى تطوير علاقتهم مع أبنائهم بأسلوب غير تقليدي مبني على أسس دينية وثقافية وأن يبذلوا جهداً أكبر في متابعة أبنائهم؛ فهم فلذة أكبادهم وهم المستقبل وهم الذين يبذل من أجلهم كل غال ونفيس، فمن غير المعقول بعد ذلك أن نبخل عليهم بقليل من الاهتمام والمتابعة.

إن من أولى ركائز التربية الحديثة هي تعميق الثقة في أبنائنا إذ يجب أن نحرص على أن تكون موجودة بداية وأن نسعى إلى تعميقها يوماً بعد يوم وأن نبذل جهداً أكبر في أن نجعل أبناءنا يبادلوننا هذه الثقة، ومن خلال هذا السلوك الأبوي، ومن خلال البناء الجيد وتأصيل الأخلاق والتربية الحسنة ستنمو هذه الثقة وتتطور يوماً بعد يوم، ومتابعة الأبناء لا يقصد بها مراقبتهم إذ إن المراقبة مفهوم من الصعب تطبيقه اليوم فلن يتمكن الأبوان من ملاحقة الأبناء في كل مكان، وفي مقدمة هذه الأماكن المدرسة والتي يقضي فيها الطفل وقتاً طويلا فضلا عن البقاء مع أبناء الجيران أو بعض الأقارب، ولن يستطيع الأبوان ملاحقة أبنائهما في كل هذه الأماكن ولا معرفة ما يتلقون فيها من معلومات مختلفة أو يمارسونه من ألعاب.

إن الحذر والحيطة والتيقظ هي من الصفات التي يجب أن يتحلى بها الأبوان خلال تربيتهما للأبناء في هذا العصر، كما يجب عليهم أن يغرسوا في نفوس أبنائهم العقيدة الصحيحة والأخلاق الإسلامية والمبادئ والقيم الرفيعة والتي ستكون بعد توفيق الله خير حارس لهم أمام هذا الطوفان التقني.

مقالات أخرى للكاتب