Car Magazine Wednesday25/04/2007 G Issue 21
أقلام
الاربعاء 8 ,ربيع الثاني 1428 العدد21

التسول... من السيارة إلى الطائرة

التطور مطلب من متطلبات الارتقاء فإن كان تطوراً مصنعياً سوف يزيد الإنتاج تطوراً تسويقياً وسوف تزيد المبيعات إلا أننا اليوم بصدد تطور التسول, نعم تطور التسول من السير على الأقدام وهي طريقة قديمة إلى السيارات ومن ثم الطائرات، فقد كنت أسير مرتجلاً وإذ بسيارة جميلة وجديدة ونظيفة تقف أمامي وإذ بشاب يقودها قام بتنبيهي لوجوده بزمور (بوري) سيارته وفتح الشباك ودعاني إليه، فقلت في نفسي علّه من التائهين أو يريد أن يسأل على مكان لأساعده فتقدمت إليه وقال لي: إنه قادم من مدينة بعيدة وقد انقطع من البنزين ولم يتعش ومعه أولاده وأن محفظته فقدت، فبعد هذه الإطالة التسولية والنظرات الحزينة قمت بإعطائه عشرة ريالات، فنظر إلي وقال: (ماشي حاقبلها منك) ومن ثم أغلق النافذة دون حتى كلمة (جزاك الله خيراً)، فبقيت في الشارع أضحك وتذكرت المثل القائل (شحاذ ومشارط)، وصار لدي خبرة بهم فمنهم من يشحذ بملابس الإحرام ومنهم من يشحذ والجوع يعصر دمعه، فعلا لقد تفننوا في أسلوب الاستجداء والعطف والتوسل بسياراتهم الجميلة ودموع التماسيح، أعرف متسولة لها أربع سنوات عند إشارة مرور وبالصدفة ذات مرة وجدتها عند محل أشرطة منوعات تشتري مسجلاً دي في دي غالي الثمن وترمي النقود حتى بدون أن تسأل عن أي تخفيض، أعتقد أن مثل هؤلاء اعتادوا على النقود أن تأتي إليهم (ببلاش) ومن السهل صرفها, والراغبون في المثوبة يتبرعون لهم باعتقادهم أنهم فعلا بحاجة بل على العكس من ذلك عندما نعطي أحدهم نشجعهم على الكسل والسرقة والتسول بل ونساعد المتخلفين على البقاء والازدياد.

موقف آخر حصل معي وقف أحدهم أمامي بالسيارة وفتح نافذة سيارته وقال لي: السلام عليكم فقلت له: وعليكم السلام... نعم ... أي خدمة؟ فقال لي: ما بالك يا أخي تجاوبني بهذا الأسلوب! فقلت له: أكيد مقطوع من الطريق وتريد مساعدة مالية، فتعجب الرجل وضحك بشدة وقال لي: معذور يا أخي لقد كثر التسول من أصحاب السيارات لكنني يا عزيزي أنا الدكتور (فلان الفلاني) وأعطاني كرته وقال: فعلاً أنا أسال عن محل بنشر قريب لتغيير إطار سيارتي، في الحقيقة شعرت بخجل شديد وما كان مني إلا أن أخذته بسيارتي (بعد إصرار مني) وأحضرت رجلاً يصلح إطار سيارته، وطول الطريق أنا اعتذر وهو يضحك... موقف وضعني به متسولو السيارات.

أما تسول الطائرات فغريب أمره فقد جلس بجانبي شخص وبدأ حديثه كيف أنه كان من كبار رجال الأعمال وأنه كان يملك طائرة ويختاً وقمراً صناعياً يمكن قليلاً وأصدقه بأنه يملك النصيب الأكبر من مايكروسوفت أو ناسا ومن ثم بدأ قصة فيلم هندي طويل وبدأت التسول ونحن على ارتفاع 38 ألف قدم وبدأ يتباكى عن وضعه المالي وأنه كان من كبار رجال الأعمال وكيف أكلوا عليه ماله ومن ثم أصبح به هذا الحال من منطلق (ارحموا عزيز قوم ذل) وأنه قيد عمل مشروع كبير ولن ينسى وقفتي معه وسيدعمني فور نجاح المشروع فعلا هذا ما حدث معي بينما كنت في رحلة 4 ساعات تقريبا، فأنصح أول ما تركب طائرة أن تنام وتضع غطاء على عينيك وتسد أذنيك بالقطن تجنبا لمتسولي الطائرات وخصوصا إذا كنت بالدرجة الأولى، باعتقاد متسولي الطائرات أن ركاب الدرجة الأولى وجبة دسمة، لا يعلم أنني لم أركب الدرجة الأولى حبا (بالكشخة) لكن لأنني لم أجد مقعدا في السياحي وشركتي هي من دفعت لي ولا توجد باصات من جدة إلى لندن.

فادي بن إبراهيم الذهبي - مدير مجلة العلاقات العامة والإعلام- جدة fthahabi@hotmail.com


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة