Car Magazine Wednesday04/04/2007 G Issue 18
تحقيقات
الاربعاء 16 ,ربيع الاول 1428 العدد18

ماذا بعد الحكم بإعدام "أبو كاب"!؟ (1-2)
التفحيط .. هواية طائشة وسلوك قاتل

* تحقيق - راشد الزهراني:

بعد مداولات قضائية امتدت لسبعة أشهر شهدت خلالها أروقة المحكمة العامة بجدة 12 جلسة أسدل ثلاثة قضاة الستار على قضية أبوكاب حيث أصدروا حكماً بالقتل تعزيرا للمفحط أبوكاب 27 سنة المتهم بالتسبب في وفاة ثلاثة شبان هم أحمد بدر 15 سنة وشقيقه عبدالعزيز 14 سنة والطالب إبراهيم فهد السهيل 18 سنة، أصيب في الحادث شابان هما زياد منور المطيري 20 سنة وفيصل خالد المطيري 20 سنة وكان تقرير شعبة الحوادث بإدارة مرور جدة قد حمّل مسؤولية الحادث للمتهم بنسبة 100%، كما حمّله كافة نتائجه مستنداً على اعترافه بممارسة التفحيط إضافة إلى السير بسرعة عالية (160- 180 كم/ الساعة) والانطلاق بالمركبة بطريقة جنونية متهورة جداً.

وأشار التقرير إلى استخدام المركبة لغير الغاية المرخص لها وتعريض حياته وحياة مرافقيه الآخرين للموت والهلاك بسوء التصرف وعدم مراعاة الأنظمة والتقيد بالتعليمات وتطرق التقرير إلى اصطدامه بسيارة أخرى نتيجة لقيامه بعملية التفحيط بسيارته من خلال حركات بهلوانية واستعراضية بها، لافتاً إلى أنه كان في حالة زحف بالسيارة إلى الخلف بسرعة عالية جداً أثناء وقوع الحادثة، ورأى التقرير إدانة المذكور بتحريض الشباب على عملية التفحيط وجذب أكبر عدد منهم لمشاهدته وهو يقوم بهذه العملية الخطرة، كما أبان التقرير أن المذكور استأجر العديد من السيارات من شركات التأجير للتفحيط بها كونها مؤمناً عليها في حالة وقوع الحوادث، وكشف التقرير أن أبوكاب ارتكب مخالفات مرورية بلغ عددها 66 مخالفة منها مخالفات تفحيط وكان التقرير المروري قد أوصى بانزال أشد العقوبات على المتهم.

وكانت لجنة التحقيق خلصت في تقريرها إلى إحالة أوراق القضية لهيئة التحقيق والادعاء العام لتقديم لائحة الادعاء للمحكمة المختصة للنظر في الحق العام والخاص وتطبيق أقصى العقوبات الممكنة بحق المتهم.

الحكم بالقتل

وتعود تفاصيل الحادثة التي أودت بحياة الشبان الثلاثة إلى أن أبوكاب استأجر سيارة من مكتب بالكورنيش واصطحب خمسة أحداث معه وأخذ يمارس التفحيط حتى انقلبت السيارة مخلفة تلك الكارثة لدى أسر الضحايا.

وجاء في حيثيات الحكم أن ما أقدم عليه المذكور فعل محرم شرعاً وانتهاك للحرمات وتخويف للآمنين وإزهاق للأرواح المعصومة شرعاً وإتلاف للأموال والممتلكات، ونظراً لتفشي ظاهرة التفحيط وحيث إن ما فعله المدعى عليه وأمثاله من محترفي التفحيط لا يبعد عما يفعله المجرمون المخربون بسائر أنواع الإجرام بل هو أشد؛ إذ فيه تغرير بالأحداث وإفساد لسلوكهم وأخلاقهم وقد ظهر لنظار القضية فداحة جريمة المدعى عليه مما يستوجب معه تعزيراً صارماً للضرب على أيدي السفهاء لقطع دابرهم وجعلهم عبرة لغيرهم لذلك كله فقد حكمنا بقتل المدعى عليه تعزيراً.

عدم الخوض في القضية

فضيلة الشيخ سعد الحقباني رئيس محكمة الدلم قال ل(الجزيرة) إن قضية المفحط أبوكاب ما زالت في أروقة وليس من المصلحة الخوض في تفاصيلها، فالقاضي لا يحكم في القضية إلا بوجود أدلة وبراهين كافية ووافية تؤيد حكمه، وقد اتخذ القاضي الحكم بالقتل تعزيراً كونها قضية إتلاف وقتل وترويع الآمنين وإزهاق النفس وتعريض حياة الآخرين للخطر وإزعاج السكان وأمور كثيرة بنى عليها القاضي حكمه، أما عن الإجراءات المتبقية في القضية فيقول الحقباني: الحكم ما زال حكماً بدائياً، ومجرد صدور صك الحكم يعطي وكيل المحكوم عليه مهلة تصل إلى 30 يوماً لرفع معارضة ضد الحكم، إذا رأى فيه إنقاصاً أو مظلمة، وترفع هذه المعارضة إلى القاضي نفسه، وإذا ما وجد القاضي فيها ما يقنعه في إعادة الحكم يقوم القاضي برفع الحكم إلى محكمة التمييز ومعها أوراق المعارضة لإجراء التدقيق في الحكم، ويشرف على هذا الحكم خمسة من قضاة محكمة التمييز، ثم يصدرون الحكم، فترفع إلى مجلس القضاء الأعلى للبتّ في الحكم، وإذا أقر المجلس الحكم بالقتل يرفع لولي الأمر للموافقة على تنفيذ الحكم، فينفذ الحكم من قبل الجهات التنفيذية.

التفحيط إلى قضية إجرامية

وحول ما إذا كان هذا الحكم يعتبر سابقة في القضاء السعودي، قال الشيخ الحقباني: إن هذا الحكم ليس سابقة في القضاء السعودي، فهناك أحكام بالقتل تعزيراً لمهربي المخدرات وغيرها من القضايا أو الحكم في مثل هذه القضية تحديداً، فهذه أول مرة، وهذا يقضي على ظاهرة التفحيط وانتشار أربابه وما ينتج عنه من ترويع الآمنين وإزهاق الأرواح.

وأبان فضيلة الشيخ الحقباني أن مثل هذا الحكم سوف يكون له رد فعل وآثار إيجابية؛ فأغلب المجتمع يؤيدون الشدة في إصدار الحكم على المفحطين وردع أربابه؛ فالعقلاء من المجتمع يدركون تماماً صاحب القرار وهي المحكمة الشرعية وهي مرجع إلى القضاء الشرعي.

أما حول صرامة العقوبة ضد المفحط فقال الحقباني: إن مثل هذه القضايا لا تحال إلى المحاكم الشرعية وإنما داخل أروقة جهاز المرور ولو اعتبرنا نظرية سعادة مدير المرور اللواء فهد البشر عندما قال يجب أن نعتبر هذا المفحط داخل ضمن قضية إجرامية وليس قضية مخالفة وهذا يجبر جهاز المرور على إحالة القضية إلى الحكم الشرعي، ونحن نطالب بأن تقيد مخالفة التفحيط إلى قضية إجرامية ذات ضوابط ونظم يحددها جهاز المرور.

العظة والعبرة

أما دور الإعلام في جعل قضية أبوكاب حية، فيقول الشيخ الحقباني: إن قضية أبوكاب أخذت طابع الشهرة بتغطية إعلامية واسعة، وقد انقسمت هذه إلى قسمين؛ فهناك الجانب القضائي حيث تدخل الإعلام بطريقة غير محبذة في الحكم القضائي وهذا يعطي صورة ليس فقط للمجتمع الداخلي فحسب، حتى على صعيد المجتمع الخارجي حتى إذا فكر القاضي بالتعديل فهذا قد يجعل المجتمع الخارجي ينظر إلى القضاء بنظرة ثانية، وهذا من سلبيات دور الإعلام، أما القسم الآخر فهو التوعية والعبرة من هذه القضية فهذا شيء جميل بأن تثير الصحف مثل هذه الموضوعات للتوعية والعبرة وبيان عقوبة من يقدم على مثل هذه الأعمال الإجرامية والتي راح ضحيتها الكثير من الشباب.

وعن رأيه في الحكم بالقتل قال الحقباني: إن الحكم بالقتل ليس بالسهولة؛ فالقاضي لا يحكم بالقتل إلا وهو مستند إلى الدليل والبراهين التي تؤيد حكمه ولن يهمل أى جانب يضعف الحكم، أما عن هذه القضية بالذات فأنا لم أطلع على فحواها وملابساتها حتى أحكم عليها.

إلى ذلك يعلق الشيخ علي عبدالله المطرودي قاض في المحكمة الكبرى بجدة أن الحكم في قضية (أبوكاب) الذي تسبب في مقتل ثلاثة مراهقين حكم اجتهادي؛ إذ لم يرد في كتاب الله عز وجل أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم أو إجماع عن مثل هذه الحالة, مشيراً إلى أن ما يراه القاضي مناسباً في تعزير الجاني يرفع للمدعي العام وإذا رآه مناسباً صدق عليه.

الحق العام والحق الخاص

مدير إدارة مرور محافظة جدة العقيد محمد القحطاني تحدث إلى (نادي السيارات) بقوله: لقد شاهدنا أخباراً في الصحف عن الأحكام الشرعية التي صدرت بحق مفحطين من عقوبات صارمة ورادعة بحقهم وهذا سوف يساهم في القضاء على هذه الظاهرة، وعن قضية أبوكاب تحفظ القحطاني على التعليق عليها، وقال لقد انتهت القضية من قبلنا وذهبت إلى الشرع وحكم فيها.

أما عن الأنظمة والقوانين التي من شأنها كبح جماح المفحطين، فقال العقيد القحطاني: لقد تكفل النظام في جهاز المرور بتعديل سلوك المفحطين بتحديد العقوبات للمرة الأولى والثانية، والثالثة يرفع لولاة الأمر لإصدار الأمر حسب ما يرونه مناسباً، ثم يحال إلى المحكمة الشرعية، فالنظام الحالي رادع وغطى جميع الجوانب مع إعطاء الفرصة لمبتدئ التفحيط بالتوقيف لمدة خمسة أيام وغرامة مالية 500 ريال وحجز المركبة لمدة شهر.

أما في المرة الثانية فيوقف المفحط لمدة عشرة أيام وغرامة مالية قدرها 900 ريال وحجز المركبة لمدة شهرين، وفي الثالثة كما أسلفت سابقاً تحال القضية إلى الحاكم الإداري وولاة الأمر وحسب ما يرونه.

وهذه العقوبات عدلت من أوضاع الكثير من المفحطين وتعدل سلوكهم، كما أن هناك نظاماً وضعته الدولة وهو نظام مدروس وصادر بأمر سامٍ من أعلى سلطة؛ حيث أعطى الصلاحية إلى الحاكم الإداري حول تغليظ العقوبة في حق المفحط أو إحالة إلى الشرع وهناك نظام النقاط، وهذا سوف يكون فيه سحب الرخصة على المفحط أو أي مخالفة، فالمرة الأولى لمدة ستة أشهر وإذا تكرر منه ثانية فتسحب من الرخصة لمدة سنة وهذا النظام متى ما صدر سوف يكون مراعياً لجميع المخالفات الخطرة ومن ضمنها التفحيط.

برامج توعوية

وأضاف العقيد القحطاني قائلاً: نحن في إدارة المرور لسنا فقط جهة تأديبية، فقط نعاقب، وإنما هناك برامج توعوية نقوم بها مع هولاء المفحطين الموقوفين؛ حيث نقوم معهم بجولات عديدة على المستشفيات وأقسام الحوادث، كذلك نجعلهم يشاهدون ثلاجة الموتى، ونعرض لهم أفلاماً وثائقية لظواهر التفحيط وما يسببه من تبعات يروح ضحيتها شباب أبرياء. ولكن هناك من يتعظ وآخرين دون جدوى معهم؛ فهولاء عندهم أهداف وسوابق؛ إما تجده فاشلاً في دراسة أو عاطلاً عن العمل أو منساقاً خلف المخدرات أو يسوقها ومنهم من يتصيد الأحداث من صغار السن لأهداف أخلاقية أو حب البروز والشهرة، وبخاصة إذا كان يتصور نفسه مهمشاً في هذا المجتمع.

وقد اعترف العقيد القحطاني أن مطاردة المفحطين تعد خطراً يجب تجنبه؛ حيث قال: إن المفحط عندما تطارده الدورية قد يفقد وعيه ويهيج هرباً من المرور، وقد يتسبب في وقوع حوادث وخلافه، ونحن ضد المطاردة؛ فهناك طرق نتبعها في المطاردة وبطريقة سرية جداً، فمثلاً هناك المرور السري وإدارة البحث والتحري، حيث نستخدم سيارات مختلفة الأنواع مستأجرة من شركات التأجير لمراقبة المفحطين، كما أن هناك كاميرات تصوير فيديو للتصوير، ثم يحدد نوع السيارة ويكلف قسم الإحضار بوحدة البحث والتحري لإحضار الشخص إلى الإدارة والتحقيق معه، وهناك وحدة متابعة المفحطين من خلال البحث والتحري وكذلك مواقع الإنترنت لمنع ظاهرة التفحيط قبل وقوعه.

استغراب وإعجاب

(الجزيرة) استطلعت آراء هواة التفحيط من خلال الزيارة الميدانية بموقع تجمع الشباب؛ فكان الكثير من الشباب يتهربون من عدسة (الجزيرة) أو بذكر الأسماء وإنما رموز قد تكون بعيدة عن أسمائهم حتى لا يكشف أمرهم حسب ما يظنون.

في البداية تحدث شاب رمز لاسمه ب(و.ع) كان في البداية متردداً في الحديث عن قضية أبوكاب وبإصرار من زملائه تحدث وقال إن قضية أبوكاب غريبة جداً لم نكن نتوقعها إطلاقاً؛ فأنا أعرف أبوكاب من خلال السباق والتحدي، ولكن لم أستطع أن أسابقه في التفحيط؛ فهو يعد شجاعاً ومغامراً وكنا نسمع بأن العسكرية هي التي ربت فيه هذه الشجاعة وكنت أعرف بأنه حريص جداً على حياة الذين يركبون معه ولكن هذا قضاء وقدر، وعندما سمعنا الحكم عليه بالقصاص لم نكن نتوقع أن هذا الحكم بسبب التفحيط، بل هناك قضية يحملها أبوكاب أقوى من هذه القضية، ولكننا علمنا أن الحكم بسبب التفحيط، وأنا مستغرب جداً كيف يحكم على أبوكاب وهناك من هم مثل أبوكاب من تسبب في قتل أرواح قضى محكوميته في السجن ثم خرج وعاد إلى ميدان التفحيط.

نادٍ بهلواني للسيارات

قال أحدهم: نحن لا نقول القضاة مخطئون تجلوا عن هذا ولكن الحكم بالقتل في مثل هذه الأمور يجعلنا نقف قليلاً ونعيد حساباتنا من جديد، فأنا اليوم هنا ليس للتفحيط أو الجمهرة وإنما أريد أن أسمع آخر أخبار أبوكاب من الشباب هنا.

وشاب آخر تطوع بالحديث إلينا من دون ذكر اسمه، وقال: نحن نحمل المسئولين عن الشباب والأسرة والمجتمع هذه القضية فهناك من الشباب ممن يحمل كبتاً في داخله يريد أن يفضفضه بأسلوبه ثم يأتي إلى هنا ويجد من يصفق له ويشجعه، بعدها يشعر بهم قد انزاح، والبعض من الشباب يأتون هنا لترويج المخدرات يدعون بأنها تقوي الشجاعة، بل وتجعل المفحّط مدركاً بزمام الأمور ومنتبهاً بشدة، والبعض من الشباب مبتلى بحب الأحداث من صغار السن، يأتون ويستعرضون أمامهم حتى ينالوا إعجابهم فتتيه عقولهم لدرجة أنهم يتحدون رجال المرور بكل ما يسمى من شجاعة وما خفي كان أعظم ولكن لماذا لا يكون هناك ناد بهلواني للسيارات ويكون على شكل ميدان ومدرجات بعيداً عن المدينة، وكذلك الآباء يجلبون لأبنائهم السيارات ومو لم يتأهلوا توعويّاً وعقلياً وهناك من الأبناء يسرقون سيارات آبائهم ويأتون بها إلى هنا ويختلطون مع جلساء السوء ويأخذهم التحدي وبروز العضلات والنهاية إما هلاك السيارة أو إزهاق الأنفس أو الوقوع في قبضة رجال المرور.

درس لن أنساه

أما باسم الملقب (بأبوعرام) فيقول قبل فترة وفي مكة المكرمة وبالتحديد في مشاعر عرفات في رمضان قبل 5 سنوات كنت أفحط بسيارة والدي ولم أكن متمرساً في القيادة ولكن رفقاء السوء ضحكوا عليّ بالهرج السخيف والكلام المنفرز، حيث كانوا يقولون: (لي يا غشيم يا خواف ما تقدر على مسك الطارة) فأخذتني الحماسة ونزعت الشيطان حتى قمت أفتل عضلاتي في الميدان وسمعت تصفيق المتجمهرين، فزادني الشوق بقوة وكأنني دخلت إلى عالم النجومية والشهرة وكنت في كل مرة أقوي الحركات حتى أسمِع الجمهور صفير الكفرات إلى أن سقط الفأس في الرأس فضرب عندي الكفران الخلفيان وانقلبت السيارة على الجمهور وتعرض بعض المتجمهرين إلى كسور بسيطة ولم يكن هناك -ولله الحمد- وفيات وكأني فاقد أعصابي وكأني أرى الدنيا اسودت في وجهي وعقلي بدأ يغلق، فلم أعِ إلا وأنا في أيدي رجال المرور والكلبشات بيدي، ودخلت السجن وجاء والدي يزورني وعندما رآني بصق على وجهي وطلب من الضابط أن يمدد في سجني حتى يلقني درساً ما أنساه، وحكم عليّ بالسجن عشرة أيام وكأنها عشر سنوات، ولم يأتني أحد من رفاقي ولا أقاربي، بعدها أدركت الذنب العظيم وفعلاً خرجت من السجن نادماً وكان هذا درساً لي حتى يومي هذا.

دخلت السجن عشر مرات

يتدخل شاب ويقول: أنا دخلت السجن أكثر من عشر مرات، ولكن مجرد أن أرى هذه التجمعات أنسى كل شيء وكأنما هناك سحر يلاحقني.

شاب يدعى (السوطاني) يقول: أنا أعرف أبوكاب معرفة سطحية من خلال التجمعات وكنا نعرف عن أخباره عبر مواقع الإنترنت ولم يكن أبوكاب يملك سيارة معينة، بل كل مرة يأتي بسيارة جديدة، وقد سمعنا أن هناك مكاتب للتأجير تتعامل معه وتعطيه سيارات ضخمة وهم يدركون أنه يريد السيارة للتفحيط وهذا كلام نسمعه كثيراً.

عبدالوهاب يقول: إن العقوبة مناسبة لو كانت رادعة للجميع وبدون تفرقة في المجتمع لأنه معلوم بالضرورة والواقع أن أغلب ممارسي التفحيط هم من الشباب من أبناء الأسر الغنية والكبيرة وصاحبة الوجاهة والنفوذ وأن أغلبهم يخرج بالوساطة وبرفع سماعة تليفون، لنكن واقعيين، الحكم قاسٍ جداً.. وسابقة في القضاء السعودي، ولكن نرجو من القضاة ووزارة العدل وضع دستور وتشريع واضح للعقوبات التعزيرية بدلاً من التقدير والاجتهاد الذي يقوم به القضاة والخروج بأحكام غريبة.. أبوكاب يستحق التعزير ولكن القتل له سيجر القضاء إلى تطبيق عقوبة القتل على كل مفحط يموت معه غيره، ولكن كيف سيكون أثر هذا الحكم على قضايا مشابهة وعلى أبناء الأسر أو من كان أباؤهم في مراكز عليا أو تنفيذية أو فوق المحاسبة القانونية.. بصراحة الحكم قاسٍ جداً وسيجر إلى تبعات كبيرة جداً وفي نظري الشخصي لن يتم تنفيذه.

أبوكاب الثاني

مروان الطيب أوقف سيارته الكامري السوداء يريد الإدلاء بصوته، كان غريب المشي ويرتدي (قبوع) أسود يسمونه (العص)؛ لأنه قصير وشقي وعنيد، فسألنا من أنتم؟.. فقلنا: جريدة (الجزيرة)، فقال: أرجو ألا تصورونا فنحن مطلوبون لدى رجال المرور؛ لأن هناك تحدياً بيننا وبينهم، فأخذت أداعبه: لا يكون أنت أبوكاب رقم (2)، أخذ يضحك ويحرك قبوعه يميناً ويساراً، ثم قال: أنا أفضل من أبوكاب في الاستعراض ومعروف عني ولكن بتقنية فنية ليس كما أبوكاب قتل (كم شاب) وآخرتها رمي في السجن وسوف يقتلونه بعد كم شهر، ثم سألني: هل قد حضرت عرضاً للتفحيط، قلت له: لا، فقال: لذلك أنت لا تعرف (العص)، فطلب مني أن أحضر يوم الخميس القادم لكي أشاهده، ابتسمت وقلت له: يا أخي أنت تسمع الدنيا مقلوبة على قضية أبوكاب والحكم بالقتل ألا تتعظ؟.. رد وقال: يا حبيبي الواحد ما يموت إلا في يومه, استأذننا العص وذهب إلى سيارته وهو يقول: صحيح ما عرفتنا على اسمك، فقلت له اسمي، فقال: خلاص يوم الخميس نتقابل، قلت له: خير إن شاء الله، وفي ضغطة واحدة يتبعها صفير الكفرات المزعج إلى أن وصل إلى دورية كانت واقفة بقرب الإشارة فأخذ يفحط أمامهم وهرب والدورية تلاحقه فصاحوا الشباب (والله ما تجيبه الدورية هذا العص يا هوة).

مصير مجهول

أخذت أتمعن في وجوه الحاضرين فوجدتها تحمل صوراً غريبة موضات ورقصات واستعراضات بالسيارات وأصوات المسجلات المرتفعة، وكنت أقول في نفسي: كيف يكون مستقبل هذا الجيل عندما يكبرون؟!

باسم الذي اختتمنا جولتنا عنده قال: نحن نترقب أماكن الاستعراض إما عن طريق حديث الشباب أو عن طريق مواقع الإنترنت ولكن ما أن نصل إلى موقع الاستعراض إلا وسيارات المرور أمامنا وكأنها معنا في موقع الإنترنت! فكنت مدمناً في مشاهدة الاستعراض ولكن بعد حادثة أبوكاب وما حدث فيها من حكم بالقتل جعلني آخذ القرار وأبتعد عن هذا السلوك، بعدها استيقظ ضميري فكم من إنسان تضجر وتأذى بسبب إزعاج التفحيط، وكم من مسلم رفع يده ودعا الله بأن ينتقم من هؤلاء المفحطين، وقد تصيب دعوة مسلم فيحل بنا سخط الله وعذابه، وقد يكون سبب أبوكاب في مصيبته دعوة من إنسان مسلم دعا عليه فاستجيبت الدعوة، وهذه النهاية، ثم ذكر لنا باسم قصة الحادثة التي راح ضحيتها طفل في العاشرة من عمره عندما دُهس على يدي مفحط وهو راكب دراجته، فتوفى في حينه، وبعد فترة رأيت ذلك المتهور وكأن الأمر عادي لم يغير فيه ساكناً، فالناظر إلى هؤلاء المفحطين بتمعن يجدهم في سمات غاضبة؛ أشكالهم غضب وخوف وأرق وهيجان متقلب وكأنهم داخلون في معركة حتى إذا جاءت الدوريات اختفوا وكأن شيئاً لم يكن، فأكيد هناك شبكة اتصالات بين معشر المفحطين، كل يبلغ الآخر وقت الخطر.

شاهد عيان

كشف أحد الناجين من حادث التفحيط الشهير للمفحط أبو كاب الذي ذهب ضحيته ثلاثة شبان بأن أبو كاب كان معتاداً على الخروج للتفحيط كل يوم أربعاء وكان يخرج معه مجموعة من الأصدقاء من هواة التفحيط وبالفعل خرج أبو كاب من منزله ثم التقى بي أنا والناجي الآخر في أحد المخططات القريبة من حينا ثم انطلقنا بعد ذلك متجهين إلى مخطط الفلاح وفي الطريق تلقى أبو كاب اتصالات من مجموعة من الأصدقاء للخروج معه للتفحيط وبالفعل واعدهم ابو كاب عند إحدى محطات الوقود على الطريق وانتقلنا الى مخطط الفلاح.

وقال (ف.م) إنه كان يركب في المقعد الخلفي مع ثلاثة آخرين غيره بالإضافة إلى شخصين في المقعد الأمامي للسائق أبو كاب في سيارته وعندها كنا متجهين إلى مخطط الفلاح وعند دخول أبو كاب المخطط بسرعة عالية متوقعاً أن الطريق سيكون سهلاً كالعادة وكان كله ثقة في تمكنه من قيادة السيارة إلا أننا تفاجأنا بإحدى السيارات من نوع اللومينا والتي كانت في المخطط من قبل وكان سائقها يقوم بالتفحيط قبل أبو كاب ليرتبك أبو كاب ويحاول تفاديها إلا أنه فقد السيطرة على السيارة وارتطم بقوة عنيفة في نفس السيارة ودارت حول نفسها وكان الارتطام مدوياً حتى أننا ظننا أنه لن ينج أحد منا على الإطلاق.

ونتج عن الارتطام وفاة ثلاثة شبان الأخوان في الحال فيما توفي الثالث صبيحة اليوم الثاني فيما نجا السائق أبو كاب والراكب الأمامي وأنا والحمد لله على ذلك.

وأضاف: (إننا لم نعرف ما حدث إلا بعد يومين من الحادث حيث كنا في حالة إغماء كامل من قوة الحادث).


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة