Culture Magazine Monday  02/04/2007 G Issue 193
تشكيل
الأثنين 14 ,ربيع الاول 1428   العدد  193
 

تعيش عصرها الذهبي
الساحة التشكيلية النسائية المحلية تحتاج إلى الفصل بين المبدعات والهواة

 

 

نعود لنكمل ما استعرضناه حول الفن التشكيلي النسائي مع احتفاظنا بأن الإبداع لا جنس أو تفرقة فيه بين رجل وامرأة، ولكن الأمر يحتم التمييز بالاسم أو صفة المؤدي، ففي الأسبوع الماضي بدأنا الموضوع بالإشارة إلى ما يتمتع به التشكيليات من دعم رسمي على المستوى العربي عامة بما فيها التشكيل السعودي الذي أصبحت فيه إعداد التشكيليات أكثر من التشكيليين، وذكرنا بعض الأسماء العربية التي أسهمت في تأسيس أو وجدت مبكرا في مسيرة الفن التشكيلي العربي ونحن هنا نشير إلى اننا لا نؤرخ أو نوثق وإنما يأتي طرح هذه الأسماء كنماذج مع تقدير من لم نستعرض اسماءهن وهن كثيرات ومتميزات وصل إبداعهن إلى العالم.

إذا نعود اليوم لنستعرض الحلقة الثانية والأخيرة من طرحنا الموجز مع الفن التشكيلي النسائي في أوروبا.

لمحة على البدايات

يرى بعض الباحثين والمؤرخين للفن التشكيلي النسائي في أوربا التي تسيدت وقادت الفنون في العالم وأصبحت متاحفها وقاعات العرض فيه وما بقي من مظاهر إسهام الفن في تجميل العمارة وما يشاهد من تماثيل شاهدا حقيقيا على تلك القيادة والريادة ومع ذلك لم يكن للمرأة وجود في تلك الفترات بل جاء وجودها متأخرا كما جاء في بعض المقالات أو التحليلات ومنها مقال للكاتبة ليلى مريود في أحد أعداد الحياة التشكيلية صدر قبل ستة عشر عاما نستشهد منه بإشارة موجزة حول تأخر وجود المرأة في الفن الأوربي إلى انشغالها بأمور المنزل وتربية الأطفال أو في الإنتاج المهني كالنسيج الذي يجد اهتماما كبيرا من الطبقة الأرستقراطية التي كانت تهتم بالفنون الحرفية كالحياكة والتطريز، فقد أعطى الملك غودريك عام 1066م محترفا في باكينغهام من لتعليم ابنته الحياكة إضافة إلى ما توليه الملكة مارغريت زوجة (مالولم الثالث) بالحياكة، أما ما يتعلق بالتصوير ونعني به الرسم الزيتي أو المائي فقد ظهر ما بين القرن السابع إلى السادس عشر عدد من ممتهنات هذا المجال تلقين تدريبهن في مراسم الفنانين ثم بدأت الأكاديميات تأخذ دورها حتى نهاية القرن السابع عشر ومنها أكاديمية (دي سان لوكان) في روما، و(دل دي زينغو) في فلورانسا ويقال ان الفنانة (غويليا لاما) في القرن الثامن عشر هي أول امرأة تجاوزت الضغوط والتقاليد التي كانت تنتقد تلقي المرأة تعلم الرسم من قبل الرجال، تبعها الشقيقتين سوفو نيسا، وانغيزولا، إضافة إلى (جيوفانا كاروزي)التي اشتهرت برسومها المائية. ويذكر ان غالبية الموضوعات التي يتطرقن لها الفنانات التشكيليات في ذلك العصر يتحدد في اللوحات الذاتية والوجوه والطبيعة الصامتة والمناظر الطبيعية ما عدا الفنانة (اونوراتا رودياني)، وكان الزواج من أهم أسباب توقف كثير منهن عن الاستمرار ويعتبر القرن الثامن عشر أكثر العصور انتشارا للتشكيليات مع أن التشكيليين لم يرحبوا بهذا الوجود. أما في القرن العشرين فقد أثبتت المرأة دورها المباشر في تاريخ الفن من خلال الانتساب إلى الأكاديمية الملكية البريطانية حيث قبل فيها عام 1863م خمس مصورات وفي عام 1876م بلغ عدد الدارسات اثنتين وتسعين مصورة تشكيلية وقد يكون القرن التاسع عشر فرصة كبيرة للتشكيليات لتلقي الخبرات والتجارب من قبل فناني عصرهم من مشاهير تاريخ الفن ومنهم اودارد مونبه وغويا، كما كان للمعرض الأول للانطباعيين دعم كبير لبعضهن مثال المصورة برت موريس.

الساحة المحلية

بعد أن ألمحنا وأشرنا واستشهدنا بأسماء مهمة في الساحة العربية والأوروبية علينا أن نعود لساحتنا المحلية التي لا تقل عن سابقاتها بأي شكل مع أنها أتت متأخرة قليلا، ففيها من أسماء التشكيليات ما يجعلنا نفخر ونعتز بهن أسهم وجودهن على مدى سنوات في نشأة الفن المحلي عبر خط متواز مع التشكيليين مع الفارق في كثافة أعداد التشكيليات مقارنة بالتشكيليين إذا استثنينا أصحاب التميز والتجارب التي حقق فيها بعض التشكيليين والتشكيليات خصوصية تضمن لهم الاستمرار والعطاء بمعالم واضحة استطاعوا بها وبإيمانهم بإبداعهم وسعيهم للوصول به إلى مراحل متقدمة تتجدد وتتطور وتساير كل ما يطرأ على الساحة إلى إثبات قدراتهم المنافسة لإبداع الرجل.

وحينما نؤكد أهمية العمل المتميز في هذا الوقت الذي غلب فيه الكم على الكيف عند الفنانات ونقف عند من يمتلكن الأسلوب أو النهج أو البصمة مع ندرته فذلك عائد لوجود أعمال وأسماء لا تستحق ان يوصف من نفذها بالفنانات وإنما بالهواة أو المبتدئات أو الواعدات كما أطلقت التسمية على كثير من المعارض، فالعمل الفني الذي يستحق من أداه من الجنسين صفة الفنان له معايير واضحة وثابتة لا يمكن تجاهلها إلا ممن يجهلها ويفتقد الوعي بها فالعمل الجيد يكشف ما يمتلكه مؤديه من خبرات وتجارب وثقافة بكل ما يحيط به لا ان يأتي صدفة أو ضربة حظ أو تقليد لأعمال الآخرين، كما نشاهد في كثير من المعارض التي يفتقر معديها إلى الجرأة في اتخاذ القرار ورفض العمل الرديء فنيا وتقنيا وقبوله لمجرد إكمال العدد ومليء المعرض.

أعمال مدرسية

ومن المؤسف أن نجد غالبية الأعمال التشكيلية النسائية ذات مستوى مدرسي لا يتعدى حدود الفكرة المطلوب تنفيذها كمشروع تخرج أو نتيجة ما تتلقاه الطالبة من توجيه لا يأتي في غالب الأحيان من فنانة لها اسمها وتجاربها عودا إلى أن مهمة الكلية أو قسم التربية الفنية لا يتعدى تخريج معلمة تربية فنية يعتمد تدريسها للمادة على ما يتم ابتكاره من الأعمال التزيينية، ولهذا نجد هذا التوجه في كثير من أعمال التشكيليات اللائي يشاركن في المعارض الجماعية للتشكيليات أو ما يشاركن به مع التشكيليين.

أعمال تجاوزت البدايات

هذا الواقع لا يمكن تعميمه فلدينا من الفنانات من تجاوزن هذا المستوى وقدمن أعمالا رائعة مكتملة البناء طبقا لمعايير العمل الفني التشكيلي الحقيقي فكان لهن التواصل وتطوير الذات عبر مراحل إبداعهن وأصبحن مثار إعجاب النقاد ومصدر تأثر للأجيال الجديدة نذكر منهن على سبيل المثال لا التعميم مع اعتذارنا عن ذكر البقية التي لا تسمح المساحة باستعراضهن، فهناك الفنانات منيرة الموصلي ونبيلة البسام وصفيه بن زقر ممن يعتبرن رائدات البدايات والسابقات في الوجود مع إمكانية وجود غيرهن في تلك الفترة لم تسلط عليهن الأضواء أو لم يكن لهن حضور مباشر عبر المعارض الشخصية التي أسهمت ببروز الرائدات الثلاث كما حظيت الساحة أيضاً بأجيال جاءت تباعا ظهرت أسماء كثيرة منها الفنانات فوزية عبد اللطيف ونوال مصلي، أضواء بنت يزيد، بدرية الناصر، مها السنان، منى القصبي، شاديه عالم، شريفة السديري، فاطمه عمران، منال الرويشد، ، حميدة السنان، علاء حجازي، هناء الشبلي، مسعودة قربان، وفاء بهاي، زهره بوعلي، سارة كلكتاوي، هدى العمر، سميرة يغمور. إلى آخر المنظومة التي لا تسمح المساحة لاستعراضهن.

دعم محلي متواصل

تجدر الإشارة إلى أن الفن التشكيلي النسائي يحظى بدعم كبير من قبل مختلف الجهات الرسمية والخاصة منها ما يقام من معارض ومسابقات للتشكيليات من قبل وكالة وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية وجمعية الثقافة والفنون أو ما سبق إقامته من قبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب حينما كانت مسؤولة عن الفنون التشكيلية، حيث أقيمت للتشكيليات ثلاثة معارض تضمنت نخبة من الفنانات من مختلف مناطق المملكة إضافة إلى ما يتم دعمه من القطاع الخاص ويعد من قبل مؤسسات خاصة منها قاعات العرض أو الجمعيات الخيرية النسائية، كما حظيت التشكيليات بدورات تدريبية أسهمت بها عدد من المؤسسات الرسمية والخاصة.

تدني الوعي بالمنجز

قبل أن نختم هذه الإطلالة الموجزة عن إبداع المرأة التشكيلية محليا وعربيا وعالميا مع ما تمنينا أن نستعرضه من معلومات وأسماء نعود للقول ان أهم ما ينقص الساحة المحلية يتمثل في وعي التشكيلية بإبداعها مع تقديرنا لمشاغلها لكن الأمر يتعلق بمستوى معرفتها بهذا المنجز فمن المؤسف أن تتوقف تلك المعرفة عند حدود ما تلقته التشكيلية حينما كانت طالبة قسم التربية الفنية أو ما قامت به من مشروع للتخرج قد لا يصل إلى مستوى العمل التشكيلي المتعارف عليه عالميا وبقاء عملها في حيز التزيين والتجميل بتنفيذ اقرب للأعمال الحرفية (المشغولات اليدوية) إضافة إلى أن علاقة الكثير من التشكيليات بأعمالهن لا تتم باستمرار وإنما تأتي بناء على الحاجة لتلبية طلب مشاركة في معرض أو مسابقة وهذا الأمر يجعل أعمال هذه الفئة متدنية وضعيفة حتى عند امتلاكها الموهبة فالعمل المستمر والبحث الجاد المدعم بالموهبة الحقيقية وليس الهواية قصيرة المدى السريعة الذوبان من أهم معالم أو سمات الفنانة الحقيقية وهذا ما نشاهده في كثير من أعمال التشكيليات الحقيقيات على الساحة.

***

لإبداء الرأي حول هذا الموضوع أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«6461» ثم أرسلها إلى الكود 82244

monif@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة