Car Magazine Wednesday04/04/2007 G Issue 18
السلامة
الاربعاء 16 ,ربيع الاول 1428 العدد18

5883 قتيلاًً ومئات المعاقين حصيلة العام الماضي!
دور المساجد والمؤسسات التعليمية في الرفع من السلامة المرورية

* اعداد - محمد الحمالي:

بلغ عدد المساجد في المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز طيب الله ثراه أكثر من 70 ألفاً بالإضافة إلى 3215 مصلى حسب الإحصائية على الموقع الرسمي التالي المخصص عن الملك فهد رحمه الله www.kingfahd-binabdulaziz.org من المؤكد أن عدد المساجد والمصليات حالياً يزيد على ذلك بكثير، أما عن عدد المدارس والجامعات في المملكة فإنني سأكتفي بالقول: اللهم زد وبارك!

صرخة في واد

سبق وأن كتبت وطالبت أكثر من مرة عبر هذه الصحيفة وغيرها من الوسائل الإعلامية بضرورة تفعيل دور المساجد والمؤسسات التعليمية في الرفع من الوعي المروري لدى أفراد المجتمع كون هذه المؤسسات الدينية والتعليمية تعتبر أدوات إعلامية فاعلة للرفع من مستوى السلامة المرورية إذا أُحسن استثمارها مع ضرورة التنسيق في ذلك مع الجهات المعنية. إن ترك الإدارة العامة للمرور لوحدها في الساحة في مواجهة هذا الطوفان المروري هو أمر يدعو للاستغراب.

واجب شرعي وأخلاقي

إن دعم الجهود التي تقوم بها الإدارة العامة للمرور في سبيل تجفيف منابع هذا الطوفان المروري هو واجب شرعي ووطني وأخلاقي. إن من العجب أن نسمع مراراً على منابر الجوامع والهيئات الأخرى ضرورة (مناصرة إخواننا في كذا وكذا ..) ونحو ذلك في حين أننا لا نسمع مثل هذه الدعوات لمناصرة إخواننا في المرور!

لقد بحثت في أشهر موقعين مخصصين لخطب الحرمين الشريفين فلم أجد سوى خطبة يتيمة خُصِّصت للسلامة المرورية وكانت بعنوان (حق الطريق وآداب المرور) لفضيلة الشيخ الدكتور (صالح بن حميد) بتاريخ 10-6-1421 هـ وهناك خطبة ثانية لفضيلة الشيخ (عبدالباري الثبيتي) كانت بعنوان (التدخين وحوادث السيارات) ولم أجد لها تاريخاً محدداً سوى أنها قبل عام 1422هـ وذلك بحسب تأريخ الخطب المدوَّن، وقد تطرق الشيخ في آخرها (لمدة أقل من دقيقتين) للحوادث المرورية إذ إن الحديث عن مساوئ التدخين شغل مُعظم وقت الخطبة،راجع الموقعين التاليين والمخصصين لخطب الحرمين الشريفين www.alminbar.net و www.khotab.net .

ونقترح أن تقوم الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف بتخصيص خطبة في العام تستحث فيها المسلمين (وغير المسلمين) على ضرورة احترام قانون السير وبيان عظم جرم المتسبب في زهق أرواح الآخرين أو إصابتهم بعاهات أو حتى التسبب في إتلاف الممتلكات العامة نتيجة عدم المبالاة ونحو ذلك. إننا على يقين وثقة بأن عدم تخصيص خطبة في العام لمثل هذا الموضوع الاستراتيجي والهام مرده انشغال الخطباء بهموم المسلمين حول العالم ومن ثم فلا حرج أن نذكر أصحاب الفضيلة القائمين على شؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف بهذا الأمر وذلك من باب (وذكِّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين).

دور المساجد والوعَّاظ

تُعتبر المساجد من أهم القنوات الإعلامية التي يمكن أن تساند الإدارة العامة للمرور في سبيل تحقيق السلامة المرورية وذلك لأربعة أسباب:

1- يرتاد المساجد كثير من الناس (على اختلاف مشاربهم وأعمارهم) خمس مرات في اليوم وبالتالي فهي فرصة لإمام المسجد أن يُذِّكر المصلين من وقت لآخر بموضوع السلامة المرورية مُستشهداً بالقرآن والسنة وأن من مقاصد الشريعة الإسلامية الحفاظ على النفس البشرية وصيانتها.

إن كثيرا من أئمة المساجد نجدهم يقرؤون على مسامع المصلين مقتطفات من أحد أُمهات الكتب (رياض الصالحين مثلا) فور الفراغ من صلاة العصر وأقول هنا ما المانع أن يُخصِّص إمام المسجد كلمة موجزة عن السلامة المرورية مرة في الشهر بعد صلاة العصر أو المغرب مثلاً مُستعيناً بالمعلومات التي توفرها الجهات المعنية. إن هذا الأمر لا يحتاج إلى تصريح بقدر ما يحتاج إلى تذكير!

2- يُمكن لخطيب الجمعة أن يُخصص من وقت لآخر إحدى الخطب عن موضوع يتعلق بالسلامة المرورية كأن ينتهز فرصة إقامة (أسبوع المرور الخليجي) أو اليوم العالمي المخصص ل(ذكرى ضحايا الحوادث على الطريق) الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتباراً من هذا العام والذي سيُصادف يوم الأحد 18 نوفمبر 2007 (تم اعتماد الأحد الثالث من شهر نوفمبر من كل عام لهذه المناسبة). ولعل المناسبة أكثر تأثيراً والممكن لأي خطيب أن يتأثر ويؤثِّر بها هي لحظة صدور التقرير الدوري عن الحوادث المرورية في المملكة (صدر قبل أيام التقرير الخاص بالعام الماضي 1427 حيث كانت الحصيلة 5883 قتيلاً ومئات المعاقين وهذا بخلاف الخسائر الاقتصادية الناجمة عن ذلك).

3- إمكانية الاستفادة من وجود لوحة المنشورات التي في المسجد والتي يُشاهدها الكثير من المصلين يوميا وذلك بوضع نشرات مرورية توعوية تتضمن الإحصائيات المرورية والنتائج السلبية الناجمة عن الحوادث المرورية كما يمكن عرض صور لحوادث مرورية ومن المستحسن أن تكون هذه النشرات بعدة لغات لتعميم الفائدة ويمكن التنسيق في ذلك مع مكاتب توعية الجاليات إن لزم الأمر.

4- العمل من وقت لآخر على دعوة الوعاظ المرخص لهم لإلقاء كلمات أو حتى محاضرات تتعلق بالسلامة المرورية من الناحية الشرعية والإنسانية والوطنية كبيان حرمة قتل النفس أو حتى تعريض الآخرين للخطر وعظم أجر من يزيل الأذى على الطريق وغير ذلك من مواضيع تطرق إليها الشارع الحكيم مع ضرورة دعوة السنساء لحضور مثل هذه المحاضرات في الأماكن المخصصة لهن وذلك كون النساء في المجمل يتأثرن أكثر من الرجال وبالتالي فهن قد يلعبن دوراً في توعية ومراقبة أبنائهن على نحو أفضل من الأب الذي عادة ما يكون مشغولاً أو مريضاً أو عاجزاً أو قد يكون متوفيا، كما أن حضور بعض النساء لمثل هذه المحاضرات قد يؤدي للتأثير بشكل مباشر على أزواجهن أو أقاربهن ممن لم يحضر مثل هذه المحاضرات.

المبادرة والعزيمة الصادقة

باختصار يستطيع إمام المسجد وخطيب الجمعة من خلال هذه الفرص الأربع ( الصلوات الخمس وخطبة الجمعة ولوحة المنشورات ودعوة الوعَّاظ) أن يوصل الرسالة لشريحة كبيرة من أفراد المجتمع بشكل مباشر ومؤثر وبليغ في نفس الوقت. إن تحقيق ذلك لا يتطلب بذل الكثير من العناء إذ يكفي التنسيق في ذلك مع الجهات المعنية (الإدارة العامة للمرور ووزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد) ولا أحسب أن أحداً منهما سيبخل بمعلومة أو أن يحجب منفعة عامة عن الناس. إن المسألة في النهاية متوقفة على أمور ثلاثة: استشعار إمام المسجد لأهمية تحقيق السلامة المرورية وتوفر روح المبادرة ووجود العزيمة الصادقة ومتى ما اكتملت أركان هذا المثلث تحققت الفائدة المرجوة.

دور مؤسسات المجتمع المدني الأخرى

إن ما سبق ينطبق أيضاً على المؤسسات والهيئات الأخرى كالجامعات والمدارس والأندية الرياضية والمراكز الصيفية والجمعيات بأنواعها (الخيرية والنسوية بل وحتى تلك المعنية بتوعية الجاليات) إذ تستطيع كل جهة من هذه الجهات ابتكار وسائل دعوية مرورية تُساهم في نشر ثقافة السلامة المرورية ووقف النزيف البشري والاقتصادي وأخيراً رسم صورة مُشرقة عن بلادنا، وبالله التوفيق.


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة