Culture Magazine Monday  02/04/2007 G Issue 193
نصوص
الأثنين 14 ,ربيع الاول 1428   العدد  193
 
مطالعات
الشاعر الزهراني في ديوانه (قطاف الشغاف):
وعي حاد وشعرية دامعة على مآل الأمة

 

 

عبدالحفيظ الشمري

في بوح شعري شفيف يستهل الشاعر حسن محمد الزهراني ديوانه الشعري الأخير (قطاف الشغاف) بإهداء وجداني يجعله المصافحة الأولى للقارئ الذي عرف الشاعر في قصائد سبقت هذا الديوان، فها هو الآن يجدد اللقاء ببوح شعري يؤكد قدرته على اقتفاء أثر كل جميل من المقولات، بل نراه قد أوجز العديد من القضايا الإنسانية بمقاطع وجدانية تعد رسائل مقتضبة تصف الواقع، وتكاشف الأشياء، وتناجز الهمّ رغبة في الخلاص منه، مع تشبث الشاعر الزهراني في كل منعطف الديوان بالشعر والقصيدة التي يرى أنه جزء منها، وهي جزء منه لا ينفصل واحد عن الآخر أبداً.. فها هو في القصيدة الأولى من الديوان يشير إلى شيء من ذلك:

(الشعر مصباحي

وروحي

قُبلة تشفي جراحي

إنه الشمس

التي تحيي صباحي)

كما أنه يشكو ألمه، وحرقة سعائره، حيث لا يبقى من القصيدة إلا جمرها:

(الشعر

يذهلني.. يزلزلني

ويوقد في دمي

جمرا)

وبين هذا الأمل وذاك الألم يقف الشاعر محاولاً إبانة حقيقة المشاعر؛ فهو يعنون القصيدة الأولى بثنائية (سم وبلسم)، حيث يقدم لنا وجهين للشعر عُرفا منذ أزمان وحقب إلا أن (الزهراني) يبرع في رسم هذا التناغم الوجداني في الذات الإنسانية، حيث يقبل الشاعر هذه المعاناة المتناقضة، فلو لم يكن الشعر على هذه الشاكلة لما جاء بهذا الجنون

اللذيذ.. ذلك الذي يمتاح منه الشاعر ليقطف لنا من شغاف أعماقه هذه القصائد الراعفة، فلا أقسى وأحرّ من جمرة الشعر إلا صرخته الثانية: (واعِراقاه)؛ حيث بث الشاعر حيرته، وشقاء عمره على هيئة سؤال أليم:

(من نحارب يا أمتي من نحارب

والأعادي أجانب.. وأقارب؟)

فهو سؤال عميق، يبث الحيرة، والشجن على مآل واقعنا نحن العرب؛ حيث لم يعد لنا حول ولا طول تحت سياط الجلاد المدعي دائماً (المجتمع المتحضر).. فها هو الشاعر الزهراني يبرع في إيصال صوت الشعر الذي لم يعد قادراً - كحالنا - في رفع الظلم عن عاصمة الرشيد.

في ديوان (قطاف الشغاف) تنويعات من شجن عصيّ، وانثيالات من بوح شجي.. إذ يذهب الشاعر

في الديوان نحو التأمل العميق لمآل حزننا، وغياب رشدنا.. حتى أصبحنا طعاماً سائغاً لجياع العصر التكنولوجي، لنراه وقد برع في إيصال رسالته المعبرة في قصيدة (هزم الهلال)؛ إذ هي القصيدة التي تصفع واقعنا الأبله.. هذا الذي يتباكى على هزيمة فريق كرة القدم ولا تطرف عينه لمرأى نتائج جرائم الأعداء في العراق وفلسطين؛ فالشاعر (الزهراني) وُفق كثيراً في نقد الواقع الأليم، حيث لم يعد لدينا مجال لنحزن؛ لأن الأحزان باتت مؤجلة إلا فيما يتعلق بحزننا على نتائج فرقنا الكروية.

قصائد الديوان خارجة بالفعل من شغاف قلب إنسان يدميه الألم، بل هي أفكار من عقل إنسان يرى الحقيقة كما هي؛ فالوعي حاد في القصائد، والحزن عطر الرجال، وإلا ما آلت قصيدة (أشلاء الضياء) إلا هذا النثار الوجداني الذي يكشف مزيداً من سوآت تاريخنا حينما حبنا منذ زمن عن قول الحقيقة، أو فعل ما قد يرد الاعتبار لكرامتنا:

(يشرب الذل

من عزنا..

يسخر الليل

من فجرنا

يصرخ الصمت

من صمتنا)

إذن هي المفازة التي تشقينا وتصنع منا أشباه أمة، وأنصاف مجد، لتصبح الحلول لقضايانا بيد من لا يريد بنا خيراً؛ فالشاعر حسن الزهراني يوقظ هواجس الخيبة في الضمير الذي لم يعد قادراً على قلب الموازين إلا أنه يجدّ في المحاولة تلو الأخرى لعله يجد من بين أنقاض أرواحنا من هو حيّ يعيد للأمل وجهه المشرق؛ فعسى ديوان (قطاف الشغاف) وصاحبه يوقظان فينا هذا الفأل!

إشارة:

* قطاف الشغاف: شعر.

* حسن محمد حسن الزهراني.

* الباحة - 1427هـ.

***

لإبداء الرأي حول هذه المطالعة، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5217» ثم أرسلها إلى الكود 82244

hrbda2000@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة