Culture Magazine Monday  06/08/2007 G Issue 210
نصوص
الأثنين 23 ,رجب 1428   العدد  210
 
ذاكرة أخرى
موسى العزي معافا

 

 

لم تمهلني بواباتُ الريح، لأرتدي معطف الشتاء القارس، وبدوتُ بثوبي كمهرج بليدٍ لا يجيد تسلية جمهوره المتعطش لابتسامة واحدة.

كنتُ أشعلُ الصمت، ميمماً بوحي لقيثارة قديمة، تتكئ على الجدار. ويخذلني صوتي، وهو يهرب أمامي وخلفي كرجل معتوه.

غامرتُ بنشر أشرعتي، رغم الضباب الذي يخفي محيط عيني وكامل قامتي، ووزعت أرصفتي وخرائط مدني، على نجمات تضيء في سماء أحلامي المتعثرة.

لم تمهلني بواباتُ الريح، لأصعد على صدر موجة عاتية، تخترق القلبَ من أقصاه إلى أقصاه. لم تمهلني لأغني.

***

أتدحرجُ من أسفل إلى أعلى ، غير مبالٍ بتلك الجاذبية، وكأني أستسلم لغوغائية بليدة، تجوس في داخلي، كالكرة الزئبقية، تلك المتنافرة المتماسكة.

أجل ربما أنا كذلك، متنافر متماسك، متوحد متهالك، أهرب من ظلي إلى الشمس، وأهرب من الشمس إلى غيمة مغامرة، تهوى جنون الريح، وعبث العاصفة.

أقفُ على بُعد أنملة من نجمة، وأستدير، مشغلاً روحي بليل القصيدة البهيم، وأهيمُ في سماء من ورق، بحثاً عن صفحة بيضاء، أرسم عليها ما علق في ذاكرتي لوجهي القديم.

***

ما كنتُ لأعبر خطاً ضئيلاً بين الواقع والمجهول، وليس في الحسبان تجاوز الحلم إلى مدارات التحقق والوجود، وغير ممكن أبداً أن أختصر المسافة بيني وبين القادم البعيد أو القريب.

هكذا كنت، وهكذا سأكون.

ها أنذا الآن أتقوقع وأنفرج في داخل بوصلة غامضة، يشير عقربها المتسكع على ظهرها، كغجرية راقصة، إلى خاصرتي الموبوءة بالحلم، العابث في داخلي كالأرملة المجنونة.

***

أجهل هذا الشعور المتهالك حتى الفناء، وهذا الوقت المتصاعد في داخلي كالفيروس القاتل.

ربما أنا خائف، تتملكني خشية الانتظار، من مجهول أشعر بتربصه الدائم.

ربما، ربما، هناك أشياء كثيرة.

alezzi_musa@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة