Al Jazirah NewsPaper Wednesday17/01/2007 G Issue 7
أقلام
الاربعاء 28 ,ذو الحجة 1427 العدد7
إلى متى هذا النزف البشري؟
د. زيد بن محمد الرماني
بهاء بكر

لو كانت حوادث السيارات وما تسبّبه من وفيات وإصابات مرضاً لاستنفرت له جميع الإمكانيات لوقف هذا النزف من الضحايا.

إلا أنه وللأسف لا نجد حراكاً لما يحدث على طرقاتنا، فأخبار الوفيات أصبحت خبراً يومياً على صفحات الجرائد السعودية، وحسب بعض الإحصائيات فإن الوفيات السنوية نتيجة حوادث الطرق تفوق 5000 شخص سنوياً أي ما يعني 13 شخصاً (يقتلون) يومياً، إضافة إلى الإصابات الجسدية والعاهات المستديمة.

الوضع مأسوي؛ فالمخالفات والتجاوزات ترتكب أمام أعين رجال المرور وهم لا يحركون ساكناً وكأن الأمر لا يعنيهم وأنهم ليسوا مكلفين بتطبيق النظام وحماية السائقين والركاب، والأدهى من هذا وذاك هو عندما ترى رجال المرور أنفسهم يرتكبون المخالفات وربما دون إدراك منهم أن ما يقومون به هو مخالفة.

لقد أصبحت القيادة العشوائية المستهترة هي السائدة، ومتبع الأنظمة المرورية هو الشاذ، وقد يتعرض لاستفزازات وإهانات من قِبل السائقين الآخرين. والمراقب لأسلوب القيادة على شوارعنا يدرك أن مقولة (القيادة فن وذوق وأخلاق) لا مكان لها في مصطلح السائقين، فقد استبدلت ب(القيادة عنف وقلة ذوق وقلة أخلاق). وللأسف نجد أن السائق المواطن قد أضاف لهذه الخصال الأنانية والغرور، لذا يجب علينا تنمية روح المسؤولية واحترام الغير لدى السائقين.

إن حملات التوعية الحالية (مثل أسبوع المرور) غير مجدية، فهي تركّز على تطبيق بندين من أنظمة المرور هما ربط حزام الأمان والتقيّد بالسرعة مع إغفال تطبيق الأنظمة الأخرى مع العلم أن مسببات الحوادث والإصابات ليست محصورة في هذين الأمرين وإنما تتعدى إلى أمور أخرى، فعدم التقيد بجميع أنظمة المرور (والتي تحتاج إلى مراجعة) هو السبب وراء هذا الكم الهائل من الحوادث.

ما نحتاجه هو حملة جدية ومخلصة وطويلة الأمد لحل هذه الظاهرة بدءاً بإعادة تأهيل رجال المرور، حيث إنهم يفتقدون إلى الكثير من المقومات المطلوبة لمثل من يكون في هذا الموقع (معرفتهم التامة بقوانين المرور، قدرتهم على التعامل مع المواطن والمقيم بحرفية واحترام، الانضباط والصرامة في تطبيق أنظمة المرور، التزامهم بأنظمة المرور ليكونوا قدوة للسائقين).

ثانياً: علينا العمل على تأهيل السائقين عن طريق إيجاد مدارس تدريب قيادة مؤهلة ذات معايير عالية، إضافة إلى تقوية اختبار الحصول على رخصة القيادة، حيث من الواضح أن الاختبار المعتمد سقيم ولا يهيئ السائق للقيادة وخصوصاً أن لدينا خليطاً من الجنسيات ذوي ثقافات مختلفة وبعض من يأتي إلينا - إن لم تكن الغالبية - لم يسبق له القيادة في بلده، وعلينا أن ننظر إلى الدول الأوربية في هذا المجال لنستفيد من تجاربها، فاختبار القيادة في بريطانيا على سبيل المثال يستغرق قرابة 45 دقيقة من القيادة على الطرقات العامة بأنواعها ليثبت المتقدم قدرته على القيادة ومعرفته بالأنظمة، يليه فحص نظري يتعلّق بأنظمة المرور، ونسبة النجاح هناك هي بحدود 40% علماً بأن أغلب المتقدمين للفحص يكونون قد خضعوا لتدرب من قِبل مدارس متخصصة بمعدل 20 ساعة تدريب، وعليه يتبيّن أن اختبار الحصول على رخصة القيادة في المملكة هو مهزلة بالمقارنة مع الدول الأوروبية.

ثالثا: يتوجب على الجهات المعنية (البلديات، المواصلات، المرور) إعادة النظر في طريقة تخطيط الشوارع والطرقات، فالملاحظ أن كثيراً من الطرق (سواء السريعة أو ما بداخل المدن) تعاني من سوء في التخطيط ونقص في اللوحات المرورية وإن كان يتم أحياناً تدارك بعض هذا الأخطاء لاحقاً بطرق عشوائية وغير مجدية. فعلى سبيل المثال تقاطع المداخل والمخارج للطرق السريعة (Motorway) هو وصفة لحصول الحوادث، فلم أر مثل هذا النظام إلا في بلدنا الحبيبة، والكل يشتكي ويعاني من هذه المشكلة دون أي تجاوب. كما يتوجب وضع اللوحات المرورية والإرشادية في جميع الشوارع والطرقات لإرشاد السائقين والحد من أحد مسببات الحوادث، ولمنع أي لبس بشأن مسؤولية المخطئ في حال وقوع حادث. إن أي جولة داخل الأحياء تظهر مدى نقص مثل هذه اللوحات ومدى الحاجة إليها.

ويطرح سؤال نفسه: أين هم أبناؤنا الذين ابتعثوا للخارج لدراسة تخطيط المدن والهندسة؟! وأين هم المستشارون الذين نتعاقد معهم لتقديم النصح والإشراف على مثل هذه المشاريع من هذه الأخطاء؟ قد يخرج علينا صوت أو أصوات بأن هذه العملية مكلّفة وتتطلب وقتاً. وسؤالي: أيهم أهم أرواح المواطنين والمقيمين والخسائر التي تلحق بهم أم حفنة من الريالات وبعض من المجهود والإحساس بالمسؤولية؟

لقد أكَّد خادم الحرمين الشريفين أن المال متوفر ولم يعد هناك عذر للتقاعس والإهمال، فهل نجد تجاوباً من المسؤولين لوقف هذا النزف البشري؟


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسة

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة