Tuesday 01/04/2014 Issue 15160 الثلاثاء 01 جمادى الآخرة 1435 العدد
01-04-2014

قراءات غريبة حول المنيف!

من أغرب ما قرأت هذا الأسبوع عن الدكتورة مها المنيف، الاسم الغني عن التعريف في المجال الإنساني والأسري، وتكريمها من قبل الرئيس الأمريكي أثناء زيارته إلى الرياض، ما أثير من غمز ولمز بطريقة طفولية ساذجة حول فحوى هذا التكريم، إلى درجة سخرية البعض، سواء من تيارات بعينها، أو من دول شقيقة.

وربما فات على هؤلاء (الرجال)، أن هذه المرأة الشجاعة، كانت ضمن نساء شجاعات حول العالم، قمن بأدوار كبيرة ومؤثرة في بلدانهن، وتمت دعوتهن للتكريم من قبل السيدة الأمريكية ميشيل أوباما، إلا أن الظروف الصحية للدكتورة المنيف، وخضوعها لعملية جراحية، جعلها ترسل اعتذاراً عن السفر إلى الولايات المتحدة، مما جعل تكريمها من قبل الرئيس خلال زيارته أمراً مشروعاً، بل واجباً، لسيدة أسهمت في برنامج للأمان الأسري الوطني، تقوم بإدارته التنفيذية، ويستقبل يومياً ما بين 1000 إلى 1500 مكالمة واردة من أطفال يتعرضون للإيذاء والعنف الأسري، ولعل الأجمل في هذا البرنامج أن يستقبل هذه المكالمات الواردة أطفال يعملون ضمن البرنامج، بمعنى أن الطفل المتصل يشعر براحة وأمان، وتفهم أكبر، حينما يتحدث عن مشكلته لطفل في مستواه العمري والفكري.

هذا البرنامج المهم، والذي تأخر ظهوره كثيراً، خاصة في مجتمع كمجتمعنا يعتبر إيذاء الطفل، جسديا أو لفظيا، حقاً مشروعاً للوالدين، وللإخوة الأكبر سناً، وربما للأقارب الكبار على مختلف درجة قرابتهم، وهو الأمر الذي جعل من أبرز تحديات هذا البرنامج أن تغيّر قناعات الوالدين والمربين في مختلف مواقعهم، وتجعلهم يؤمنون بالحق الإنساني للطفل، وعدم تعريضه للإيذاء والتعذيب.

ولعل من أجمل إنجازات برنامج الأمان الأسري الذي تترأسه الأميرة عادلة بنت عبدالله، أنه أسهم في وضع تشريعات لقضية العنف الأسري العام الماضي، نتج عنها قانوناً ضد العنف والإيذاء وتجريمهما، وإقناع كل من كان يتحجج بأن ذلك يعد تعدياً على شأن أسري خاص، إلى أنه أمر أعمق من ذلك بكثير، لأنه يؤثر على صحة المجتمع العامة.

نعم، هذه السيدة الشجاعة، التي كانت تقود فريقاً، تترأسه الأميرة عادلة، استطاعت انتزاع حق هؤلاء الأطفال من أولياء أمورهم، الذين يتعاملون معهم كممتلكات خاصة، يحق لهم ممارسة كل أنماط العنف والإيذاء ضدهم، وجعلت ذلك من الجرائم التي يعاقب عليها القانون، وهذا بحد ذاته منجز نفتخر به.

وهذا العمل الإيجابي، الذي يستحق التكريم والإشادة، هو ما سيحتفظ به التاريخ، بينما هؤلاء الذين يقللون من الأعمال الإنسانية العظيمة، ويشكون بأهدافها النبيلة، سيقذف بهم الزمن في سلة النسيان!

مقالات أخرى للكاتب