Culture Magazine Monday  02/04/2007 G Issue 193
فضاءات
الأثنين 14 ,ربيع الاول 1428   العدد  193
 

وجهه صوب اليمامة!!
محمد بن أحمد الشدي

 

 

فجأة رفعت صوتي:

فيما يشبه الخطابة.. أو الترافع بالقول: الملزم لمن حولي لقد اقتربت الساعة التي تعود فيها الأشياء إلى طبائعها الأولى. تعود النجوم إلى مواقعها، الفصول إلى ألوانها القبائل إلى مضاربها، والطيور إلى أوطانها الأنهار إلى منابعها، الأشجار إلى قاماتها، الأسماء إلى مسمياتها الخيول إلى أنسابها، والحياة إلى عذوبتها - لقد اقتربت الساعة منا كثيراً، أو نحن الذين ذهبنا إليها، هكذا مر بي ليلة البارحة.

- قلت هذا لجدتي - رحمها الله - في ضحى أحد الأيام وهي كومة من الجلد والعظم - على سجادة صلاتها، فالتفت إلي مرعوبة مما سمعت، ووضعت راحة يدها الجافة على رأسي، ويدها الأخرى تضرب بها على رأسها المتعبة وصوت حليها النحاسية تهسهس! فوق هامتي. (قل أعوذ برب الفلق).. حتى انتهت (قلت أعوذ برب الناس) حتى انتهت ثم قالت بصوت واهن: اسم الله عليك..! أنت يا وليدي وش قلت؟!

- نظرت إليها برضا وإشفاق مقدراً لها خوفها علي من أن يكون قد مسني الجن أو لبستني القرينة، وقبل أن أجد الكلمة الطيبة التي تهدئ من ذعرها دخل جدي فجأة إلى وسط بيته في مزرعة آل حسن - وعلى وجهه ما يوحي بالضيق والارتباك وقال هامساً:

- (ما هذا الكلام) الفارغ يا الحميدي اللي سمعته من قبل قليل أنا والشيبان في المشراق؟! لا تكون نسيت أن الطاقة المفتوحة في الجدار تصب كلامك في الشارع وفي آذانهم!

الله يهديك يا جدي.. أولا هذا الذي أقوله ليس بكلام فارغ ولا خرابيط! ثانياً ما عليك منهم الجيران ما عندك أحد!. ولا يعرفون مثل هذه الافكار اتركهم عنك!

قال جدي بحدة. وقد تحول لون وجهه من الصفرة إلى الحمرة:

- إلا خرابيط وألف خرابيط، ثم أولئك ياوليدي مثل ما أنت تعرفهم آذان وعيون لصاحب المزرعة التي أنت تأكل من خيراتها ولو سمعوا وعقلوا ما تقول عنهم. فقل على سمعتك ورزقك السلام.

يا جدي. المسألة وما فيها.. قاطعني جدي وهو يتقدم نحوي ويهز أصبعه السبابة في وجهي قائلا:

بلا مسألة بلا مسفلة.. اسمع يا سعد. يا ولد الدائم طولتها عاد اسكت ولاتجادلني! أنا أقول كف عن ها السوالف اللي ترميها هنا وهناك، أما يكفي أنك بلاشغل ولا مشغلة عاطل. ترى حذرتك من أول، وأحذرك الآن من أي كلام يجيب لك، ولنا مشاكل مع هالرجال الطيب. خلك في عشك لأحد ينشك ولا تلعب مع (الذيب) ولا يلاعبك!

- لم أجد أمامي سوى المسارعة لإطفاء غضب جدي الكبير فقلت بصوت خفيض:

سم يا بوي. أمرك سمح، وما يصير غلا اللي تبيه. بس كم الساعة يابوي؟!

- استدار جدي وخرج من المجلس دون أن أعرف إن كان هدأ غضبه أم لا. مع أنني كنت واثقاً من أنه يؤمن بكل كلمة قلتها: ولكنه لا يريد أبداً أن يفقدني، كما فقد أبي في معركة تأريخية قديمة هي معركة - كنزان!!.

- أو أن يفقدني كما فقد جده سليمان، عندما تاه في صحراء الربيع الخالي، وهو يبحث في مفاوزها عن طريق يوصله صوب اليمامة!!.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5064» ثم أرسلها إلى الكود 82244


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة