Culture Magazine Monday  06/08/2007 G Issue 210
مداخلات
الأثنين 23 ,رجب 1428   العدد  210
 

علي السلوك والأيتام

 

 

لا اعرف من أين أبدأ لان الحكاية طويلة كثيراً مع أبي زهران (علي بن صالح بن محمد آل عالي الزهراني - السلوك) فمن عام 1380 تقريبا بدأت قصة هذا الرجل الذي أستطيع أن أقول عنه الفذ الذي في ذلك الوقت كان الوضع في الجنوب الثقافي والبعد النظري لا يتعدى أرنبة الإنسان إذ كل شيء كان يدور عليه الإنسان في ذلك لوقت لا يتعدى الثور والمحراث... الأرض والماء.. الشجر والعلف... هكذا كانت الحياة في قريتي القابعة بين تلك الجبال الشاهقة والذي كان شفاه الله وعافاه ما يستشهد بضيق نفس القرويين بقوله إن تفكيرنا محدود بحدود هذه الجبال الشامخة فالنظر يرتد إلى الناظر والصوت يضرب في الجبال الشاهقة ويرتد وهكذا أفكارنا دائما محدودة بحدود هذه الجبال..!

لنرجع مرة ثانية إلى عام 1380 هجرية توفي الوالد رحمه الله رحمة واسعة وبعد بضعة اشهر توفيت الوالدة رحمها الله رحمة واسعة فاهتزت القرية عن بكرة أبيها لهذا الحدث الجلل لان أربعة أولاد أصبحوا أيتاما.. من يأويهم؟... من يعولهم؟... من يتابع أحوالهم؟... من.... من... من؟ الأحوال واحدة الفقر هو سمة الجميع أربعة أبناء إنها كارثة على أهل القرية المسكينة... أصبحوا بين الباكي.. وبين المتحسف... وبين الولهان.. كل لا يرى ابعد من بعد نظره المردود من الجبال الشاهقة.

لم ينتبه القوم إلا والأسد يصرخ ما بكم؟ لماذا هذا التجمع؟ ما هي المصيبة؟ أجلسهم واخذ يفكر ويمعن التفكير حتى صاح أنا لها.... إنا لها بإذن الله وخرج من ذلك المجلس والدهشة تعلو وجوه القوم الذين قالوا الحل هو توزيع هؤلاء الأولاد على أقاربهم وهذا اكبر ما وصلوا إليه لكن علي بن صالح السلوك نظر بعيدا.... بعيدا... بعيد. نظر إلى المستقبل البعيد... نظر إلى السلاح القوي... نظر إلى العطف الواجب أن يعطى هؤلاء الأيتام... انه العلم وليس غيره نعم العلم لأنه جرب جزءا يسير منه وأراد بكرمه أن يذيقه هؤلاء الأيتام.. فخطط لذلك وراسل وعمل ما لم يعمله أحدا لصديق وأخ وحبيب بسرية تامة واخذ عليه جل فكره ووقته حتى جاءت نقطة الصفر......... وهنا أعلن الملأ أن الأيتام سوف يرحلون إلى مكان بعيد عن هذه القرية.. وكانت الصاعقة الكبرى على أهل القرية وخاصة الأقارب وكلهم أقارب... واخذوا يبكون ويصرخون ويولولون.... وكان من ضمن المتأثرين جدا جدا اختنا الحبيبة الوحيدة أم علي السلوك التي لم تكف دموعها ولا صراخها وكانت تقول (لن ترونهم بعد اليوم أخذتهم الحكومة)... واخذ بعض أهل القرية بعتاب الأخ علي السلوك كيف هذا؟ وماذا تعمل؟؟ حتى ان بعضهم من الحب قال (حرام عليك تضيع الأولاد الأيتام) ولكن لم ينظر إلى احد لان الهدف واضح أمامه جزاه الله خيرا.

سار الأولاد خلف قائدهم لا يثنيه الطلبات الصارخة بعودة الأيتام ونزل بهم إلى الباحة وهناك سلم الأيتام إلى خالهم (احمد بن علي (قينان)) الذي رتب معه بسبب مشاغله بان يوصل الأيتام إلى بيشة وفعلا تحقق حلم الأخ علي صالح السلوك بأن الأيتام بيد امينة وسوف تصل إلى مكان العلم.. الاهتمام... التربية... العيش الهني تحت حماية حكومة المملكة العربية السعودية وعاش الأيتام في دار التربية الاجتماعية ببيشة وكان علي السلوك يتابع من بعيد مرة بالرسائل ومرة بالسؤال لان وضعه الوظيفي يساعد على ذلك.

مما سبق يتطح لنا من صفات هذا الرمز الجليل الكثير والكثير منها ذكاؤه في وقت كان الجهل هو السائد في ذلك الوقت والإصرار والعزيمة لدى هذا الرجل والفطنة والذكاء والقرار الحازم والصارم وقت الأزمات والتواضع الجم والاحتساب لدى خالق السماء والأرض..!!

أخي القارئ الكريم هذه نبذة مختصرة عن الأخ علي صالح السلوك نسأل المولى عز وجل أن يجعل كل ما عمل في موازين أعماله وان يكتب له الأجر والمثوبة انه على ذلك قدير وبالإجابة جدير فهو نعم المولى ونعم المجيب.

أحمد سعيد آل علي الزهراني


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة