16-08-2014

صيف الشرقية

خصص سمو أمير المنطقة الشرقية، الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز، مجلسه الأسبوعي لموضوع «فعاليات صيف الشرقية». كلمات شاملة، ومداخلات مثمرة وتعليقات متخصصة أثرت النقاش وأضاءت بعض الجوانب المهمة والهادفة لتطوير الفعاليات، إدارتها، وتمويلها. أدار الأمير سعود بن نايف اللقاء باحترافية، وتوقفت عند تعليقه على اقتراح إسناد مهمة إقامة فعاليات الصيف لشركة متخصصة، وربطه بين الأهداف الاستثمارية، والمسؤولية المجتمعية، وإمكانية إغفال المستثمر تطبيق بعض المعايير المجتمعية لأهداف ربحية صرفة. رحب الأمير بالفكرة من حيث المبدأ، إلى أنه أفاض في الجوانب الربحية، المتحكمة في قرار الاستثمار، و شدد على الجانب الأخلاقي في المهرجانات، وهو جانب يسهل التحكم به متى كانت الجهات الرسمية مسؤولة عن إقامتها، وقال: « نحن مجتمع لنا عقيدتنا وعاداتنا وتقاليدنا ويهمنا أن نحافظ عليها ونفتخر بها».

الشراكة المجتمعية بين المستثمرين والجهات الرسمية هي التوليفة الأكثر جدوى لفعاليات الصيف، وقد أثبتت نجاحها في بعض الدول المجاورة التي كرست سمعتها السياحية من خلالها، حتى وصلت مرحلة الاستقلالية السياحية. أعتقد أن الهوية المناطقية يفترض أن تكون بارزة في فعاليات المناطق، فلكل منطقة هويتها السياحية التي تتميز بها. الهوية البحرية هي ما تتميز به «الشرقية» عن المناطق الأخرى، لذا أجد نفسي مؤيدا لكل من يطالب بتهيئة شواطئ الشرقية لتكون المتنفس الأول لسكان المنطقة، والقادمين من المناطق الأخرى، ومصدر رزق للشباب. لم تحصل السياحة البحرية على حقها المأمول بعد. ما زالت بعض سواحلنا المهمة تعاني من حاجز المنع، وعزوف التطوير، وحرمان المواطنين منها. وضع إستراتيجية شاملة لتطوير سواحل المحافظات والمدن سيسهم في إزالة المعوقات الكبرى التي تحول دون استثمارها بما يعود بالنفع على الوطن والمواطنين. تخصيص جانب من فعاليات «صيف الشرقية» لذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين والاحداث والسجناء والمنومين، أمر لافت ولاشك، فالفرح يجب أن يعم الجميع، وفي مقدمهم من حالت ظروفهم الخاصة دون ممارستهم حياتهم الطبيعية. سعدت بمشاهدة مجموعة من ذوي الاحتياجات الخاصة (الصم) وهم يستمعون للنقاش في «الإثنينية» من خلال مترجمهم الخاص. الإحساس بذوي الحاجات الخاصة، ودمجهم في مناسبات المنطقة الرسمية، يحمل الكثير من المعاني الإنسانية الجميلة.

مهرجانات الصيف جزء رئيس من الأنشطة السياحية المحفزة لاقتصاديات المناطق، والمساعدة على رفع كفاءة التنمية التي تعتبر القاعدة الصلبة التي تقوم عليها البرامج السياحية بشكل عام. في الغرب، تنشط الهيئات السياحية في وضع برامج متخصصة للمدن المستهدفة، انطلاقا من الأسس الاقتصادية التي تضمن للمدينة وسكانها والقرى المحيطة دخلا استثنائيا، وحركة اقتصادية مرتبطة بالبرامج المنفذة. وفي الغالب، تكون الشراكات بين الهيئات السياحية، أمانات المدن، ورجال المال والأعمال بابا للتنمية السياحية المرتبطة بشكل وثيق بالتنمية المدنية الشاملة. يمكن القول إن دور رجال المال والأعمال في دعم السياحة لا يقل أهمية عن الدور الحكومي، وأحسب أن له الأولوية في جانب الاستثمار السياحي في القطاعات المساندة التي لا يمكن للحكومات الدخول فيها. وعي رجال المال والأعمال بأهمية السياحة للاقتصاد، إضافة إلى انتمائهم الوطني دفعهم للاستثمار في مشروعات سياحية غير ربحية جاذبة للسواح. إنشاء القرى التراثية، والأسواق الشعبية المخصصة للأسر المنتجة هي جزء رئيس من تلك المشروعات التي باتت تنتشر بشكل كبير في المجتمع. التحفيز الرسمي، والاهتمام بالمبادرين في خدمة المجتمع، يُسهم في إشاعة ثقافة المسؤولية المجتمعية والانتماء والمبادرة في تنفيذ مزيد من البرامج السياحية غير الربحية. تجد الأسر المنتجة في فعاليات الصيف وسيلة آمنة لتحقيق الدخل الكريم، من خلال عرض منتجاتها المنزلية، أو تجارتها الصغيرة التي تحقق من خلالها أرباحا مجزية تساعدها على تلبية إحتياجات أفرادها، ومواجهة التزاماتهم المالية. يُركز الغالبية على الجانب الترفيهي لفعاليات الصيف، في الوقت الذي يجد فيها المختصون، الأرض الخصبة لتنمية دخل الأسر المنتجة، و المتعففة. الربط بين المهرجانات والفعاليات الرسمية وبين أنشطة الأسر المنتجة بات أمرا ملحا، يفرض نفسه على الجميع. ومن هنا تحرص إمارات المناطق، والهيئة العامة للسياحة والآثار على جعل «الأسر المنتجة» جزءاً رئيساً من مكونات برامجهم المختلفة. فعاليات الصيف تقدم الفرح والبهجة للمواطن والمقيم، في أجواء أسرية آمنة، وتسهم في دعم اقتصاد المنطقة، وتنشيط الحركة التجارية، وملء أوقات الفراغ بما يعود بالنفع على الجميع. شكرا لكل من ساهم في فعاليات «صيف الشرقية».

f.albuainain@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب