Friday 09/05/2014 Issue 15198 الجمعة 10 رجب 1435 العدد
09-05-2014

الهروب

•أهرب من كل الوجوه التي أشعر أنها تخنقني حين أراها.

• أهرب من طفل يتيم ترسل عينيه رسالة عتاب تمزقني.. تؤرقني.. تلبسني ثوب الحياء.. من واقع أن أنعم فيه ولا أفيه شكره.

• أهرب من كل الصور التي ينقلها الفضاء ليقول لي هكذا هم البشر.. يقتلون.. يهدمون.. يسجنون.. يغدرون.. يزنون.. يمزقون.. يروعون، ويرسلون الأغذية للبحر.

• أهرب منك أنت لأنني أشعر بالخجل حين أراك وقد قصرت بحقك يوماً ما.

• أهرب من حياة الملل تلك التي تطحنني بأضراسها القاسية حتى النهاية.

• أهرب من المجهول لأرتمي في أحضان الغد، لعلها.. ولعلها، وأمني نفسي بالقادم من الأيام.

• أعلم أن الهروب ليس هو الحل ولكنه تأجيل اللقاء، ومن ثم عدم المساءلة واستشعار الضعف.

• لا أدري كم هي المسافات التي تفصلني..كم هي اللحظات التي أشغلها وتشغلني، ولكنني على يقين أنها مهما طالت فستكون لها محطة توقف وإلى الأبد.

• كثيرون هم من يمارسون الهروب.. الاختفاء.. الذوبان.. التنفس تحت الماء، ولكن قليل منهم من يقرأ ذاته حين يمزق أوراقه ويطمس الوجوه عند المساء.

• عذراً فقد يكون ما أكتبه هو في حقيقته هروب.

• هل جربت أن تهرب.

• جرب.. ولكن عليك أن تعرف أن الهروب فن لا يتقنه كل الناس، يحتاج إلى وجه ذي مواصفات عالية الجودة سميكة الغطاء.

• قد تسألني.. وهل للهروب سوق؟

• تسألني..كيف لي أن أهرب من عذاب الضمير.

• تسألني.. عن هروب الأتقياء الأنقياء الأقوياء.

• تسألني..كما هي صغيرتي، عن سراب البشر الجراد وقد رحل هارباً من أرض إلى أخرى.

• أسألك بالله.. ترى هل يهرب الوالد من ولده، والولد من والده، هل يمكن لأم أن ترمي بجنينها على قارع الطريق هروباً من مواجهة الحقيقة المرة وتبقى هي تتنفس وتحيا.

• أسألك أنت.. هل يمكنك أن تعرف أنك في حال هروب، وأن هناك من يترصد خطوتك العاثرة، أم أنك هارب بلا شعور، سائر دون بوصلة، لا تعرف إلى أين ستتجه، ومتى ستقف.

• العظماء لا يهربون، ولذلك استطاعوا مع قلتهم أن يرسموا معالم خارطة الكون ويجددوا حركة التاريخ.

• لا تتصور أن الهروب يحتاج منك أن تلوذ بجسدك عن الناس، فقد تكون معنا وأنت هارب إلى مكان قصي، ترى مشاهد وتحاكي أناساً.

• الهروب ليس عيباً بل قد يكون ضرورة حين تعيش زمن الانكسار وتتقلب في ردهات الأسوار.

• حاول أن تسجل كم حالة هروب اقترفت لترى وتحكم على نفسك بنفسك.

• عندما تراني أسمر ناظري في صفحة الجوال وأنت تتحدث معي فأنا في لحظة ملل وأمارس الهروب منك، عليك أن تتوقف حتى أعود.

• كثيرون هم من يهربون من أسرهم ليعيشوا حياة العزوبة من جديد، وقليل منهم من يعرف لماذا يكون منه هذا السلوك، وأقل من القليل من يكترث في البحث عن الجواب.

لا يهم.. المهم أن مساحة الهروب وحالته لديك لا بد أن تقل كلما كبرت، حتى لا تضيع يوماً ما وتفقد خارطة الطريق التي تحتفظ بها في رأسك ومن ثم لا يمكنك أن تعرف أين تسكن ومع من تعيش وكيف لك أن تعود!!، دمتم بخير وتقبلوا صادق الود وإلى لقاء والسلام.

مقالات أخرى للكاتب