Wednesday 30/04/2014 Issue 15189 الاربعاء 01 رجب 1435 العدد
30-04-2014

المرأة القوية لا تنكسر!

التسامح مع شخص مسيء والغفران له لا يعنيان الاستمرار معه، بل إن هذا التسامح مريح للشخص نفسه، ويجعله يتخلص من أعباء المشاعر السلبية المثقلة بالحقد على الطرف المسيء.

ما فعلته السيدة البريطانية «أديل ثيرون» بعد أن اعترف لها زوجها بخيانته لها مع ثماني عشرة امرأة، بينهن ست من صديقاتها، هو فعل شجاع؛ فليس كل شخص بإمكانه أن يتخلص بسهولة من إساءات أقرب الناس وأحبهم له، لكنها تمكنت من نفض هذه المشاعر السلبية عنها؛ لأنها نجت بكرامتها وانفصلت عنه. ولو بقيت هذه المشاعر السلبية تنهش بها فلن تتمكن من المضي قُدمًا في حياة جديدة مليئة بالسعادة.

أن نغفر للآخرين خطاياهم في حقنا ليس لأجلهم بل لأجلنا نحن؛ لكي نعيش دون ألم، دون حسرة، دون وجع.. أن نغفر للآخرين فهذا يعني أننا نغفر لأنفسنا، ونرحمها من العيش في عقدة الشعور بالدونية والدوران في فلك «الضحية» المقهورة.

عندما يخون الرجل المرأة فهو يطعن في أنوثتها أولاً، ولو استسلمت لهذا فستظل تحت وطأة الإحساس بالنقص؛ لذا فما من أجمل من أن يحب الإنسان نفسه، أن يرحمها، أن تُدلل الأنثى ذاتها، ولا تنتظر هذا التدليل من أحد، أن تنهض من صدمتها، وتتخلص من كل آثارها الموجعة، أن تصنع لنفسها عالمًا من الجمال والهدوء والطمأنينة، بعيدًا عن ضجيج الكُره والحقد اللذين لن يؤثرا إلا عليها.

هذا ما فعلته «أديل ثيرون».. هي أنموذج رائع للمرأة المحبة للحياة، المرأة القوية والذكية التي لا تنكسر أمام تيار عاصف من الخيانة والوقاحة. فأكثر ما أثر بي في حكايتها هو وجود ست من صديقاتها في جدول النساء اللاتي خانها زوجها معهن؛ إذ تظل خيانة الرجل مع امرأة غريبة أهون في نفس المرأة؛ فهي على الأقل لا تعرف شيئًا عن تفاصيلها، إنما أن تكون المرأة الغادرة صديقة أو قريبة فهذا يُضاعف الألم آلاف المرات من جراء هذه الخيانة المزدوجة. والغريب أن هناك نوعاً من أشباه الرجال يهوى خيانة زوجته مع قريبتها أو صديقتها، فهو بذلك يرتكب جُرمًا مضاعفًا في حقها. وفي رأيي الشخصي الذي لا يعتمد لا على دراسات ولا بحوث ولا آراء نفسية، إن هذا نوعٌ من الشذوذ الجنسي الذي يجعل الرجل يُفكر بإقامة علاقة مع امرأة مُقربة لزوجته، تعلو فيها درجات الخسة والدناءة والحقارة من الطرفَين.

الحياة أقصر مما نتخيل؛ لذا فلا وقت لتدوين الإساءات والخيانات وكل الأعمال المقرفة التي يرتكبها البشر في حق البشر. السعادة هي الوقت الأجمل الذي يمنحنا الراحة الداخلية، ويُبعدنا عن التوتر والقلق.. التسامح هو الوصفة الأولى للسعادة، على أن لا يكون تسامحًا خارجيًا فقط أو أمام الناس، إنما اليقين بالتسامح، وهذا ما أفعله شخصيًا، ويجعلني أشعر بالراحة، وخصوصًا في الأشهر الأخيرة؛ إذ بدأت أختم يومي بمسامحة كل من يسيء لي، لا أنام وفي قلبي ذرة ألم. فلا تجعلوا الآلام توجعكم، أطلقوها في الهواء، اتركوها تطير بعيدًا عن قلوبكم؛ لتبقى بيضاء طاهرة.

www.salmogren.net

مقالات أخرى للكاتب