Thursday 26/06/2014 Issue 15246 الخميس 28 شعبان 1435 العدد
26-06-2014

هل يكفي إزاحة المالكي ليصلح حال العراق؟!

هل يكفي العراق إبعاد نوري المالكي عن رئاسة الحكومة ليعود بلداً عربياً مستقراً يهتم بمواطنيه، أم يظل مثلما كان عليه منذ الاحتلال الأمريكي ولايةً في إمبراطورية ولي الفقيه الإيراني، وتحت الوصاية الأمريكية؟!

نوري المالكي أكثر الأمراض بلاءً، ولكنه ليس وحده، فعراق ما بعد 2003 مشوهٌ تماماً، ويحتاج إلى إعادة تأهيل وتحسين من خلال إجراء العديد من العمليات الجراحية.

العراقيون جميعاً مقتنعون بضرورة تغيير نوري المالكي، ومنهم الكثيرون الذين يرون ضرورة تقليص نفوذ حزب الدعوة الإيراني النشأة والولاء، وأن هذا الحزب منذ تسليم إبراهيم الجعفري رئاسة الحكومة وفترتي نوري المالكي قد غيَّر هيكلية الإدارة الحكومية، فجميع الوزارات إن لم يكن وكلاؤها من قادة حزب الدعوة، فالمديرون العامون يديرون العمل في تلك الوزارات، والوزراء لا يستطيعون فرض سياساتهم، لأن الطاقم الوظيفي في الوزارة برئاسة وكيل الوزارة أو المدير العام يستمدون توجيهاتهم من المكتب السياسي لحزب الدعوة، وفوق كل هذا تكتسب توجيهات وتعاميم الأمانة العامة لمجلس الوزراء الأولوية وتنسخ تعليمات الوزراء. وقد امتدت هيمنة الأمانة العامة لمجلس الوزراء إلى القضاء والمحكمة الدستورية العليا والمجلس الأعلى للقضاء الذي أصبح رئيسه دمية في يد نوري المالكي، وقد صادق هذا الرئيس على أحكام الإعدام التي صدرت وتخصصت بالحكم فقط على أبناء السنة ونفذت، في حين لم يحكم على أي عراقي آخر من غير هذه الطائفة. أما الدستور العراقي فهو الآخر عقبة أخرى أمام وحدة العراق، إذ إن مواد الدستور التي وُضعت بالتوافق والتفاهم بين الشيعة والأكراد ينتقص الكثير من حقوق أهل السنة، ومع أنه لا يوجد إحصاء دقيق يوضح نسب مكونات الشعب العراقي، إلا أن الأمريكيين يزعمون بأن الشيعة هم الأكثرية، رغم أن السنة من عرب وأكراد وتركمان يتفوقون عليهم، ولكن فصل العرب السنة والأكراد السنة والتركمان السنة، أخلَّ بالنسب، ورغم كل هذا فإن الفارق ليس بالكثير، ولهذا فإن العرب السنة يطالبون بإجراء إحصاء نزيه وعادل، وحكومات ما بعد الاحتلال ترفض ذلك.

ثم إن هناك مشكلة سكان بغداد، فهذه العاصمة التي تضم ملايين العراقيين كانت وإلى وقت قريب ذات أغلبية كبيرة لأهل السنة، إذ كانت تقريباً جميع أحياء بغداد يشكل أهل السنة أغلبيتها، سوى أحياء الكاظمية والكرادة. وفيما بعد تشكلت مدينة الثورة التي سكنها القادمون من الجنوب وأغلبهم من الشيعة، وحملت هذه المدينة اسم مدينة الصدر بعد أن كان اسمها مدينة صدام، ثم توالى زحف أهل الجنوب إلى بغداد، فتحولت أحياء العامل والشعلة وبعض مناطق الرصافة إلى أحياء شيعية، كما جاء استيلاء الحكام الجدد على منازل الحكام السابقين في أحياء الجادرية والقادسية واليرموك والمنصور ثم المنطقة الخضراء لزيادة نسب الشيعة في تلك الأحياء، حتى تكاد بغداد تفقد أغلبيتها التي كانت لصالح أهل السنة، وبما أن هذه المنازل تم الاستيلاء عليها بلا وجه حق، فإن أصحابها يطالبون باسترجاعها، وإعادة قصور الرئاسة للدولة وإخراج عوائل المالكي والحكيم والجلبي ومقرات الأحزاب الشيعية.

كل هذا يحتاج إلى مراجعة، فهل تستطيع حكومة الوفاق الوطني أن تنجزه؟ وهل يعاد الاعتبار لأهل السنة وتعاد ممتلكاتهم أم يُكتفى بتغيير المالكي بآخر قد لا يقل طائفية عنه؟!

jaser@al-jazirah.com.sa

مقالات أخرى للكاتب