تأليف - صفاء محمود عبدالعال:
القاهرة - الدار المصرية اللبنانية 2007
تكاد موضوعات المناهج الإسرائيلية أن تكون مرآة لبشاعة العنصرية نحو الحقوق العربية، وهي تعكس مقولة هيرتزل (إذا حصلت يومًا على مدينة القدس وكنت ما أزال حيا فلن أتوانى لحظة عن إزالة كل شيء ليس مقدسًا فيها لدى اليهود، وسوف أدمر كل الآثار التي مرت عليها قرون). كان هيرتزل يقصد الآثار الإسلامية والمسيحية حسبما يقول شيخ التربويين الدكتور حامد عمار في تقديمه للكتاب، الذي يعرض نصوصًا مما يدرسه تلاميذ المرحلة الابتدائية في المدارس الإسرائيلية في كتب التاريخ والجغرافيا، وجميعها تشير إلى الشعارات التي قامت عليها دولة إسرائيل العنصرية مثل السلام المسلح، القوة فوق الحق، الحزام الأمني الجدار العازل، الحقوق المقدسة للشعب الإسرائيلي وغيرها.
درست المؤلفة ستة عشر كتابا في مناهج الدراسات الاجتماعية وهي التاريخ والجغرافيا المقررة من بداية الصف الثالث حتى السادس الابتدائي، وهي سنوات الحلقة التعليمية الأولى من التعليم الأساسي في إسرائيل، وجميع هذه الكتب باللغة العبرية، منها أحد عشر كتابا في التاريخ وخمسة في الجغرافيا، وهي تضم المفاهيم والمبادئ التي قامت عليها دولة إسرائيل، وهي مبادئ سياسية عنصرية تم تلوينها بمقولات دينية حتى تكتسب قداسة ما في عقول متلقيها، ومنها الادعاء بأن أرض فلسطين كانت منذ أقدم العصور أرض إسرائيل وأن أورشليم كانت عاصمتها التي اختارها الرب لتكون مقرًا للشعب اليهودي بعد الشتات. و قد أمد عدد من فلسطيني 48 المؤلفة بهذه الكتب واستطاعوا تسريبها إليها في القاهرة على الرغم من الحصار المضروب عليهم.
وتشير المؤلفة من واقع تحليلها لهذه النصوص التي أوردت أصولها العبرية، ثم قامت بترجمتها وتحليلها، إلى أن حدود الوطن الإسرائيلي مغيبة، وأنه يمتد من فلسطين إلى سوريا ولبنان ومصر والأردن والعراق، تحت ادعاءات ومزاعم بحقوق تاريخية، وهي مزاعم يتم بثها بإلحاح داخل عقول التلاميذ، حتى يشب هذا النشء وقد ارتبط بالأرض وبالدفاع عنها ومواجهة ما يحيط به من عداء عربي، وهي واحدة من المهام الرئيسية لنظام التعليم في إسرائيل الساعي إلى زراعة بذور الخوف من الآخرين في عقول الصغار، وترسيخ عناصر الكراهية والحقد في وجدانهم، وهي واحدة من الآليات التربوية المهمة التي تشكل بنية التوظيف الاجتماعي للمؤسسات الاستيطانية في إسرائيل بشكل عام.
وتشير المؤلفة بوجه خاص إلى كتاب (أرض الوطن) الذي تراه أخطر هذه الكتب جميعًا في ترسيخ الفكرة العنصرية للدولة الإسرائيلية، ولأنه كذلك، فإنه يدرس للطلاب على مدار عدة سنوات دراسية، كما أنه يدرس خارج قاعات الدرس النظامي، وفي الدراما التليفزيونية، وينسحب الأمر نفسه على كتاب (أرض إسرائيل). وفي السياق ذاته فإن المناهج الدراسية الإسرائيلية كما تشير إلى ذلك النماذج التي قامت المؤلفة بتحليلها، تثير الرغبة في الانقياد للحرب باعتبارها الوسيلة الوحيدة أمام النشء للحصول علي حقوقهم (المشروعة)، ودفاعًا عن أرض الآباء والأجداد.
الجدير بالذكر أن الكتاب (تربية العنصرية في المناهج الإسرائيلية) قد نال جائزة الكويت للبحث العلمي في مجال العلوم الإنسانية.
يقع الكتاب في (23) صفحة من القطع العادي.
