حمد بن عبد الله القاضي

حمد بن عبد الله القاضي

قراءة في أبعاد خطاب الملك عبدالله أمام السفراء

02-09-2014

القوة والعقل في رسالة ملك السلام إلى زعماء العالم لمكافحة الإرهاب

** من مقربة من مكة المكرمة التي انطلقت منها رسالة الإسلام لنشر الرحمة، وزرع السلام، وبثّ الأمن وحفظ الأرواح والأموال والأعراض في هذه الدنيا.

من هذا الموقع كان خطاب الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود البالغ الأهمية في مناسبة مهمة اختار أن تكون أمام سفراء عدد كبير من أهم دول العالم.

لقد جاءت هذه الكلمة في وقتها لتوقظ من لم يدرك بعد في كوكبنا الأرضي خطر وخطورة هذا الغول الذي يريد أن يهلك الحرث والنسل.

وقد انطلق الملك عبدالله وهو يطرح رؤيته تجاه الإرهاب من أبعاد كانت حاضرة في عقله ونظره وهو يصدح أمام العالم برأيه ورؤيته.

** أولا :مشاهد الإرهاب كانت في وجدانه وأمام عينيه وهو يرتجل خطابه.

** كان حاضرا في ذهنه أمانة المسؤولية التاريخية.

فخادم الحرمين حفظه الله في هذه الكلمة القوية الصادقة التي ارتجلها أمام السفراء بوصفه أحد زعماء العالم يحمل أمانة الجهر بالحق، وبوصفه قائداً من أهم قادة الدول الإسلامية، وكان قلبه على أولئك المشردين والأطفال والمنكوبين بسبب جرائم إرهاب الدول والأفراد التي لا تراعي ديناً ولا ضميراً ولا إنسانية ويحس المستمع لها والقارئ لأبعادها أنه كان مستحضرا بحسه الانساني -حفظه الله - مشهداً مرتسماً بوجدانه، وهو يتحدث ويستذكر بألم مناظر الإرهابيين وهم يقطعون رؤوس المعصومين ويعطوها لأطفالهم يلعبون بها في منظر يكسر القلب.. بعيد عن الرحمة والإنسانية كما قال حفظه الله.

ثانياً: الملك في خطابه كان قلبه على العالم أجمع

** رغم أن بلادنا ولله الحمد انتصرت على أعمال الإرهاب في السنوات الماضية سواء بتقليص آثارها، أو بضرباتها الاستباقية لها أو فلاحها في مكافحتها للإرهاب بالجانب الفكري والمناصحة.. وبحمد الله أصبحنا لا نشهد مثل تلك الجرائم التي روعتنا وروعت أطفالنا ونساءنا وتبقى المراقبة والاستباقية لكل من يحاول تكدير أمنها.

أقول رغم كل ذلك فخادم الحرمين لم يكن قلبه على بلاده فقط بل وعلى شعوب العالم أجمع.. في قلبه أبناء الشعوب كلها عربية وإسلامية وعالمية وإنه من وحي قدره التاريخي بأن يكون زعيماً عالمياً لم يكتف بأن نجح في قيادة وطنه نحو مرفأ الأمان، ونجح في قيادة منظومة النماء بل أراد أن يسهم في إنقاذ شعوب العالم وأطفاله من غول الإرهاب.

ثالثاً: الملك وضع يده على الجرح في مكافحة الإرهاب:

** يشعر من استمع وشاهد الملك عبدالله - حفظه الله - وهو يلقي خطابه الارتجالي المؤثر حرصه على اختيار المضامين التي توصّل ما هدف إليه، واختيار الكلمات التي تبلّغ رسالته في حديث يفيض بالصدق والحب لكل شعوب العالم وهو يتوق أن يعم السلام.. لهذا كانت رسالته لزعماء الدول الذين حضر سفراؤهم ومنهم سفراء دول كبيرة ومهمة على الخريطة العالمية. لقد وجه رسالة من أرض السلام رسالة بالغة التأثير عبر دعوته زعماء العالم أن يقفوا صفاً واحداً تجاه الإرهاب.

وكم كان دقيقاً- حفظه الله - عندما حدد بوعي وعن تجربة عاشها.. حدد أن مكافحة الإرهاب تتم (( بالقوة والعقل )) وذلك من خلال نجاح المملكة في مكافحة الإرهاب بالقوة التي تتجسد بالقوة الأمنية وبالعقل بتوظيفه في المكافحة الفكرية.

** رابعاً: الحاضران المهمان في خطاب الملك التاريخي بوصفه زعيماً مسلماً يدرك رسالة الدين الإسلامي، وذلك عندما أشار في خطابه إلى ملمحين مهمين:

أ-بلورته رؤية الإسلام أمام هؤلاء السفراء وزعماء العالم أجمع، مؤكداً أن الإسلام أول محارب للإرهاب وقتل الأنفس المعصومة مبرئاً ساحة دين الرحمة من هذه الأعمال وصادحا أن هؤلاء المجرمين الإرهابيين سواء كانوا دولاً أو أفراداً أو منظمات يجب ألا يحسبوا على الإسلام وإن ادّعوا ذلك فالإسلام بنصه المقدس بريء منهم والخلل في هؤلاء وليس في الإسلام ومن هنا استشهد بالآية الكريمة التي نصت على أن من قتل نفساً واحدة فكأنما قتل الناس جميعاً.

ب - الملمح الثاني عندما كرر ((الأمانة)) أكثر من مرة وهو ينقل رسالته في التصدي للإرهاب والتعاون في إقامة المركز العالمي لمكاحة الإرهاب فهو حفظه الله أراد أن يؤكد أن نقل هذه الرسالة هو ((أمانة)) حملها الإنسان بوصف ((الأمانة)) هي ذروة العدل والمسؤولية وهي التي عجزت عن حملها الجبال الراسيات فحملها الإنسان بإرادة التكليف الرباني.

** خامساً: انطلق خادم الحرمين في رؤيته بالقضاء على غول الإرهاب لامن من وحي تنظير بل من واقع تجربة ومن ضمير زعيم حمل راية مكافحة الإرهاب في بلاده أولاً وتعهد منذ بداية شرره أنه وبلاده وأبناء بلاده سيكافحون الإرهاب ((بالقوة والعقل)) ولو امتد ذلك ثلاثين عاماً، وقد قال وصدق ونفذ رعاه الله. من هنا يأخذ خطاب الملك عبدالله بعده العملي والعالمي والإنساني وقد عرفه العالم رعاه الله بالصدق والشفافية والصراحة في قول الحقيقة والجرأة في رفع صوت الحق.

** لعل العالم بدأ يدرك ذلك فها هي بريطانيا تعلن الأمس رفع مؤشر الإرهاب لديها من كبير إلى خطير وتبعتها دول أوربية أخرى بعد أن زادت تهديدات المنظمات الإرهابية المدعومة من دول لاتريد أن يسود الأمن في هذا الكوكب.

** وبعد إن رسالة الملك عبدالله هي رسالة الشعب السعودي إلى كل شعوب العالم وقد كان أبناء الوطن حاضرين في هذا الخطاب.

وقد وقف هذا الشعب المحب له وراءه وهو يقود المعركة ضد الإرهاب ويقود بالجانب الآخر ملحمة التنمية بأرجاء الوطن حفظه الله وحفظ بلادنا واحة أمن ونماء وأعاد الله الاستقرار إلى العالم باجتثاث جذور الإرهاب الذي تقوم به الدول والأفراد والمنظمات مجتمعة ليعود السلام إلى كوكبنا الأرضي ولكي يورق بالسلام بدلاً من أن يحترق بنار الإرهاب.

Hamad.a.alkadi@gmail.com- عضو مجلس الشورى السابق

فاكس: 4565576 **** تويتر @halkadi ** ** - أمين عام مجلس أمناء مؤسسة الشيخ حمد الجاسر

مقالات أخرى للكاتب