20-08-2014

وأيضاً هروب البنات...!!

واتصالاً بموضوع الأمس عن المحاضن ودوافع تغيُّب الفتيات, فقد تناولت الوسائل الإعلامية ذاتها خبر هروب ثلاث بنات في الطائف عن «كنف» الوالدية، واختبائهن في حجرة نساء ملحقة بأحد المساكن، وتعاطف الحارس معهن بقبوله إيواءهن والخدمة في توفير مأكلهن خلال الفترة التي سبقت الكشف عنهن ومن ثم اتخاذ إجراءات النظام..

وبعيداً عن الأنظمة وعقوباتها وجزاءاتها فإنّ الأمر يتعلّق بثلاث بنات وليس بواحدة، وكلهن هربن من البيت لقسوة الأب، وجوره في التعامل معهن، وهذا سبب رئيس في أهمية الحادثة، إذا ما استعدنا كل دافع وراء هرب، أو ضعف, أو خضوع، أو خطيئة، أو تمرد عن سقف العائلة, يكون أسُّها الأول المحضن يكون فيه الولي من الذين يعتقدون أنه «المالك» لأبنائه، وأنهم في منزلة أجزاء الأثاث، أو العربة, أو قطعة الأرض, بينما هو يحرص على سلامة كلِّ ذلك من الفناء, أو السرقة، أو السطو بحدبه وحرصه,.. في الوقت الذي فيه أجساد الأبناء مرتع لعصاه, ونفوسهم مكنز لإيلامه..!!

هؤلاء الأولياء ينبغي التعامل معهم بصرامة النظام، وعقوبة الاعتداء..

إنهم يئدون النفوس بمثل ما كان يئد الجسدَ الجاهليون..

يبقى الأمر في أهمية أن تكشف وجوه الغموض عن سجون داخل البيوت تقيِّد النفوس, وتقتل الطموح, وتُلم المنافذ, وتهيل على الإنسان أتربة الدّفن..

كثير من الحالات الأبوية المماثلة تحتاج في البيوت إلى من ينظف البيوت منها، بسطوة النظام, وصرامة العقوبة, فهناك من يعتدي على الأبناء وهو واقع في المنكرات من سكر، ومخدر, وعبث سلوكي سافر, وكثير منهم لا يزالون مقيدين بثقافة الولاية المالكة, والحق المطلق، وكثير يخيّم عليهم غضب الجهل, وتمادي عنفوان سوء الخلق، وقسوة الطبع بدعوى العادات وتقاليد الوصاية.., ولن أنسى ذلك الأب الجنوبي الذي هدّد ابنته بالقتل إن التحقت بالجامعة، فجاءت لمكتبي مطعونة الكتفين بعد أن هربت مع أختها لتلتحق بالجامعة, وتمّت معالجة الأمر معه حتى الإقناع, بينما تنازلت هي عن إلحاق أية عقوبة بأبيها..!!, وأولئك الذين يحرمونهن من مواصلة الدراسة لأتفه الأسباب, ولمن كان يضرب ابنته لمجرّد تأخرها في الخروج من بوابة الجامعة على مرأى من الحراس, والعابرين.. و.. و.. بل من يحرمها من أمها المنفصلة عنه لمجرّد أنها اختارت تخصصاً ليس في مزاجه..!!

بلاشك هناك العديد من برامج ومراكز وأنظمة وفاعلين في المجالات المختلفة المتضافرة لحل أزمة العلاقات الوالدية، وتوعية المحاضن.. غير أنّ ما يحدث يستزيد من أهمية التشديد على ضرورة تغيير نمط التفكير في أدوار الولاة في محاضن التنشئة, والتربية، والرفقة بعد تخطي عمر الطفولة، وحسن العشرة بين جميع أفراد الأسرة، ورد كل فرد فيها إلى جهة نظامية عند تخطي أيٍّ منهم حدود القانون.. سواء الوالدين, والأوصياء، أو الأبناء.. تكون مصدر ثقة لتنتفي حالات الهروب العامة, والتغيُّب المجهول..!!

ثمة ما ننتظر أن تسفر عنه مآلات الحالات التي قرأنا عنها...

عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855

مقالات أخرى للكاتب