19-09-2014

الباقي اللازم من أجل الإنسان والوطن..!!

كثيراً ما يطرأ من أسئلة يجيب عنها المتخرصون عن تلك الأسباب التي وراء قدرة كل من يستميل الشباب غير الناضج، وبعض العقول الخاوية، وجملة القلوب المفرغة ممن تم تصنيف فكره، ومنهجه، وسلوكه بالإرهاب، والضلال، والخروج عن جادة الإسلام، وهم يشوهون نهجه القويم، وفضائله المؤدية لسلام الكون، وعماره لا دماره..

وفيها كيف استطاع هؤلاء استمالة من استمالوه، وكيف زجوا من زُج في لحمتهم، وتمكنوا من تبنيهم لأفكارهم، فدرج نحو سلوكهم من درج..

حتى انقلبت الأرض على ظهر مجنها ملتهبة، مفككة، يتناحر فيها الفئات، والجماعات، بل الأفراد تناحر وغى، واختلاف فكر، وتشابك آراء في جدل يعم كل الساحات من حولهم؟

وحتى بكت المراضع الحزينة، وخوت المحاضن الفاقدة، ونال النفوس الفزعة خوف، واعتراها حزن، حارت لها عيون الأمهات، ولاجت فيها الدمعات، واحترقت صدور الآباء، ما الذي جرى للابن، ولابن الجار، وللصاحب، وللرفيق، في غفلة من عين، وفي غياب عن علم.؟

وحتى نال الهادئ في داره غبار إقلاقهم، ولحق بالسليم في عافيته لسع من نار حقدهم، وجناياتهم..

وحتى سهر المجتمع البشري جراء غوغائهم التي لا يرتد منها طرف إلى جفن، ولا يهجع بفعلهم سمع في أذن..!!

ولحق بوطننا من هذا شيء، وغرق في لجته من أبنائه نفر..

وهذا أمر ذو بال.. تأباه العقول والنفوس، وترفضه حقيقة الإسلام، منبته وقِبلته، وأبناؤه الفاهمون نهجه، المتبنون رسالته الصحيحة..

لذا نهضت هذه البلاد من رأسها لساسها، ومن كبيرها لصغيرها تتصدى للتطهير.. وتمتد في التنوير..

استعدت هذا الشريط بعد قراءتي لما أفتت به هيئة كبار العلماء في آخر بياناتها الصادر أمس الأول، الذي نشرته جميع وسائل الإعلام الأربعاء الماضي، تنكر فيه الهيئة فعل الفاعلين، وتقر تطرفهم، وإرهابهم، وتؤيد سلامة تتبع من يقتفيهم، ومن ينهج نحو نجعهم، ومن يؤيد آراءهم، ومن يحتضن بذورهم، ومن يتبع خطاهم عملاً، وقولاً، ومساساً..

وهي مُحقةٌ في ذلك.. بعد أن جُعل الإسلام مطية للغايات، وجسراً لوسائلها.. في أشد حقب يتطاول فيها البغيُّ ببغيه على الدين الحنيف دين السلام، والخطاب بالأحسن، والذود عن الجوار، دين الرفق، والوعي، والحجة..

دين الفصل بين المعتقد والآخر، فـ{لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}، دين الرحمة {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}،

دين الحكمة، والحسنى {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}..و..، ..

دين السلام، والصبر {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}..

دين من لا يفسق في عدوان، ولا يغلظ في بهتان..

أجل محقة هيئة كبار العلماء فيما صادق به بيانها عن أولئك...

لكن، ومع وجود منهجية المناصحة، ومركزها، ورجالها لمن وقع فعاد فأخطأ..، وعقوبة من أُرشد فتمادى فجار..، والحد العقابي يختم به فعل من غوى فأصرَّ فتمادى ففحش فأسفر..

في المقابل فإن الحاجة قائمة في ضوء الواقع للمزيد بما يؤازر الناصحين ويعين المتصدين..

ولأن المجتمع لا يخلو من وجود الحائر بين حدي الغواية، والهداية..، والمضطرب بين الصحيح والخطأ، فإن الساحة تحتاج لمن يملأ أركانها توعية، ونصحاً، وتفنيداً لبراءة الدين، ونقائه، بنور منه هادياً، وبآيات له ناطقة، وبحجج فيه ناصعة.. وبعلم به مكيناً، وبأساليب رفيقة لطيفة لا فظاظة، ولا غلظة... تقنع الحائر، وتشفي المضطرب..،

فهلا انتشر في المساجد، وعبر الوسيلة الإعلامية، والتواصل، وفي مراكز الأحياء، والمكتبات، والمدارس، والجامعات، وحيث يدب المرء بعقل لم ينضج، وبفكر يحتاج لمن ينوره، وبقلوب عطشة لمن يسقيها... من يصحح الدين في أهله..؟

فهذا الإسلام تاريخ ناصع، ومواقف بيضاء راشدة، ونماذج كالنجوم يهتدى بها من يقتدي، فعلمه نافع، ونهجه معتدل، واليقين فيه أن لا هداية كما التي تنزلها آية بدلائلها، وإعجازها، ووقائع يحتذى بتفاصيل سلوك شخوصها أدباً، ورفقاً، وإيماناً، وخشية، ومعروفاً، وسلاماً، ونبلاً، وعفافاً، وإيثاراً، وعبادة، وحياء، ووقاراً، قلوباً لا غش فيها، وعقولاً لا خلط يشوب مداركها ولا منازلها.

فالناشئة عطاشى للنهل من ينابيع الخيرية في الدين، ولاتباع بوصلته نحو الاعتدال، والحق، والسلام، والقبول، والرضا، والاحترام، والوقار.

إنه الدور الباقي اللازم المطلوب من العلماء، والمفكرين، والخطباء، والمعلمين، والمربين..وفقهم الله.

عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855

مقالات أخرى للكاتب