Friday 25/04/2014 Issue 15184 الجمعة 25 جمادى الآخرة 1435 العدد
25-04-2014

هوس العقود .. وهوس العقول الرياضية

في الماضي الجميل كانت الرياضة لدينا لها شنّة ورنّة، لها حلاوة وطراوة، اللاعب الأكبر والمحيط المسيطر على حركاتها هو الحماس لا غير، لدرجة أن اللاعب لا يفكر سوى بهوايته، يدفع لها ما يملك، ناهيك عن حماس أبناء المدينة لناديهم الرياضي، تجدهم معه وحوله في أفراحه وأتراحه يدفعون له من جيوبهم الخاصة، أتذكر ونحن بالزلفي في البدايات الرياضية إبان ذيْك الفترة الجميلة، وكنت مصاباً بالهوس الرياضي لمجرد خروجنا من المدرسة وفي فترات النهار كلها وفي جمرة القيظ نعود لمنازلنا وشوفتنا شوفة الكريهة، ثيابنا ممزقة وأرجلنا دامية والحالة المادية مستورة لكن الحماس الطاغي - الله يسامحه - أحكم قبضته على عقولنا.

(المجنونة) سلبت عقولنا نُفضلها على كثير من أكلنا وشربنا بالكاد نعرف الطريق المؤدية لمنازلنا وقت الأكل والنوم، البعض منا تطارده والدته ولا يلقي لها بالاً، ما علينا، ولنترك ذلك الزمن الجميل الذي لن يعود مهما حاول الباكون والمتباكون عليه، ونحط رحالنا في هذا الزمن الذي لم نتوقع أن تصل فيه رياضتنا إلى ما وصلت إليه من الدوران في المحيط وعدم تقدمها، رغم ما تملكه من الإمكانات المادية والدعم اللامحدود من الدولة، لكن نجدها محلك سر وإلى الخلف در أقرب ويبدو أن السبب الرئيس هو فقدان التخطيط السليم لمخرجاتها ولعلنا هنا نقف عند جزئية واحدة فقط لها التأثير المباشر لتعثر رياضتنا، تلكم هي عملية الاحتراف هذه العملية بمجرد دخولنا في نفقها الذي لم يكن مهيئاً من أساسه وجعلناه بإرادتنا مظلماً كانت الهواية في الزمن الجميل هي الحاضرة أما في هذا الزمن فبات الاحتراف احتراباً، وذلك من خلال ما نشاهده من مطاردات (ليلية) وتربصات (فجرية) لاقتناص هذا اللاعب وذاك من أجل الظفر به والخضوع لمطالبه الخرافية من ملايين وسكن وسيارة فارهة والتي إن تحققت له أضحى من رجال الأعمال متى ما كان منضبط التصرف، أما الغالبية من ذوي العقول الفارغة فقل عليهم السلام بعد انتهاء خدماتهم.

عقود اللاعبين في هذا الوقت هي للهوس أقرب البعض يقول هي جيدة طالما كانت لأبناء الوطن نقول نعم هي كذلك لكن إلى هذا المستوى يلزمنا التوقف وتحكيم العقل كون هذه الآلية تديرها حماسات متهورة، لم تكن لتصل عقود اللاعبين لهذه الأرقام الخيالية لو لم تجد لها عقولاً فارغة من الحكمة والتحكم وتغليب المصالح العامة، الجمعيات الخيرية في الوطن لم تحظ بما حظي به هؤلاء اللاعبون الذين في أغلبهم بالكاد يحملون مؤهل الثانوية العامة، هذه المبالغ الخرافية من وجهة نظري انعكست سلباً على الرياضة لدينا، لم يرتق المستوى وطاردت الملايين والمحصلة النهائية صفر، ولو فتشت عن الفاعل والمروج لهذه النكبات لوجدته بعض رؤساء الأندية المهووسين بحب الظهور واعتلاء صفحات الصحف والمنابر الإعلامية، لا تكاد تجد لهذه النوعية أية حضور في الجمعيات الخيرية كجمعية المعوقين وجمعيات تحفيظ القرآن الكريم وكجمعيات التوحّد ومرضى الكلى وغيرها كثير مما هو بحاجة للدعم المالي أولى من غيره، وكم كنت محباً لمشاركة هؤلاء اللاعبين المحترفين الفائزين بهذه العقود الخرافية، بودي لو خصصوا جزءاً من عقودهم لدعم هذه الجمعيات الخيرية، وكم كنت راغباً إلزامهم بدفع زكواتها من خلال (مادة) واضحة في عقودهم تستوفيها منهم نظاماً الجهة المختصة إما رعاية الشباب أو مصلحة الزكاة، وبذلك يكون قد تحقق بعض ما هو نافع ويعود أجره للاعب نفسه بإذن الله.

محترفو الرياضة لدينا من اللاعبين، هم بهذه الهيئة باتوا منافسين حقيقيين لأصحاب مزايين الإبل لغة الملايين حاضرة في المشهدين، ولم يعد لما دونها من مبالغ أدنى قيمة، إعادة صياغة عقود اللاعبين بات أمراً مطلوباً متى ما أردنا لرياضتنا الارتقاء بمستواها، أما والحالة تلك فينطبق عليها المثل الشعبي ( احصد هواء وغمّر ماشِ) ولاغرو في ذلك فقد اجتمع لاعبون أصحاب مستوى تعليمي متدن ورؤساء أندية ورجال أعمال القاسم المشترك بينهم (الهوس) المنتهي بالمطاردات والصراعات والشحناء والاتهامات (كل يبي يحوش النار لقريصه) والضحية الرياضة السعودية كل ما ذكرت يتم أمام مرأى رعاية الشباب التي ظلت صامتة صمتا أجّج الحراك الرياضي لدرجة الغليان، نخشى من عاقبة أمره، فهل تتحرك الرعاية لتحكم القبضة على هؤلاء المهووسين من الطرفين بالمشهد الرياضي؟ أم يسبقها هؤلاء ويفرضون إرادتهم اللاعقلانية وتذهب ريح الجميع ومعهم الرياضة؟...ودمتم بخير.

dr-al-jwair@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب