Thursday 17/07/2014 Issue 15267 الخميس 19 رمضان 1435 العدد
17-07-2014

التغرير عبر بؤر الجهاد!

مرة أخرى، يقع شبابنا في دائرة السياسة الدولية، ليصبحوا مادة جاهزة في توظيف المنهج الجهادي، وتغذيته بفكر الإسلام السياسي، والذي ابتلينا به - مع الأسف - من خلال منهجيات حزبية سياسية جاءتنا من الخارج، هي بعيدة كل البعد عن رسالة الإسلام الحقيقية، بل ومخالفة لمقصد حفظ الأمة، - كونها - تصب في خدمة أيديولوجيات، ومصالح استخباراتية، وسياسية بحتة، أضرت كثيراً بقضايا المسلمين، الأمر الذي سيجعلنا - في مستقبل الأيام القادمة - أمام موجة إرهاب غير تقليدية، ومواجهتها - بالتالي - يجب أن تكون غير تقليدية.

الإغراء الفكري لشبابنا، جعلت منهم مادة التغيير البشري في هذا الكون - هكذا زعموا -، - شريطة - أن يُقتلوا في ساحات الجهاد، - مع أن حقيقة الأمر - لا تعدو أن تكون تلك الحالات المتشابهة حالات ممنهجة، لتزييف فكري مشوه، وتخدير للوعي المغفل، بعيداً عن الضوابط الشرعية.. وتأمل على سبيل المثال، أن من بين نحو ألف سعودي عرفتهم جبهة النصرة، وداعش في سوريا، هناك - نحو - مائة عنصر منهم لا يفارقون حساباتهم على تويتر، فسعوديو داعش، والنصرة على تويتر حالة خاصة، لم يعرفها غيرهم من السوريين، أو العراقيين، أو بقية المقاتلين الوافدين إلى التنظيمين، وهذا ما رصده موقع «العربية نت» - طوال الأيام الماضية -، وتابعت مائة حساب يعلن أصحابها تواجدهم مع داعش، والنصرة، ويعززون إعلانهم بالصور الفوتوغرافية، والمقاطع المرئية، والكفة - هنا - تميل إلى داعش بمقدار يفوق الثلثين إلى أقل من الثلث للنصرة.

دُفع شبابنا إلى مساحات مفتوحة، وذلك وفق تفسيرات تخدم المصالح السياسية - من حيث لا يشعرون -، كان الهدف منها عبورهم إلى منافع دنيوية، وتمكين الأعداء من قسمة دولهم، والعمل على خديعة قواهم الحية، أي: أن هؤلاء الشباب كانوا في نهاية المطاف أدوات، استخدمها الأعداء في تحقيق مخططاتهم.. - وقبل أيام - تواصلت القصص التي تُروى عن شباب في عمر الزهور، ذهبوا إلى مواقع القتال في الخارج، وقد نقل موقع «السكينة للحوار» رواية مأساوية جديدة، كتبت على إحدى العوائل السعودية، بعد تداول نبأ مقتل ابنها - الطبيب -، الذي ترك مهنته، وبلاده، من أجل القتال إلى جانب صفوف داعش، من دون تأكيد إلى طريقة قتله، التي تم تداولها عبر روايتين، الأولى: تفجير نفسه داخل سيارة مفخخة، بينما الثانية، هي: مقتله خلال قصف على إحدى مقرات جماعة داعش، بعد تواجده في ذلك المقر - أثناء تأدية المهمة المنوطة به -، وهي معالجة كبار قادة داعش.

علّمنا التاريخ بتجاربه المريرة، أن الأخطاء تتكرر، وأن فرض الوصايا فكرياً على شبابنا ما زال مستمراً، وأن جرأة العابثين بفتاوى الجهاد، وتحت دعاوى الدفاع عن الشرعية في ازدياد.. ويبقى السؤال المشروع: هل يعقل أن يندفع شبابنا نحو مواقع القتال دون أن نكون قادرين على تصحيح فكرهم المغلوط؟.، أو نعمل على تكثيف الجهود، لانتشالهم ممن لا تتوافر فيهم شروط الفتوى، وفقدهم المؤهلات الشرعية لمن يتصدى لها؟.

drsasq@gmail.com

باحث في السياسة الشرعية

مقالات أخرى للكاتب