يلفت الأنظار بين الفينة والأخرى في مقالات صحفية أو لقاءات تلفزيونية مطالبات ملحة بافتتاح أندية لممارسة التفحيط والتطعيس والاستعراض بالسيارات والدراجات وكان آخرها ما ذكر في مجلة نادي السيارات عدد 40 في 23-8-1428هـ.. أحببت أن أعرض وجهة نظري حيال هذا الأمر وما يشابهه. فأقول: إن عقلاء المجتمع يدركون أن مرحلة الشباب مرحلة طاقة وحيوية تحتاج لرعاية وتوجيه يجمع بين معرفة خصائص المرحلة والتعامل الأمثل معها لكيلا تفقد الأمة أغلى ثرواتها تحت وطأة الجهل التربوي من جهة أو تحت ضغط رغبات هؤلاء الشباب من جهة أخرى. وأنا أكتب هذا أرجع لصفحات المآسي فأشاهد نزيف أرواح شبابنا من خلال حوادث السيارات ما يندى له الجبين وتشهد لهذا الإحصاءات المرورية المتكررة ويخطئ بعض النقاد حين يطالبون بتقنين التفحيط والتطعيس والاستعراضات التبذيرية وتطبيعه تحت مظلة تنمية مهارة الأبناء وإيجاد البديل لهم. فأي مسوغ شرعي وعقلي يبرر إيجاد مثل هذه النوادي.
فمن حيث الشرع جاء النهي صريحاً عن تبذير المال والوقت والجهد في كثير من الأدلة في القرآن الكريم والسنّة النبوية حيث يعرفها الكثير وإن كانت تغيب عن الأذهان أحياناً، وفي تطبيع هذه الممارسات إتلافاً للمال والوقت والجهد لا ينكره أحد. ومن حيث العقل فإن العقلاء يرون أن ما يعانيه المجتمع الشبابي من غلو أو تفريط لا يعالج من خلال فتح المجال لمثل هذا العبث. كما أنهم يدركون أن تشريع مثل هذه الممارسات يربي الشباب على الهزل الذي أشرنا قبل قليل بأنه يسري في أعماق بعض أبنائنا في كل أحيائهم وقضى على زهرة أعمارهم بلا رصيد.
وحين يدعي البعض أن هذه الأندية ستمنع الشباب عن ممارسة هذه الأفعال في الأسواق وأمام الناس. فأقول من الواقع والمشاهد أن تطبيع هذه الممارسات لن يكفي الشباب، ولن تلبي الأندية طلب كل الشباب ولن تتسع لهم بل سيجعل الذي لم يستطع أن يجد فرصة في هذه الأندية وهم الأكثر يمارسونها في كل وقت وفي كل مكان، ونحن نذوق مرارة هذه المشاهد كل يوم وفي كل حي وللأسف. بل إن من أسباب كثرتهما أعني التفحيط والتطعيس وما شابههما تقنينهما في الاحتفالات وافتتاح المهرجانات مما صبغ أذهان الجيل بأن هذا الأمر من الممارسات العادية بل هي من مطالب الحياة التي لا غنى عنها.
ويبرر آخرون بما يسمى إيجاد البديل فأقول نعم البديل مهم لكن لا بد أن ندرك بأنه ليس كل ممارسة في المجتمع نحن ملزمون بإيجاد بديل لها، فهناك أشياء كثيرة محرمة شرعاً وقانوناً ولم يبحث لها عن بديل واقتنع الناس بذلك من خلال الوقت وعادات المجتمع والأمثلة في هذا كثيرة ولا يتسع المجال لها.
إن العلاج المقترح لمواجهة ما يحصل من الشباب يتمثل في ما يلي:
أولاً: التوعية المستمرة من خلال البيوت والإعلام والتعليم والمساجد بأهمية رفع الهمم بين الشباب.
ثانياً: إيجاد الفرص النافعة للشباب لممارسة هواياتهم ذات المردود المثمر على ذواتهم أو مجتمعهم وهذا يحتاج لجهد مادي ومعنوي وصبر ومصابرة ومتابعة.
ثالثاً: الحرص على الإقلال من التناقض بين وسائل تغذية المجتمع بالقيم. فالشباب في حيرة من التناقض الواضح في طرح آبائهم وطرح وسائل الإعلام وطرح خطيب الجمعة وطرح المدرسة بأيها يأخذون ومع من يكونون. مما يجعل الصراع الداخلي على أشده في قلوب الشباب.
رابعاً: ردع المتجاوزين أياً كانت تجاوزاتهم فهو من أكبر وسائل أمن المجتمعات.
خامساً: دعم المحاضن التربوية النظامية النافعة التي تحتوي الشباب بالكوادر والطاقات وتذليل الصعوبات أمامها.
سادساً: وقوف القطاع الخاص مع الدولة في احتواء الشباب وإيجاد فرص العمل والصبر عليهم وتطويرهم. مع دعائي لأبناء وطني بالهداية وتمنياتي لهم بالتوفيق.