31-08-2014

فلسفة العمل الشبابي

يستطيع الرئيس العام لرعاية الشباب أن يبقى في دائرة الضوء الإعلامي بسهولة بمجرد أن يقترب من منافسات كرة القدم وزخمها الإعلامي والاجتماعي. هذا ما لحظناه خلال الفترة الماضية؛ إذ مجرد لقائه مسؤولاً في اتحاد القدم المحلي أو القاري يجعل أخباره تعم كل الصحف. فما بالنا حينما يحمى وطيس المنافسات الرياضية؟ هذا ليس نقداً لسيرة مسؤول لم يمض في المنصب سوى أسابيع، وإنما توصيف لما خبرناه منذ أن عرفنا الرئاسة العامة لرعاية الشباب في شكلها الحديث. وبسبب هذا الزخم لكرة القدم ومظاهرها الإعلامية لم نسأل أنفسنا ماذا نريد من الرئاسة العامة لرعاية الشباب؟ ما أهداف الرئاسة العامة لرعاية الشباب؟ ما المطلوب من الرئاسة العامة لرعاية الشباب؟ كيف نقيس أعمال الرئاسة العامة لرعاية الشباب؟

هل كل أهدافها تتمحور حول كرة القدم وحجم بطولات كرة القدم وكذلك بقية الرياضات؟ وبالتالي لا تستحق منا النقد الفكري الحقيقي!

نسبة الرياضيين الذين يمثلون الشباب السعودي، ويلعبون ضمن إطار البطولات المنتظمة، ويستفيدون من منشآت وبرامج رعاية الشباب، عددهم قليل جداً. للأسف، لا توجد إحصائيات علمية، لكنني أقدره بما لا يزيد على خمسة في المائة من الشباب دون الأربعين عاماً. فهل نشاط الرئاسة العامة لرعاية الشباب محصور في خدمة خمسة أو عشرة في المائة من الشباب؟ وماذا عن الأغلبية، التسعين في المائة؟ ماذا تقدم لهم الرئاسة العامة لرعاية الشباب؟

يبدو لي أن رعاية الشباب لم تبرح المربع الأول منذ تأسيسها؛ فقد بنت فلسفتها على اعتبار الأندية نواة عملها؛ ولذلك أسست الأندية لتكون رياضية ثقافية اجتماعية. يُضاف إليها بيوت الشباب كمقار معسكرات ومقار سكن وزيارات الوفود الرياضية والثقافية والاجتماعية المتنقلة بين أرجاء الوطن من الداخل والخارج. نظرياً، لا يمكن القول بأنها فكرة سيئة، بل إنها فكرة مثالية جميلة. لكن السؤال هو: هل صمدت تلك الفلسفة أمام مختلف التغيرات الإدارية والاجتماعية؟ هل استطاعت الأندية القيام بأدوارها الثلاثية (الرياضية والثقافية والاجتماعية)؟ ما حدث عبر مسيرة أكثر من ثلاثين عاماً هو انحراف التطبيق عما رُسم نظرياً؛ فالرئاسة أخذها وهج الإنجاز الرياضي، وبالذات المتعلق بكرة القدم، وتحولها إلى رياضة احترافية، والقطاعات الأخرى ذات العلاقة لم تنتظر ولم تربطها علاقة تنسيقية جيدة مع رعاية الشباب في الجوانب الأخرى. وأعني تحديداً القطاعات التعليمية، الشؤون الاجتماعية والثقافة والإعلام والقطاعات العسكرية المختلفة. انسلخت عن رعاية الشباب الجوانب الثقافية، وانسلخت مراكز الأحياء الشبابية؛ فتاهت بين أكثر من قطاع، وتاه الفعل الاجتماعي الثقافي الشبابي حتى لم يعد له راعٍ واضح. رعاية الشباب استمرت راعية لعدد ثابت من الأندية التي فقدت هويتها باستثناء بعض الفعل الرياضي الذي تنحصر فائدته في فئة محدودة من الشباب كما أشرنا أعلاه.

طرحت سابقاً تحوُّل رعاية الشباب إلى هيئة يغلب على أدوارها رسم الاستراتيجيات الشبابية، والتنسيق والتحفيز للعمل الشبابي، وذاك مجرد فكرة إدارية، لكننا بحاجة إلى فهم أكبر لرسم استراتيجية أعمق. وعليه، أقترح على رئيس رعاية الشباب التأسيس لندوة أو ندوات كبرى، تحاول الإجابة عن الأسئلة: ماذا يريد المجتمع/ الشباب من رعاية الشباب؟ ماذا تريد رعاية الشباب من المجتمع والقطاعات الأخرى ذات العلاقة (التعليمية والثقافية والاجتماعية والأمنية)؟ الأندية، هل لا زالت تمثل نواة العمل برعاية الشباب؟ كيف نحافظ أو نعيد صناعة هوية رعاية الشباب وفلسفة العمل الشبابي بصفة عامة؟

الندوات وحلقات العصف الذهني ستكون مقدمة للحوار والنقاش نحو تأسيس استراتيجية حديثة لرعاية الشباب، وبالذات لو شارك فيها مختلف الشرائح، وطرحت الحوارات فيها بوضوح وشفافية.

malkhazim@hotmail.com

لمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm

مقالات أخرى للكاتب