Saturday 14/06/2014 Issue 15234 السبت 16 شعبان 1435 العدد
14-06-2014

المشروع «البليوني» للتعليم: هل آن أوان التغيير؟

دار الحوار بيني وبين صديقي المثقف العربي حول مشروع التعليم وإستراتجيته حسبما رشح من معلومات حول الخطة والأهداف.

سألني:

* «كيف تنظرون إلى مشروع التعليم وميزانيته الـ80 مليار ريال؟»

أجبت:

- «لم يسبق له مثيل. ومع ذلك، لم يكن الرقم البليوني هو الذي أذهلني، ولكن الإستراتيجية نفسها،».. ثم أوضحت: على مدى عقود، سلكنا طريقاً مسدوداً. اعتمدنا على الحفظ والتلقين، وتراكمت الكتب المدرسية حتى أثقلت كواهل أبنائنا. هل تتخيل أن هناك أكثر من عشرين كتاباً يذاكرها الطالب قبل امتحان المرحلة الثانوية، وحدها، ومعظمها نظرية.

وهكذا، فقد ازدحمت عقول الشباب بالنصوص، بعضها مكتوب بلغة عربية من العصر الجاهلي، وكثير منها حول قضايا لا علاقة لها بالعصر الذي نعيش فيه.

بشكل عام، المنهج يمثل أولئك الذين لديهم مشكلة مع منهج البحث العلمي الحر؛ وأولئك الذين يعتقدون أن كل ما نحتاجه يمكن العثور عليه في الكتب القديمة؛ وأولئك الذين يعتقدون أن هناك حقيقة واحدة فقط، ومسار واحد صحيح؛ وأولئك الذين يؤمنون بالإقصاء والمواجهة مع الآخر المختلف. الآن، كل ما سبق يبدو أنه قد تغير مع الإستراتيجية الجديدة، التي يقودها وزير التعليم الجديد الأمير خالد الفيصل.

* لماذا استغرق الأمر وقتاً طويلاً لاكتشاف هذه الحقائق؟

- لم يتأخر الجميع. فقد عبر الكثيرون، بما في ذلك الأمير خالد، عن قلقهم لفترة طويلة. وعمل وزراء تعليم سابقون على التصحيح والتطوير.

تحسنت الأمور، ولكن ليس من خلال إستراتيجية شاملة. نحن بحاجة إلى إعادة التفكير في الإستراتيجية كلها، لا لمجرد إضافة المزيد من مواد العلوم والمختبرات أو تحديث بعض الكتب.

كان ذلك ما فعلته مايكروسوفت مع نظام DOS، عندما قامت بعملية «ترقيع» للنظام وأطلقوا عليه «ويندوز». وكانت النتيجة نظاماً غير مستقر. في وقت لاحق، تم إعادة كتابة النظام من الألف إلى الياء، فخرجوا بنظام جديد تماماً، هو ويندوز 2000.

الآن، وهذا هو ما يتعين علينا القيام به، علينا إعادة كتابة مناهجنا وفق إستراتجية تتواءم مع العصر، وتستجيب لمتطلبات التنمية، وتتوافق مع سوق العمل.

* وهل يحتاج ذلك إلى 80 مليار ريال (21.000 مليار دولار)؟

- أعتقد ذلك. فالإستراتيجية تخطط لتدريب 25.000 مدرس في أرقى المعاهد والجامعات حول العالم، وإنشاء مبان مدرسية ذكية بفصول دراسية حديثة مرتبطة بالإنترنت ومعامل حاسب آلي ولغات وكيمياء وفيزياء وورش عمل متطورة. كما يدعو المشروع لتوجيه التركيز على العلوم والتكنولوجيا والبحث العلمي، والتعليم الإلكتروني. وتشمل الخطة إنشاء رياض الأطفال والمدارس الخاصة للموهوبين.

ونظرة إلى حال مدارسنا اليوم ينبئك بحاجتنا إلى كل هذه المليارات لإعادة تأهيل الموارد البشرية والمباني وكل شيء ذي صلة بهما. آمل أن تنفق هذه الميزانية الضخمة بحكمة وترشيد وللأغراض المحددة في الإستراتجية.

* هل تعتقد أن هذا ممكن؟ ألم يحاول وزراء تعليم من قبل وفشلوا؟

- كان ذلك بسبب عدم وجود إستراتيجية - وضع إستراتيجية شاملة هو العلامة الفارقة. في الماضي كان العمل على إصلاح المناهج الدراسية. أما الآن، فهو السعي لاستبدالها. إلى جانب ذلك، أنا على ثقة بالوزير الجديد. لقد كان دائماً يدعو إلى مثل هذا التغيير.

* ألا تتوقع مقاومة قوية من الحرس القديم وأعداء التغيير؟

- أتوقع. لقد بدأوا بالفعل معركتهم ضد هذا المشروع الحضاري. ولكني أعتقد أن القيادة قد حزمت أمرها ولا مجال للتراجع. (أنتهى الحوار).

لم يكن لدي ما يكفي من المعلومات لمناقشة تفاصيل الإستراتيجية وتوضيح جميع أهدافها، ولكن آمالي وأحلامي التي بعثتها الخطوط العريضة المنشورة غلبت على حيرتي وتساؤلاتي.

كما أن ثقتي في الرجل الذي يقف على تنفيذها، وقناعاته، وجديته وحرصه على التحقيق، يضعف من مخاوفي تجاه العقبات الجمة التي لا بد منها.

وفق الله الوزير ووزارته، والفريق القائم على التنفيذ، وأعانهم وثبتهم ويسر أمرهم.

فالمشروع عظيم ولكن الهمة، إن شاء الله، أعظم.

kbatarfi@gmail.com

مقالات أخرى للكاتب